01 ابريل 2017
.. لأن عزمي بشارة نفى المنفى
يثير إعلان وزير الداخلية الإسرائيلي المغربي الأصول، أريه مخلوف درعي، أنه باشر عمليا إجراءات وخطوات أولية لإسقاط الجنسية عن المفكر العربي الفلسطيني، عزمي بشارة، عدة تساؤلات، أهمها: لماذا الآن، والتعديل الخاص للقانون لإتاحة سحب الجنسية عن بشارة قد مرّ، بعد مخاص عشر سنوات، منذ عدة أشهر؟ كما يثير الإعلان سؤالا آخر: ما الذي تجنيه إسرائيل من هذا الإجراء، والرجل يعيش في "منفاه"، منذ أكثر من عقد، والملف الأمني ضده على ما هو عليه؟
كل من يتمعن في عنوان كتاب "في نفي المنفى"، وهو فصول من سيرة عزمي بشارة، المفكر العربي، ولكن أيضا القائد السياسي الذي طوَّع السياسة في الداخل الفلسطيني أداة لتحقيق الفكر، وحول الفكر من مقولات فلسفية إلى بوصلة، إن لم تكن بوصلات موجهة إلى العمل السياسي اليومي، يدرك أن عنوان الكتاب نفسه يكشف سر الإصرار الإسرائيلي على مطاردة عزمي بشارة، حتى بعد خروجه إلى المنفى القسري في مارس/ آذار من العام 2007، وهو وراء مثابرة المؤسستين، السياسية والأمنية الإسرائيليتين على حد سواء، على إيجاد وسيلة ومخرج يمكّنهما من القضاء على ظاهرة عزمي بشارة، بكل ما تعنيه هذه الظاهرة، وبكل ما تمثله، حتى لا تتكرّر، وخصوصا أنهما فشلتا في ترويض الرجل، بينما نجحتا في ترويض آخرين. فقد ظنت إسرائيل أن بشارة بخروجه إلى المنفى القسري، قد أزاح عن كاهلها عبئا، وأن مصيره لن يكون مغايرا لمصير رموز لشعوب أخرى، طاردها المحتل والمستعمر حتى طردها من وطنها لتعيش في المنفى حال غربة ووحدة مصحوبتين بكآبة شديدة، قوامها الأساسي الحنين إلى "أيام خلت". لكن بشارة فاجأ إسرائيل، كما كان يفعل دائما، وفي كل مرة كانت مفاجأته لها أشدّ عليها من وقع الحسام المهند، وكلما سدوا طاقة فتح عليهم طاقة جديدة.
لم يسارع عزمي بشارة، بعد الخروج إلى المنفى، إلى الانكسار، ولا إلى كتابة مذكرات لبيعها، بل ظل يقف لهم بالمرصاد، على علاقة مع "أهل البلد" الذي ظل قلبه عليهم، على الرغم من
الخروج إلى "المنفى" الذي سرعان ما اتضح أنه وطن عربي واسع. هموم المثقف الوطني والحقيقي فيه لا تقل عن هموم المثقف في وطنه الصغير، بل تأخذ أبعادا وأوجها جديدة، كان بشارة أسرع في حملها مرة أخرى، ليس بدلا من همومه السابقة، بل إلى جنب همومه السابقة.
