بعض القرى والأرياف في الجزائر تفتقد حافلات لنقل التلاميذ من وإلى المدارس، ما يضطرهم إلى السير مسافات طويلة. أما الوعود، فيترقب تحقيقها قريباً.
يضطر تلاميذ القرى والأرياف في منطقة بني حواء غرب الجزائر إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى المدارس بسبب غياب حافلات النقل المدرسي، على الرغم من الجهود الحكومية لحلحلة هذه المشكلة وتوفير حافلات.
من قرية ايشلحين وحتى بلدية بني حواء، يقطع سمير، الذي يدرس في الصف الخامس، أربعة كيلومترات قبل الوصول إلى مدرسته، ترافقه غالباً شقيقته الصغيرة أسماء التي تدرس في الصف الثاني، ومجموعة من جيرانه التلاميذ القاطنين في القرية. ليست مخاطر الطريق فقط ما يخيف والد سمير وأسماء، هو الذي يخرج إلى عمله مبكراً، بل قدوم فصل الشتاء وسقوط الأمطار، كما حدث خلال الأيام الأخيرة. إذ يصل تلاميذ القرية إلى المدرسة وفد بللت ثيابهم بشدة، ما لا يساعدهم على الدراسة والتركيز.
واحتجّت عائلات هؤلاء التلاميذ، وتحدثت أخيراً إلى قنوات تلفزيونية عن الظروف الصعبة التي يدرس فيها أطفالهم. وحاولت الوصول إلى رئيس البلدية، لكن الأخير اكتفى بإطلاق وعود بحل المشكلة حال استلام البلدية حافلة جديدة قريباً، تقل التلاميذ من القرى والأرياف إلى المدارس في بلدية بني حواء التي تقع على الحدود بين ولايتي تيبازة والشلف غرب الجزائر. ويقول محمد عباد الذي يسكن القرية: "الأطفال وتلاميذ القرية محرومون من خدمة النقل المدرسي، ويعانون في الشتاء من جراء الأمطار والوحل، والحرارة المرتفعة صيفاً، عدا عن المخاطر الأخرى. بتنا نخشى على أطفالنا يومياً، ونأمل أن يحصل أولادنا على حقهم في النقل المدرسي".
ولا تعدّ ولاية الشلف مثالاً سيّئاً لناحية انعدام أو ضعف حركة النقل المدرسي في مجمل بلدات الولاية، لكنّ بسبب مساحتها وانتشار القرى والبلدات الجبلية في محيطها، تحتاج إلى نحو 120 حافلة نقل. وما زاد من عمق أزمة النقل المدرسي، العجز المالي الذي تعانيه البلديات، بما لا يسمح لها بتوفير حافلات أو موازنات لتوظيف سائقين من أجل التلاميذ، او إصلاح الحافلات التي سبق أن حصلت عليها البلديات قبل سنوات، ما يعيق توفير ظروف مريحة لتلاميذ المناطق النائية للدراسة. من جهة أخرى، فإن عجز البلديات عن ضمان خدمة النقل المدرسي للتلاميذ في ولاية الشلف وغيرها دفع كثيرين إلى الانقطاع عن الدراسة، خصوصاً الفتيات اللواتي ترفض عائلاتهن إرسالهن إلى المدارس بسبب بُعد المسافة.
أفضل من لا شيء (العربي الجديد) |
ويؤكد الأمين المكلف بالعلاقات العامة في المكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بناط يونس، أن النقل المدرسي مشكلة كبيرة يواجهها التلاميذ وأولياء أمورهم. يضيف أن "غياب وسائل النقل ينعكس سلباً على التلاميذ الذين يجدون صعوبة بالغة في التنقل من وإلى مدارسهم، ما يجبر الأهل على تحمّل مصاريف إضافية لتوفير النقل، على الرغم من الوضع الاجتماعي الصعب، ناهيك عن هاجس تعرّضهم لمخاطر على الطريق، خصوصاً في فصل الشتاء، إذ تفرض عليهم الظروف الخروج باكراً من المنزل للالتحاق بالمدارس التي غالباً ما تكون بعيدة عن مقر سكنهم". ويشير إلى أنه "بسبب سير التلاميذ مسافات طويلة للوصول إلى المدرسة، تراجع تحصيلهم الدراسي".
لكن تلاميذ قرى سيدي مجدوب في ولاية المدية، 120 كيلومتراً جنوب العاصمة الجزائرية، الذين عانوا لسنوات من مرارة السير على الأقدام للوصول أولاً إلى محطة الحافلات التي تنقلهم إلى المدارس، باتوا أكثر حظاً من غيرهم، وتغيرت حياتهم اليومية بعدما توفرت لهم حافلات تقلّهم من القرى إلى المدارس، من ضمن خمس حافلات تسلمتها السلطات المحلية من وزارة الداخلية، التي سلمت كدفعة أولى حافلات نقل مدرسي لأكثر من 300 بلدية من مجموع 1541 بلدية.
وخلال العام الدراسي الجديد، قرّرت وزارة الداخلية الجزائريّة اقتناء 3500 حافلة نقل مدرسي لصالح تلاميذ المدارس الابتدائية، خصوصاً في البلدات والمناطق الداخلية. ويقول المدير العام للمالية والوسائل في وزارة الداخلية، يزيد زغبيب، لدى تسليم هذه الحافلات: "الحكومة تنفذ مشروعاً وطنياً للنقل المدرسي يهدف إلى تحسين ظروف ووسائل النقل المدرسي، وفك العزلة عن التلميذ في المناطق النائية، والاستجابة لمعايير الجودة والسلامة العالمية، وتشجيع العمال في البلاد. فمن أصل 3500 حافلة، هناك 2000 حافلة من الشركة الحكومية لتطوير العربات الصناعية و500 حافلة من شركة محلية أخرى. كما تقوم الشركة الجزائرية لصناعة السيارات من علامة مرسيدس بنز، التابعة لوزارة الدفاع، بصناعة ألف حافلة مخصصة للنقل المدرسي. وطورت الشركة مركبات من نوع سبرنتر إلى حافلات نقل مدرسي بـ 24 مقعداً، سلمت منها 150 إلى وزارة الداخلية، التي سلمتها بدورها إلى البلديات.