18 أكتوبر 2024
لبنان... استقلال واحد وثلاثة عروض عسكرية!
احتفل لبنان، الأسبوع الماضي، بالذكرى السنوية الثالثة والسبعين لاستقلاله (العيد الوطني) بعرضٍ عسكري نظّمه الجيش اللبناني في بيروت، بحضور رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، فضلاً عن مدعوين عرب وأجانب. واستعرض الجيش، في المناسبة، بعضاً من قوته العسكرية ووحداته القتالية، فكانت المروحيات تجوب سماء العاصمة، وسارت وحدات مدرّعة ومجنزرة أمام المنصّة الرئيسية، كما كان لوحدات المشاة والمدفعية والدفاع المدني حضور في الاستعراض. المهم أنه، بعد غياب عامين لهذا العرض، بسبب شغور موقع رئاسة الجمهورية، عاد العرض هذه السنة بعد انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وقبل يومين من العرض في جادة شفيق الوزان في بيروت، استعرض رئيس حزب التوحيد العربي، النائب السابق وئام وهّاب، ما سمّاها "سرايا التوحيد"، في عرضٍ عسكري كامل سوى إظهار السلاح، حتى أن عناصر "سرايا وهّاب" نفذوا تمارين قتالية، من خلال النزول على الحبال، وهو ما لم ينفذه عناصر الجيش اللبناني في عرضهم العسكري. كان عناصر "سرايا التوحيد" يسيرون بخطوط عسكرية، وبزّات عسكرية، وأوامر عسكرية. كانوا يشبهون الجيش في كل شيء، سوى في شيء واحد، كانوا يخفون وجوههم خلف قبعات سوداء، فيما كان جنود الجيش اللبناني يبرزون وجوههم بوضوح، ومن دون خوف، ويشمخون برؤوسهم إلى الأعلى.
وقبل أيام من العرض العسكري الذي أقامه وهّاب في الجاهلية في الشوف من جبل لبنان (جنوب العاصمة)، كان حزب الله يعلن، في مواقع إلكترونية مقربة منه، أنه استعرض وحداته العسكرية في بلدة القصير السورية، وقد أظهر لأول مرة امتلاكه مدرعات ومجنزرات أميركية الصنع، فضلاً عن أسلحة أخرى صاروخية وغير صاروخية، وقد أعلن، بعد أيام من هذا العرض، نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، أن حزباً بات يمتلك جيشاً قوياً، ثم لاحقاً نفى الحزب هذه المعلومة. وأنكر أن يكون الشيخ قاسم قالها، وإن أقرّ بالاستعراض العسكري، وأكّد مضيّه في الحرب السورية وعدم عودته من هناك إلا بعد انتهائها. المفارقة أن الاستعراض بهذه الطريقة جاء بعيد انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، وقبل أيام من عيد الاستقلال!
لبنان إذاً في أيام قليلة، ومع الذكرى السنوية لاستقلاله، استعرض ما يصحّ قوله، ثلاثة جيوش. الجيش الرسمي الذي يحظى بثقة كل اللبنانيين، وجيش حزب الله الذي نفاه الحزب لاحقاً، وهو أثار زوبعةً من التساؤلات، مع كل مرة يجري الحديث فيها عن سلاح الحزب، سواء في الداخل اللبناني، أو ضمن الأراضي السورية، وجيش وئام وهّاب. والمفارقة أن العرض الأخير كان مصاحباً لأنشودة مبتكرة تقول "نحن جيشك يا وهّاب". وبالطبع، لا يطمئن هذا العرض أيضاً أغلب اللبنانيين، سوى الذين يدينون لوهّاب وداعميه بالولاء.
وجد اللبنانيون، وفي الذكرى الثالثة والسبعين للاستقلال، أنفسهم مرة واحدة أمام ثلاثة عروض عسكرية، وأمام ثلاثة جيوش. واحد شرعي يحظى بثقتهم، ويحمي استقلالهم، هو الجيش اللبناني. وجيشين آخرين أو ربما أكثر، يثيرون الشك والريبة في نفوسهم، وبالتالي، لا يثقون أنهما مصدر اطمئنان أو ثقة لصون استقلال البلد وحفظه.
تأكّد اللبنانيون اليوم، مرّة أخرى، أن استقلالهم غير ناجز، وسيادتهم غير كاملة، وأن الشغور الذي أصاب منصب رئاسة الجمهورية أكثر من عامين وبضعة أشهر هو بفعل هذا الطيف لتلك الجيوش التي تمارس الاستعراضات هنا وهناك، وأن سبب التأخير في تشكيل حكومة العهد الأولى قد يكون أيضاً تلك الجيوش غير الرسمية التي يصل صدى سلاحها إلى كل الآذان، إنْ لم يكن الهدف والرسالة من تلك الاستعراضات هو دفع الآخرين إلى النزول على شروط الجيوش في تشكيل الحكومات.