خرج بشارة من أرضه ووطنه الفلسطيني إلى وطنه العربي، ليس لسبب، سوى لأنه رفض قيودا حاولت إسرائيل فرضها على ساسة فلسطينيي الداخل. وقد قبل بعضهم بها، وسار على هديها، حتى يومنا، ولأنه في طريق رفضه لها نسف جسورا إسرائيلية، توهم الاحتلال أن العرب، ومن ينفذ منهم بفكره وميراثه الوطني والقومي إلى بلاد العرب، سيمدّها لهم. نسف بشارة كل هذه الجسور الإسرائيلية، حتى قبل أن يصل إلى الكنيست، عندما كان عربٌ عندنا في الداخل الفلسطيني يبنون جسور تطبيع، واستكشافا في أوطان العرب القريبة، على هدي مسيرة سلمية واتصالات دولية وتحركات دبلوماسية. ولم يشارك مثلا في وفود "رسمية للتعزية"، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، إسحق رابين، ولا أحد غيره، هو من طالب بفتح الباب أمام هذه الوفود مثلا، عند مصرع باسل الأسد في سورية. وفي المقابل، زار عزمي بشارة بيوت العرب وعواصمهم على رأس وفود شعبية بالمئات، من دون إذن السلطات الإسرائيلية، وعلى الرغم من أنفها. هكذا كان في حالة زيارات الأقارب في العام 2000، والتي جمعت لأول مرة بين أبناء فلسطين مع أهاليهم في مخيمات اللجوء. وهكذا كان في 2006، عندما ترأس وفد حزب التجمع الوطني الديمقراطي وأعضاء الكتلة البرلمانية للحزب الذي قاده بكل شموخ إلى الضاحية الجنوبية في بيروت.
نسف بشارة مقولات وقوالب حاولت إسرائيل صنعها للساسة الفلسطينيين في الداخل، وأثبت أنه يمكنك أن تكون نائبا في البرلمان، من دون أن تبحث عن العلاقات العامة والتحيات والصداقات والمجاملات. ذكَّر المحتلين بحقيقتهم، مجترحا مقولات سيرددها ويرددها اليوم من كانوا يتهمونه بالتطرّف القومي، ولا يزالون: قال بشارة، وكان على ما أذكر أول من قال: إسرائيل هي التي هاجرت إلينا، ونحن لم نهاجر إليها، وهو قولٌ تترتب عليه نتائج مهمة وبالغة الخطورة، في صقل شخصية الفلسطيني ونفسيته في الداخل، بينما يواجَه بمقولات العنصرية الإسرائيلية، هذه دولة يهودية، لأنه يقول لهم إن هذه الدولة هاجرت إلينا، ونحن لم نهاجر إليها، أي نحن أصحاب الحق هنا، ونحن أصحاب البلاد، وهذا هو الأساس من صاحب الأرض ومن صاحب البلد. وعندما عايروه بأنظمة الاستبداد العربية، رد عليهم مرة أخرى بما لم يتوقعوه: خذوا ديمقراطيتكم، وأعيدوا إلينا أرضنا... فبهتوا.
بُهت الإسرائيليون كلما كان عزمي بشارة يعرّيهم، سواء في الكنيست، أم في الإعلام، أم في الأكاديميا... كظموا غيظهم، من دون أن يوقفوا محاولاتهم لمنعه من مزاولة السياسة. حاولوا منعه من الترشح للكنيست. وبعد أن أقرّ رئيس لجنة الانتخابات للكنيست، قاضي المحكمة العليا، عام 2003، ميشيل حيشين، أن بشارة يتمتع بنزاهة واستقامة ثقافية وفكر متماسك، وأن الادّعاءات ضده واهية، اتجهوا إلى تلفيق ملف أمني ضده، فالأمن في إسرائيل بقرة مقدّسة، ولن يستطيع أحد أن يرفع عقيرته احتجاجا ضد إجراءات تتعلق بالأمن والأمن القومي، وخصوصا أن الرجل لم "يخفف" ولم يعدل، لا من سلوكه العملي، ولا من تصريحاته، كالتي أطلقها في أم الفحم بعد الاحتفاء بنصر المقاومة في لبنان واندحار إسرائيل منه، وتلك التي أطلقها بعد ذلك في الضاحية الجنوبية عندما زارها إبان العدوان على لبنان.
