لاغيرباك يقود الحلم الأيسلندي..الكرة بوابة رجال الثلج نحو أوروبا

05 يونيو 2016
المدرب الذي صنع أمجاد أيسلندا (العربي الجديد/ غيتي)
+ الخط -

وصلت أيسلندا إلى بطولة يورو 2016 في واحدة من أكبر مفاجآت التصفيات، خصوصا في ظل تواجدها ضمن مجموعة نارية ضمت جمهورية التشيك، وهولندا، وتركيا، ليخطف رجال المدرب الخبير لارس لاغيرباك البساط من تحت أقدام الجميع، وينتزعوا البطاقة الثانية في المجموعة، ليتم إرسال تركيا إلى الملحق، وهولندا إلى أمستردام في أكبر صدمة قبل الكأس الأوروبية.

الوطنية الكروية
"لا نملك لاعبين أصحاب مهارة فقط، ولكنهم أصحاب منهج وشخصية رائعة. والأهم أنهم يملكون ولعاً كبيراً في العودة إلى أوطانهم وارتداء قميص منتخبهم الوطني. وإنني فخور بما حققوه حتى الآن في التصفيات، وآمل ألا نتوقف عند هذا الحد"، يتحدث لارس لاغيرباك المدير الفني لمنتخب أيسلندا عن لاعبيه، واصفا إياهم بأفضل تعبير ممكن، إنهم مجموعة عادية من النجوم، لكنهم يتخذون من هذه اللعبة وسيلة رئيسية في إيصال بلادهم إلى العالمية الكروية.

تمثل الرياضة جزءا مهما من الثقافة الأيسلندية، يعشق الشعب هناك نوعاً من أنواع المصارعة يعتقد أن أصولها ترجع إلى العصور الوسطى. بينما تحصل الرياضات الشعبية الأخرى؛ كرة القدم وألعاب القوى وكرة السلة وكرة اليد، على اهتمام خاص، لكن الشيء المؤكد أن كرة اليد هي اللعبة الشعبية الأهم، حيث إن فريق أيسلندا أحد فرق القمة في تلك اللعبة عالمياً.

بينما تقوم لاعبات كرة القدم بأداء جيد مقارنة بحجم البلد، لذلك يأتي تطور منتخب الرجال بمثابة العلامة الناجحة في هذه الأنحاء، لأن الكرة في النهاية هي اللعبة الشعبية الأولى عالمياً، وبطولات بحجم اليورو وكأس العام بمثابة البوابات العملاقة التي يمر منها الأيسلنديون إلى العالم الموازي.

طريق طويل
صعد المنتخب الأيسلندي إلى النهائيات بعد حصوله على 20 نقطة، من مجموع 6 انتصارات وتعادلين، ليصل إلى اليورو بعد مباريات إعجازية، خصوصا أمام الطواحين الهولندية، ويحقق المدرب الخبير لاغيرباك ما عجز عنه في تصفيات كأس العالم 2014، حينما حقق المفاجأة ونجح في الوصول إلى الملحق الأخير، قبل أن يخسر أمام الكروات بمجموع المباراتين، ويفشل في السفر إلى البرازيل.

لارس لاغيرباك مدرب سويدي عتيق، من أنصار المدرسة الكلاسيكية القديمة، واشتهر أوروبيا من خلال تدريبه لمنتخب بلاده حتى عام 2009، قبل أن يخوض مغامرة أفريقية مع النسور الخضر في نيجيريا، لكنه رفض الاستمرار داخل أدغال القارة السمراء، ليعتذر عن الاستمرار معهم ويعود إلى القارة العجوز، من خلال بوابة أيسلندا، ليعتقد بعضهم أنه في مهمة استجمام في آخر فتراته الفنية، لكنه رد على طريقته الخاصة، وحقق مجدا لن ينساه أبدا جمهور هذا البلد الصغير حجما وسكانا وإنجازات كروية.

الأسلوب السويدي
يتبع لاغيرباك الأسلوب الاسكندنافي في التدريب، من خلال الطابع الإنجليزي الشهير بالاعتماد على الكرات العالية، واللجوء إلى ألعاب الهواء والضربات الرأسية، مع مزج هذه الأدوات بالانضباط الدفاعي الكامل، واللجوء إلى المرتدات السريعة والهجمات الخاطفة من الحالة الدفاعية إلى مناطق الهجوم.

يعمل لارس كثيرا مع مهاجميه، من خلال زيادة الحس التهديفي لديهم، بالتدريب على الضربات الثابتة، واستغلال الركنيات قدر المتاح، مع التركيز على الأسلوب العمودي الذي ينص على تناقل الكرات بطريقة مباشرة تجاه مرمى المنافس. ويؤمن السويدي العجوز بمقولة "الدفاع خير وسيلة للهجوم"، لذلك يحرص على تأمين مناطقه الخلفية، بإغلاق المسافات في وبين الخطوط، وبقاء فريقه متحدا قدر المستطاع أمام الفرق الهجومية.

نجح الأسلوب السويدي باقتدار في الملاعب الأيسلندية، وساعدت لاغيرباك في ذلك القوة البدنية التي يملكها معظم لاعبي المنتخب، وقلة مهاراتهم الفنية مقارنة بالوفرة اللياقية. ومع تواجد الفريق في مجموعة تضم البرتغال، والنمسا، والمجر، فإن كل شيء وارد في النهائيات المنتظرة.

طريقة اللعب
يلعب المنتخب الأيسلندي بخطة مزيج بين 4-4-2 الجوهرة و 4-2-3-1، من خلال تأمين منطقة الدفاع برباعي صريح في العمق وعلى الأطراف، مع العودة المستمرة من لاعبي الوسط والأجنحة، ليدافع الفريق بثمانية لاعبين من دون الكرة، في نسخة مشابهة لما يقدمه أتليتكو مدريد مع سيميوني في إسبانيا وأوروبا.

وتتحول الطريقة الدفاعية إلى هجوم منظم عند الاستحواذ، من خلال الاعتماد على لاعب الوسط غيلفي سيغوردسون نجم سوانزي في المركز 10، أمام ثنائي محوري في منطقة الوسط بقيادة هالفريدسين وأرون غونارسون، لاعب الارتكاز المهم جدا في خلطة المدرب السويدي، لأنه يعود كثيرا للخلف ويدعم الدفاع باستمرار كلاعب ليبرو حر في نصف ملعبه.

وإذا كان سيغوردسون هو أهم لاعب في المنتصف، فإن هداف الفريق سيغثورسون هو الأمل الحقيقي داخل منطقة الجزاء، لأنه يمثل باختصار شديد أسلوب مدربه لارس لاغيرباك، من خلال استغلال أنصاف الفرص وترجمتها إلى أهداف داخل الشباك، لذلك لا يصل المنتخب الأيسلندي كثيرا إلى مرمى منافسيه، لكنه لا يرحم أبدا عندما يقترب من أماكن الخطورة.

ومع هذه الأسماء غير المعروفة كثيرا، يبقى إيدور غوديونسن لاعب برشلونة وتشيلسي السابق أشهر اسم في كتيبة أيسلندا، النجم الكبير الذي اختاره المدير الفني لكي يكون قائده ومساعده داخل وخارج الملعب، في مغامرة يُسمح فيها بكل السيناريوهات المتاحة.

المساهمون