لا بحر لصيادي المخا

31 مارس 2018
الرزق في البحر والبحر ممنوع عليه (العربي الجديد)
+ الخط -
يشكو مئات الصيادين اليمنيين في مدينة المخا على ساحل البحر الأحمر في محافظة تعز (جنوب غرب اليمن) منعهم من النزول إلى البحر للاصطياد، بالرغم من تحريرها من الحوثيين وسيطرة قوات موالية للشرعية منذ أكثر من عام عليها.

كانت قوات الشرعية بدعم من التحالف العربي قد استعادت سواحل مدينة المخا في يناير/ كانون الثاني العام الماضي، ليحرم الصيادون فيها حتى اليوم من الإبحار وممارسة مهنتهم التي يعتاشون منها. الصياد حسين محمد، أحد هؤلاء، يؤكد أنّهم محرمون من العمل الوحيد الذي يجيدونه في تلك المنطقة. يقول لـ "العربي الجديد": "معاناتنا لا تقل عن تلك المعاناة التي كانت في زمن الحرب مع فارق الأمن والأمان الذي نشعر به اليوم... لا نجد ما نعطيه لأولادنا ليأكلوه باستثناء بعض المساعدات التي نحصل عليها بين الوقت والآخر". يشير إلى أنّ الصيادين باتوا ممنوعين من الإبحار إلاّ بعد موافقة القوات المسيطرة على ميناء المخا. يضيف: "جرى تحويل الميناء إلى ثكنة عسكرية، ولا يُسمح لنا بالصيد إلا مرة واحدة أو مرتين في الأسبوع وهو ما يمنعنا من توفير احتياجاتنا واحتياجات أسرنا".

للأسباب نفسها، وجدت أسرة الصياد، محمد سالم، نفسها تمر بظروف معيشية صعبة بعدما مُنع الأب والأبناء من الصيد باستثناء مرات قليلة في الشهر. يقول سالم: "استبشرنا خيراً من مجيء التحالف العربي، لكنّي لا أعرف أسباب رفضهم نزولنا إلى البحر طوال أيام الأسبوع لنعيش بكرامة، فقد تفاقمت الظروف المعيشية للصيادين هذه الأيام وبات المئات منهم في صفوف البطالة بعدما فقدوا قواربهم، أو توقفوا عن العمل بسبب الخوف من الاستهداف أو منعهم من النزول إلى البحر من قبل القوات التابعة للحكومة الشرعية والتحالف".




يضيف سالم لـ"العربي الجديد": "منذ بداية الحرب التي تشهدها البلاد ونحن نعاني، فإذا توقفت المواجهات والقصف، يرتفع سعر المشتقات النفطية التي تشغل قواربنا، وإذا استقرت الأسعار، تمنعنا السلطات من الإبحار والصيد". يشير إلى أنّ ما يجنيه الصيادون مقابل بيع الأسماك التي يجري اصطيادها في الأيام المسموح بها، لا يكفي حتى لشراء المحروقات للقارب.

وكانت القوات الإماراتية قد اعتقلت الأسبوع الماضي عشرات الصيادين اليمنيين ممن كانوا يتأهبون لممارسة الصيد قبالة سواحل مدينة المخا. واحتجزت القوات الإماراتية 30 قارب صيد على متنها عشرات الصيادين جرت مطاردتهم، واحتجز بعضهم لأكثر من ست ساعات، ثم أطلق سراحهم بعد أخذ تعهدات منهم بعدم الاصطياد.

مسؤول محلي في المدينة يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ قوات التحالف وأغلبها إماراتية ترجع منع الصيادين من النزول إلى البحر لأسباب أمنية. يقول: "نفذت هذه القوات حملات اعتقال طاولت عشرات الصيادين في سواحل المدينة، لكنّها حتى اليوم لم تعطِ هؤلاء الصيادين بديلاً". يشير إلى أنّ القوات حولت الميناء إلى معسكر كبير فيه من التحصينات والمعدات والقوارب الحربية الكثير، ولا يسمح حتى للصيادين بالعبور من أمامه لممارسة أعمالهم.

يضيف المسؤول، الذي اشترط عدم الإشارة إلى اسمه، أنّ الصيادين لا يريدون مساعدات بين الفترة والأخرى، بل حلولا جذرية تمكّنهم من مزاولة أعمالهم، فمن غير الطبيعي أن تفشل قوات التحالف في ايجاد حلول لهم منذ تحرير المدينة حتى اليوم". يلفت إلى أنّ المواطنين يثمنون ما قدمته قوات التحالف من أجل تحرير مناطقهم، ويتفهمون الدوافع الأمنية "لكن، لا بدّ من حلول تضمن للصيادين تأمين معيشتهم".




قبل الحرب، كانت صادرات اليمن من الأسماك تحتل المرتبة الثانية بعد صادراتها النفطية. وبحسب "الاتحاد التعاوني السمكي"، بات نحو سبعة آلاف صياد يمني عاطلين عن العمل منذ بداية الحرب، علماً أنّ أكثر من 350 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على صيد السمك.

ليست لديهم خيارات بديلة
يؤكد الموظف في مكتب المالية في مدينة المخا، أديب سعيد، لـ"العربي الجديد"، أنّ توقف الحركة التجارية في ميناء المدينة منذ عام 2000، دفع معظم سكانها إلى العمل في قطاع الصيد بعدما كان خيارهم شبه الوحيد. لكنّ القوات الإماراتية بعد دخول المدينة "جمعت القوارب وأرسلتها بعيداً عن الميناء لدواعٍ أمنية، كما أفرغت ساحل العروك من قواربهم، وهو أهم مواقع الصيد لدى الأهالي".