ولم يخفف الرجل شيئا من هجومه، ولا من مواقفه، عندما وقف مرة أخرى، في المنفى، مع شعبه في أثناء عدوان "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة عام 2008، وعندما عرّى علنا وعلى رؤوس الأشهاد، ليس فقط جرائم حرب إسرائيل، وإنما أيضا تواطؤ الجانب الفلسطيني الذي أفشل تقرير غولدستون. وعندما صعدت إسرائيل من محاولات التقاسم الزماني والمكاني ومخططاته عام 2014، كان بشارة في طليعة من أوضحوا، في مقابلاتٍ ومقالاتٍ كثيرة، بعض خفايا هذا المخطط.
لم تنس إسرائيل هذا كله، وراكمت مشاعر الغضب ضد عزمي بشارة الذي اتهمته، مثلا، عبر وسائل إعلامها وسياسييها، بأنه كان من المؤثرين في طرح المبادرة القطرية التركية لوقف إطلاق النار خلال العدوان على غزة.
لهذا كله، لم تنس إسرائيل أن لها ثأرا.. نعم ثأرا، فهي دولة على الرغم من اعتمادها الحداثة والتطور التكنولوجي، إلا أنها لا تترك ثأرا لها، وكان ثأرها عزمي بشارة، في حربٍ لم تنته
بينها وبينه، لأن الرجل، حتى في خروجه إلى المنفى "الجغرافي" خارج الحدود فتح حدودا جديدة، وأطلّ على أهله وشعبه وقضاياهم من عواصم العرب. يكرّر ما كان قد رسخه في السابق من حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال بمناهضة الاحتلال ومقاومته، بكل الطرق المشروعة والمتاحة. وهو موقف ترجمته إسرائيل مباشرة إلى تحريض عليها، لأنها تدرك في نفسها أنها قوة احتلال، بل هي، وفق تعبير اجترحه بشارة أيضا، (قبل غيره، عندما بدا أن الناس نسيت حقيقة إسرائيل)، آخر حالة استعمار، وتجسيد لأكبر عملية سطو في التاريخ.
أطلق بشارة، من خارج حدود وطنه الصغير، في ما تخيل الاحتلال أنه سيكون منفاه، نهضة فكرية وحقوقية في الوعي العربي العام، عند تأسيسه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. واستطاع أن يكون، في الوقت نفسه، نقطة ضوء، وسندا لجيل عربي كامل، كان ولا زال ينشد الحرية في وطنه تحت أنظمة استبدادٍ لم تتورّع عن شيء، لكن بشارة كان في مقدمة من وقفوا إلى جانب ملايين الثائرين العرب على الظلم والاضطهاد، موقنا أنه لا يمكن للإنسان أن يكون قوميا حقيقيا ووطنيا، ما لم يكن ديمقراطيا ويساند الشعوب، لا الأنظمة.
ولإسرائيل غاية أخرى من "الثأر"، هي ترويض من بقوا من قيادات سياسية في الداخل الفلسطيني، والتهديد بترحيلها، بالاعتماد على السابقة التي تأمل حكومة إسرائيل بتكريسها، في حال أسقطت الجنسية عن عزمي بشارة، فهي تتوعد مثلا الشيخ رائد صلاح، حيث صدرت تصريحات كثيرة في هذا السياق عن وزيري الحرب أفيغدور ليبرمان والأمن الداخلي جلعاد أردان.
