لا تنظيم للنسل في إيران بعد اليوم

18 ديسمبر 2014
يأمل خامنئي أن يصل عدد المواطنين إلى 150 مليوناً(Getty)
+ الخط -
خلال سنوات طويلة، وتحديداً منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، اتبعت إيران سياسة تنظيم النسل، حيث شجعت مواطنيها على تنظيم النسل وتقليل عدد أفراد الأسرة. وعندما بدأت هذه السياسة تؤتي ثمارها، وجد المتخصصون والباحثون أن لهذه الثمار أضرارها، خاصة أن المجتمع الإيراني يتحول إلى مجتمع كهل، ما جعل المسؤولين يدقون ناقوس الخطر ويتبعون سياسات جديدة لزيادة معدل الولادات.

وبالفعل، أعلن مدير مكتب المعلومات في مؤسسة الأحوال المدنية علي أكبر محزون أن عدد الولادات خلال الأشهر الأخيرة زاد بنسبة 4.1 في المائة، بالمقارنة مع الفترة عينها من العام الماضي. في هذا الإطار، احتلت مدينة قم المرتبة الأولى. في المقابل، ما زال المتخصصون يحذرون من تبعات تنظيم النسل المطبق منذ سنوات. فتناقص عدد السكان خلال السنوات الأخيرة في بلد يقطنه 74 مليون نسمة اليوم، وإن لم يكن حاداً، إلا أنه قد يتسبب في مشاكل كبيرة على المدى البعيد.

أسباب
خلال هذا العام، انخفض معدل الوفيات في إيران بنسبة 1.6 في المائة، بسبب تقدّم العلاجات الطبية. كذلك، سجل مركز الإحصاء 84 حالة زواج كل ساعة في مقابل 17 حالة طلاق، ما يعني ارتفاع معدل الطلاق خلال هذا العام بنسبة 8.5 في المائة بالمقارنة مع العام الماضي. فيما انخفض معدل الزواج بنحو 6.7 في المائة بالمقارنة مع العام الماضي.

تجدر الإشارة إلى أن الجيل الجديد يبدي عدم رغبة في الارتباط أو الزواج، وهو أمر يقلق المعنيين منذ سنوات. فالطلاق أو العزوف عن الزواج يعني انخفاضاً في معدل الولادات.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الشباب يشكلون 40 في المائة من السكان. وخلال السنوات العشر الأخيرة، تناقص عدد المواطنين دون الـ15 عاماً بشكل واضح. ومع استمرار انخفاض أعداد المواليد في مقابل تراجع نسب الوفيات، سيصبح المجتمع الإيراني كهلاً خلال السنوات المقبلة. مشكلة قد تجعل إيران في مقدمة الدول التي تعاني من الكهولة.

وكان المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي قد تطرق إلى الأمر في خطاب علني، لافتاً إلى أنه قد يتحول إلى مشكلة في المستقبل، ودعا إلى زيادة عدد المواليد، آملاً أن يصل عدد الإيرانيين إلى 150 مليونا.

سياسات معدّلة
بدأت السلطات الإيرانية إلغاء سياساتها التي اتبعتها في السابق، للتشجيع على عدم الإنجاب. على سبيل المثال، كان درس تنظيم النسل إجبارياً في الكليات والجامعات الإيرانية خلال الأعوام الماضية، فضلاً عن أن الإيرانيين كانوا مضطرين لحضور دروس حول تنظيم النسل تزامناً مع الفحص الطبي الذي يخضعون له قبل الزواج. حتى إن وسائل منع الحمل كانت توزع بالمجان. لكن تم إلغاء كل شيء بعدما أكد عدد من السياسيين على ضرورة إنجاب المزيد من الأطفال. وتحصل العائلات التي يزيد عدد أطفالها عن ثلاثة على تأمين صحي أو مبالغ مالية، بحسب بعض المواقع الإيرانية.

وفي وقت يؤيد كثيرون الاستمرار في تنظيم النسل بسبب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها البلاد، خاصة الأوضاع المعيشية الصعبة، إلا أن الكفة باتت ترجح لصالح أولئك الذين يؤيدون إلغاء تنظيم النسل في إيران. فتبعات الأمر كثيرة، وستؤثر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

ويرى علماء الاجتماع أن تحول إيران إلى مجتمع هرم يعني تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل. فأن يطغى المسنون على المجتمع، علماً أنهم يحتاجون إلى خدمة ورعاية صحية ورواتب تقاعدية، من دون وجود فئة منتجة، يعني خللاً في التوازن.

وكان مركز الإحصاء الرسمي قد نشر تقريراً أشار فيه إلى أن تناقص عدد السكان في إيران سيجعل 47 في المائة من المواطنين من فئة المسنين، وستزيد النسبة لتصل إلى 61 في المائة خلال السنوات المقبلة. مع هذا، لن يكون إلغاء سياسة تنظيم النسل من أذهان الإيرانيين أمراً سهلاً، خاصة أن كثيرا من العائلات باتت تفضل تأخير الإنجاب.

ويحاول بعض المسؤولين أحياناً إقناع الإيرانيين بأن زيادة الولادات تعني اقتصاداً أفضل في المستقبل، وعدم تحقيق رغبات أعداء إيران الذين يريدون إضعافها.

تجدر الإشارة إلى أن الأرقام بدأت تشير إلى أن المشكلة في تحسن، علماً أن الأمر يتطلب سنوات عدة. وكان مكتب الأمم المتحدة في طهران قد توقع أن يزداد عدد الإيرانيين إلى 85 مليوناً بعد 35 عاما، إذا ما استمرت الحكومة في تشجيع مواطنيها على الإنجاب، وتقديم المحفزات لهم.
دلالات
المساهمون