لبنان: "الداعية اللغز" عمر بكري فستق إلى السجن مجدداً

26 مايو 2014
فستق بعد إطلاق سراحه عام 2010 (فاضل عيتاني/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
أصبح الداعية الإسلامي اللغز، عمر بكري فستق، بين أيدي فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني مجدداً. بعد ملاحقة على مدى أسابيع للشيخ الذي يؤيد تنظيم "القاعدة" علناً، ويبرر أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، ويحرّض بشكل كبير مذهبياً وطائفياً، وعلى العنف ضد الدولة اللبنانيّة، وجرى اعتقال فستق في شقة في مدينة عاليه شرقي بيروت.
يُثير عمر بكري فستق الريبة منذ عاد إلى لبنان من بريطانيا، إثر اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
ويقول فستق إن البريطانيين طردوه، بسبب دوره في تعبئة الشباب المسلم، ورفضه تسليم من يبلّغه نيته القيام بأعمال عنيفة. لم يثق به الإسلاميّون اللبنانيون منذ اليوم الأول. يقول الكثير من هؤلاء إن لا شيء يُؤكّد طرد البريطانيين له. لا بل بعضهم، يُجاهر بأن فستق "عميل" للاستخبارات البريطانية. وتقول بعض المعلومات إنه من مواليد مدينة حلب شمالي سوريا، فيما يُصرّ هو على أنه من مواليد لبنان.

عاد فستق إلى بيروت إذاً، في نهاية عام 2005. سكن في العاصمة اللبنانيّة فترة من الزمن، قبل أن يتجه صوب طرابلس. تواصل مع الإسلاميين، واتهم بالانتماء إلى تنظيم مسلّح وحيازة الأسلحة، وحُكم عليه غيابياً بالسجن مدى الحياة. وتقول مصادر إسلاميّة مطلّعة إن علاقة وثيقة جمعت فستق مع من الأعضاء السوريين في تنظيم "فتح الإسلام".
في نهاية العام 2010، وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني تحديداً، اعتقلت دورية من فرع المعلومات فستق. لم يستطع هذا الجهاز إنهاء تحقيقاته مع معه، إذ أن المحكمة العسكريّة طالبت بإحالته إليها بشكلٍ مستعجل. وهكذا كان. ناشد فستق من سجنه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، من أجل إخراجه من السجن. لم يتأخر نصرالله في الاستجابة. أوكل حزب الله النائب في كتلة "لوفاء للمقاومة" نوار الساحلي للدفاع عنه. أيّام وخرج فستق من السجن ليسجل سابقة في تاريخ أسرع محاكمة في لبنان ربما. قبيل اعتقاله عام 2010، اعتبر فستق أن سبب ملاحقته هي الفتوى التي أصدرها واعتبر فيها أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان غير شرعية.
بعد خروجه من السجن، انتقل فستق إلى طرابلس حيث استقبله حلفاء "حزب الله" في المدينة، مثل الشيخ هاشم منقارة والشيخ بلال شعبان. بقيت علاقة فستق و"حزب الله" على خير ما يرام، حتى انطلاق الثورة السورية، عندما أعلن خلافه مع الحزب وتأييده للثورة السورية.
لكن مواقف فستق في هذه الفترة، والحماية الأمنية التي توفرت له أثارت الكثير من الريبة. فمعظم مواقف فستق صبت في خدمة فريق 8 آذار. وقد يكون هذا السبب الذي دفع وسائل إعلام هذا الفريق على استضافته بشكل شبه دوري. فهو الوحيد بين رجال الدين المسلمين الذي أصدر مواقف ضد زيارة البابا السابق بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان عام 2012. ودعا إلى منعه من زيارة لبنان. كما دعا إلى منع زينة عيد الميلاد ودعا المسلمين في طرابلس إلى عدم رفعها لأنها تجديف. وقد ساعدت هذه المواقف في تظهير طرابلس كـ"قندهار لبنان"، وتخويف المسيحيين من السنة في لبنان. كما أن فستق مسؤول عن تعبئة العشرات من الشبان الذين ذهبوا للقتال في سورية وعادوا جثثاً هامدة أو لم يعودوا، ومنهم لم يصل إلى سورية حياً.

اللافت أن أحداً لم يُلاحق بكري. ومن أكثر الحوادث غرابة عندما أوقف الجيش اللبناني أحد المقربين من فستق، خلال محاولة تهريب السلاح من مخيم عين الحلوة إلى طرابلس. اعترف الموقوف بأنه ينقل السلاح لصالح فستق، لكن اسم الأخير سُحب من ملف التحقيق.
من أكثر الأمور غموضاً في موضوع فستق هو تمويله. تتقاطع المعلومات بأنه كان يمول مجموعات مقاتلة، قد تكون أبرزها مجموعة مؤلفة من نحو خمسين مقاتلاً في طرابلس أعلنت مبايعتها تنظيم "داعش". الأكيد أن لدى فستق موكباً يضم سيارات عدة وفريق مرافقين. ماذا عن تمويلهم؟ لفستق روايتان: في الأولى يقول إن التمويل يأتي من بعض أتباعه في بريطانيا، في مقابل تقديمه دروساً دينية باللغة الإنكليزية عبر الانترنت. وفي الرواية، يقول إن أتباعه في لبنان يمولونه. تُشكك الكثير من المصادر الإسلاميّة في طرابلس بهاتين الروايتين، وتعتبر أن هناك مصدراً خفياً لا يُريد فستق الكشف عنه.
مع بدء تطبيق الخطة الأمنية في مارس/آذار الماضي، عاد فرع المعلومات لملاحقة فستق. فداهم منزله ومنازل المقربين منه، إلى أن أوقفه ليل السبت ــ الأحد. يعتبر فرع المعلومات أن هناك تحقيقاً لم ينتهِ مع عمر بكري فستق. يُريد ضباط الفرع استكمال التحقيق، وقد أُضيفت إليه حالياً ملفات إضافيّة. أبرز هذه الملفات، دوره المحتمل في الربط بين "حزب الله" ومن خلفه إيران وسورية بعدد من المجموعات الإسلاميّة المتشددة.
المساهمون