مفارقة عجيبة أن يعد وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، بــ"محاسبة ومعاقبة المتورطين في الاعتداء على الصحافيين" وأن يطالب أي صحافي وقع عليه الاعتداء بتقديم "شكاوى رسمية للوزارة لمتابعة الوقائع بشكل رسمي وقانوني"، خصوصاً أنه قبل يومين كان الوزير نفسه يتحدث عن فشل خطته للترتيبات الأمنية للسيطرة على مليشيات العاصمة. بل كان يشتكي أيضاً من أن مسلحي الأجهزة الأمنية التابعة له سبب في الانفلات وأنهم ليسوا تحت سيطرته. والمفارقة الأكبر تكمن في أن باشاغا لم يجد وسيلة إعلامية يتحدث من خلالها لليبيين سوى قناة ليبية تتواصل مع جمهورها بكامل طاقمها الليبي من خارج البلاد هرباً من الترهيب، ليناقض نفسه مرة أخرى.
دعوة باشاغا للصحافيين كانت على خلفية إشهار قوة تابعة للوزارة السلاح في وجه صحافيين كانوا في تغطية لحفل تخرج دفعة من خفر السواحل بطرابلس، الأسبوع الماضي، بحضور رئيس الحكومة فائز السراج، وباشاغا نفسه، والاعتداء على بعض الصحافيين بالضرب والاحتجاز لساعات. دفع هذا الأمر الصحافيين إلى إطلاق هاشتاغ (وسم) باسم "الصحافي ليس إرهابياً" فضلاً عن الدعوة إلى مقاطعة أنشطة الحكومة وعدم تغطيتها، وتقديم مذكرة احتجاج موقعة من 150 صحافياً لمكتب السراج أثبتت أشكالاً من الترهيب والتضييق الذي يعانيه الصحافي، ليرد المتحدث باسم السراج، محمد السلاك، بذات الوعود، غير عابئ بتقرير المركز الليبي لحرية الصحافة، الذي رافق صدوره الحدث، ويثبت رصد أزيد من 20 اعتداء من منتسبي وزارة الداخلية نفسها خلال 2018.
كيف ستحمي حكومةٌ صحافيين في بلادها وهي من تشترك في التضييق عليهم، والذي لا يتوقف عند اعتداءات المسلحين؟ ألغت إدارة الإعلام الخارجي كل تصاريح العمل السابقة للصحافيين، وفرضت آلية جديدة تتضمن 13 إجراء يتعين على الصحافي توفيرها إذا ما رغب في تغطية نشاط، مختومة من أزيد من ست وزارات وثلاث هيئات حكومية، بدعوى التنسيق مع الجهات الحكومية لحماية المراسل، حتى بات الحصول على بطاقة "صحافي مراسل" حلماً يراود كل صحافي.
أخيراً استحدثت إدارة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية إجراء عجيباً. بعد أن قاطع الكثير من الصحافيين ندوات مسؤولي الحكومة الصحافية، قال مسؤولو الإدارة إنهم سيمنحون أي صحافي يصل لتغطية ندوة صحافية سترة عليها شعار الإدارة وينزعها إذا ما خرج لتبقى مخبأة له في حال جاء مرة أخرى لتغطية حدث آخر.
كيف ستحمي حكومةٌ صحافيين في بلادها وهي من تشترك في التضييق عليهم، والذي لا يتوقف عند اعتداءات المسلحين؟ ألغت إدارة الإعلام الخارجي كل تصاريح العمل السابقة للصحافيين، وفرضت آلية جديدة تتضمن 13 إجراء يتعين على الصحافي توفيرها إذا ما رغب في تغطية نشاط، مختومة من أزيد من ست وزارات وثلاث هيئات حكومية، بدعوى التنسيق مع الجهات الحكومية لحماية المراسل، حتى بات الحصول على بطاقة "صحافي مراسل" حلماً يراود كل صحافي.
أخيراً استحدثت إدارة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية إجراء عجيباً. بعد أن قاطع الكثير من الصحافيين ندوات مسؤولي الحكومة الصحافية، قال مسؤولو الإدارة إنهم سيمنحون أي صحافي يصل لتغطية ندوة صحافية سترة عليها شعار الإدارة وينزعها إذا ما خرج لتبقى مخبأة له في حال جاء مرة أخرى لتغطية حدث آخر.