ونقلت محطة فوكس نيوز الأميركية عن مسؤولين في البنتاغون، رفضوا الكشف عن أسمائهم، قولهم: "إن إعادة النظر جذرياً في الاستراتيجية الأميركية لمحاربة التنظيم ليس ضرورياً، لمجرد الهزيمة في معركة أو معركتين"، معترفين في الوقت عينه بأنّ التطورات الأخيرة، أثّرت سلباً على خطط تحرير الموصل، وتركّز الاهتمام حالياً على حماية بغداد من مقاتلي "داعش".
لكن مسؤولاً عسكرياً رفيع المستوى لمّح إلى مراجعات طفيفة لا تمثّل تغييراً شاملاً في الاستراتيجية، بقوله: "إن إدارة الرئيس باراك أوباما تبحث في تسليح العشائر للمساعدة في استعادة السيطرة على مدينة الرمادي".
وعلى الرغم من صدور نفي مماثل من قبل المتحدث باسم البيت الأبيض، إريك شولتز، في حديثه مع الصحافيين، بأن "لا مراجعة رسمية للاستراتيجية الأميركية" في الوقت الراهن، إلّا أنّ "العربي الجديد" علمت من مصادر مطلعة في البيت الأبيض عقب سقوط الرمادي بأيدي "داعش"، أنّ أوباما اجتمع مع فريقه للأمن القومي وناقش معهم إمكانية إعادة إحياء "صحوة الأنبار"، عن طريق تسليح العشائر في المحافظة، على غرار ما حدث عام 2006 عند مشاركة 30 عشيرة عراقية في إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة بدعم من الجيش الأميركي في العراق آنذاك.
اقرأ أيضاً: "داعش" يسيطر كلياً على مدينة تدمر السورية
لكن مسؤولاً رفيع المستوى في البنتاغون لمّح، لمحطة فوكس نيوز المقرّبة من المؤسسة العسكرية الأميركية، إلى اشتراط الحكومة العراقية، الحليفة لإيران، أن يتم تسليح العشائر عن طريقها، وتحذيرها من أنه "لا يجب أن تذهب هذه الأسلحة مباشرة إلى العشائر السنية". ووصف المسؤول العسكري نقاشات البيت الأبيض بالـ"تكتيكية وليست استراتيجية".
في هذا السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول سياسي أميركي، طلب عدم الكشف عن اسمه، الخميس الماضي، قوله إن الولايات المتحدة تنوي تسليم العراق حوالي ألف صاروخ لتفجير السيارات المفخخة قبل وصولها إلى أهدافها. وأوضح المسؤول أن القرار اتخذ أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى واشنطن في ابريل/ نيسان الماضي. واتضح مدى أهمية القرار بعد استيلاء مقاتلي "داعش" على مدينة الرمادي، بعد أن مهّدوا لذلك بعشرات السيارات المفخخة.
واعتُبرت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على الرمادي، مطلع الأسبوع، أنها أكبر نكسة تتعرض لها الحكومتان العراقية والأميركية منذ حوالي عام. وأظهر الاجتياح مدى ضعف الجيش العراقي وعدم تأثير الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم. لكن مسؤولين عراقيين وأميركيين يعتقدون أن القوات العراقية لم تنهَر تماماً في الرمادي، مثلما حدث في مدينة الموصل العام الماضي، وأن بعض القوات تمكنت من الانسحاب وتقوم حالياً بإعادة تنظيم صفوفها.
اقرأ أيضاً: واشنطن تعتزم تسليم بغداد أسلحة مضادة للدبابات
ولا يزال الجيش الأميركي يحاول مراجعة الأسباب التي أدّت إلى سقوط الرمادي للاستفادة من التجربة. وحمّل رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، العراقيين المسؤولية، مشيراً إلى أنّ القائد الميداني العراقي اتخذ "قراراً أحادي الجانب بالانسحاب السريع إلى موقع ربما كان يعتقد أنّه أكثر تحصيناً".
ويرى مسؤولون آخرون في البنتاغون أنّ من أهم نتائج التطورات الأخيرة، تأخير الخطط العسكرية الهادفة لاستعادة الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، في حين أنّهم يعتبرون أنّ بغداد لا تزال بعيدة عن الخطر، وتملك دفاعات قوية ضد أي غزو محتمل من "داعش".
أمّا في سورية، فقد أُصيب المحللون السياسيون الأميركيون بالصدمة جراء سقوط مدينة تدمر بأيدي "داعش" بعد أقل من أسبوع على سقوط الرمادي في العراق. وتوقع بعض المعلّقين عبر شاشات التلفزة الأميركية أن يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغوط الغربية على النظام السوري، وأن تتحوّل الأنظار إلى نهب "داعش" للآثار أو تدميرها، واقتحام متاحفها ومواقعها الأثرية التي لا تقدّر محتوياتها بثمن.
وكانت وكالات الأنباء قد نقلت عن مصادر سورية أن مقاتلي التنظيم دخلوا المنطقة الأثرية في تدمر بعد أن سيطروا تماماً على المدينة التاريخية الواقعة في وسط سورية، لكن لم ترد أي تقارير حتى الآن عن تدمير للآثار في الساعات الأولى من دخولها.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي ينتزع فيها التنظيم مدينة بشكل مباشر من أيدي الجيش السوري والقوات المتحالفة معه. وذكر التلفزيون السوري، مساء الأربعاء، أن القوات الموالية للحكومة انسحبت بعد أن تمكّنت من إجلاء معظم السكان. ويخشىى آخرون من اختفاء أو سرقة مئات التماثيل التي اعترف النظام السوري بنقلها من مدينة تدمر إلى أماكن أخرى، بقدر ما يخشون على ما تبقى من هذه الآثار.
وبسيطرة التنظيم على مساحات كبيرة من شمال وشرق سورية وأخرى من شمال وغرب العراق، يكون بذلك قد بسط هيمنته على مساحة دولة بأكملها، بما فيها من موارد بشرية واقتصادية.
اقرأ أيضاً: العبادي إلى موسكو لتعويض سلاح سيطر عليه "داعش"