احتفل اللبنانيون، وهم مغلوبٌ على أمرهم، بالاستقلال، لكنهم يدركون جيداً أن استقلالهم الحقيقي هو يوم تصبح الدولة سيّدة على أرضها، والحكومة سيّدة على قرارها، والجيش الرسمي الحامي الوحيد لحمى الوطن، وفي يوم استقلالهم، سأل بعضهم بعضاً: إلى متى سيبقى التعايش المفروض بالأمر الواقع قائماً بين البندقية الشرعية والبنادق المشرّعة على الفوضى فوق القانون؟!
وقبل يومين من العرض في جادة شفيق الوزان في بيروت، استعرض رئيس حزب التوحيد العربي، النائب السابق وئام وهّاب، ما سمّاها "سرايا التوحيد"، في عرضٍ عسكري كامل سوى إظهار السلاح، حتى أن عناصر "سرايا وهّاب" نفذوا تمارين قتالية، من خلال النزول على الحبال، وهو ما لم ينفذه عناصر الجيش اللبناني في عرضهم العسكري. كان عناصر "سرايا التوحيد" يسيرون بخطوط عسكرية، وبزّات عسكرية، وأوامر عسكرية. كانوا يشبهون الجيش في كل شيء، سوى في شيء واحد، كانوا يخفون وجوههم خلف قبعات سوداء، فيما كان جنود الجيش اللبناني يبرزون وجوههم بوضوح، ومن دون خوف، ويشمخون برؤوسهم إلى الأعلى.
وقبل أيام من العرض العسكري الذي أقامه وهّاب في الجاهلية في الشوف من جبل لبنان (جنوب العاصمة)، كان حزب الله يعلن، في مواقع إلكترونية مقربة منه، أنه استعرض وحداته العسكرية في بلدة القصير السورية، وقد أظهر لأول مرة امتلاكه مدرعات ومجنزرات أميركية الصنع، فضلاً عن أسلحة أخرى صاروخية وغير صاروخية، وقد أعلن، بعد أيام من هذا العرض، نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، أن حزباً بات يمتلك جيشاً قوياً، ثم لاحقاً نفى الحزب هذه المعلومة. وأنكر أن يكون الشيخ قاسم قالها، وإن أقرّ بالاستعراض العسكري، وأكّد مضيّه في الحرب السورية وعدم عودته من هناك إلا بعد انتهائها. المفارقة أن الاستعراض بهذه الطريقة جاء بعيد انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، وقبل أيام من عيد الاستقلال!
لبنان إذاً في أيام قليلة، ومع الذكرى السنوية لاستقلاله، استعرض ما يصحّ قوله، ثلاثة جيوش. الجيش الرسمي الذي يحظى بثقة كل اللبنانيين، وجيش حزب الله الذي نفاه الحزب لاحقاً، وهو أثار زوبعةً من التساؤلات، مع كل مرة يجري الحديث فيها عن سلاح الحزب، سواء في الداخل اللبناني، أو ضمن الأراضي السورية، وجيش وئام وهّاب. والمفارقة أن العرض الأخير كان مصاحباً لأنشودة مبتكرة تقول "نحن جيشك يا وهّاب". وبالطبع، لا يطمئن هذا العرض أيضاً أغلب اللبنانيين، سوى الذين يدينون لوهّاب وداعميه بالولاء.
وجد اللبنانيون، وفي الذكرى الثالثة والسبعين للاستقلال، أنفسهم مرة واحدة أمام ثلاثة عروض عسكرية، وأمام ثلاثة جيوش. واحد شرعي يحظى بثقتهم، ويحمي استقلالهم، هو الجيش اللبناني. وجيشين آخرين أو ربما أكثر، يثيرون الشك والريبة في نفوسهم، وبالتالي، لا يثقون أنهما مصدر اطمئنان أو ثقة لصون استقلال البلد وحفظه.
تأكّد اللبنانيون اليوم، مرّة أخرى، أن استقلالهم غير ناجز، وسيادتهم غير كاملة، وأن الشغور الذي أصاب منصب رئاسة الجمهورية أكثر من عامين وبضعة أشهر هو بفعل هذا الطيف لتلك الجيوش التي تمارس الاستعراضات هنا وهناك، وأن سبب التأخير في تشكيل حكومة العهد الأولى قد يكون أيضاً تلك الجيوش غير الرسمية التي يصل صدى سلاحها إلى كل الآذان، إنْ لم يكن الهدف والرسالة من تلك الاستعراضات هو دفع الآخرين إلى النزول على شروط الجيوش في تشكيل الحكومات.
احتفل اللبنانيون، وهم مغلوبٌ على أمرهم، بالاستقلال، لكنهم يدركون جيداً أن استقلالهم الحقيقي هو يوم تصبح الدولة سيّدة على أرضها، والحكومة سيّدة على قرارها، والجيش الرسمي الحامي الوحيد لحمى الوطن، وفي يوم استقلالهم، سأل بعضهم بعضاً: إلى متى سيبقى التعايش المفروض بالأمر الواقع قائماً بين البندقية الشرعية والبنادق المشرّعة على الفوضى فوق القانون؟!