كل من يتمعن في عنوان كتاب "في نفي المنفى"، وهو فصول من سيرة عزمي بشارة، المفكر العربي، ولكن أيضا القائد السياسي الذي طوَّع السياسة في الداخل الفلسطيني أداة لتحقيق الفكر، وحول الفكر من مقولات فلسفية إلى بوصلة، إن لم تكن بوصلات موجهة إلى العمل السياسي اليومي، يدرك أن عنوان الكتاب نفسه يكشف سر الإصرار الإسرائيلي على مطاردة عزمي بشارة، حتى بعد خروجه إلى المنفى القسري في مارس/ آذار من العام 2007، وهو وراء مثابرة المؤسستين، السياسية والأمنية الإسرائيليتين على حد سواء، على إيجاد وسيلة ومخرج يمكّنهما من القضاء على ظاهرة عزمي بشارة، بكل ما تعنيه هذه الظاهرة، وبكل ما تمثله، حتى لا تتكرّر، وخصوصا أنهما فشلتا في ترويض الرجل، بينما نجحتا في ترويض آخرين. فقد ظنت إسرائيل أن بشارة بخروجه إلى المنفى القسري، قد أزاح عن كاهلها عبئا، وأن مصيره لن يكون مغايرا لمصير رموز لشعوب أخرى، طاردها المحتل والمستعمر حتى طردها من وطنها لتعيش في المنفى حال غربة ووحدة مصحوبتين بكآبة شديدة، قوامها الأساسي الحنين إلى "أيام خلت". لكن بشارة فاجأ إسرائيل، كما كان يفعل دائما، وفي كل مرة كانت مفاجأته لها أشدّ عليها من وقع الحسام المهند، وكلما سدوا طاقة فتح عليهم طاقة جديدة.
لم يسارع عزمي بشارة، بعد الخروج إلى المنفى، إلى الانكسار، ولا إلى كتابة مذكرات لبيعها، بل ظل يقف لهم بالمرصاد، على علاقة مع "أهل البلد" الذي ظل قلبه عليهم، على الرغم من
خرج بشارة من أرضه ووطنه الفلسطيني إلى وطنه العربي، ليس لسبب، سوى لأنه رفض قيودا حاولت إسرائيل فرضها على ساسة فلسطينيي الداخل. وقد قبل بعضهم بها، وسار على هديها، حتى يومنا، ولأنه في طريق رفضه لها نسف جسورا إسرائيلية، توهم الاحتلال أن العرب، ومن ينفذ منهم بفكره وميراثه الوطني والقومي إلى بلاد العرب، سيمدّها لهم. نسف بشارة كل هذه الجسور الإسرائيلية، حتى قبل أن يصل إلى الكنيست، عندما كان عربٌ عندنا في الداخل الفلسطيني يبنون جسور تطبيع، واستكشافا في أوطان العرب القريبة، على هدي مسيرة سلمية واتصالات دولية وتحركات دبلوماسية. ولم يشارك مثلا في وفود "رسمية للتعزية"، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، إسحق رابين، ولا أحد غيره، هو من طالب بفتح الباب أمام هذه الوفود مثلا، عند مصرع باسل الأسد في سورية. وفي المقابل، زار عزمي بشارة بيوت العرب وعواصمهم على رأس وفود شعبية بالمئات، من دون إذن السلطات الإسرائيلية، وعلى الرغم من أنفها. هكذا كان في حالة زيارات الأقارب في العام 2000، والتي جمعت لأول مرة بين أبناء فلسطين مع أهاليهم في مخيمات اللجوء. وهكذا كان في 2006، عندما ترأس وفد حزب التجمع الوطني الديمقراطي وأعضاء الكتلة البرلمانية للحزب الذي قاده بكل شموخ إلى الضاحية الجنوبية في بيروت.
نسف بشارة مقولات وقوالب حاولت إسرائيل صنعها للساسة الفلسطينيين في الداخل، وأثبت أنه يمكنك أن تكون نائبا في البرلمان، من دون أن تبحث عن العلاقات العامة والتحيات والصداقات والمجاملات. ذكَّر المحتلين بحقيقتهم، مجترحا مقولات سيرددها ويرددها اليوم من كانوا يتهمونه بالتطرّف القومي، ولا يزالون: قال بشارة، وكان على ما أذكر أول من قال: إسرائيل هي التي هاجرت إلينا، ونحن لم نهاجر إليها، وهو قولٌ تترتب عليه نتائج مهمة وبالغة الخطورة، في صقل شخصية الفلسطيني ونفسيته في الداخل، بينما يواجَه بمقولات العنصرية الإسرائيلية، هذه دولة يهودية، لأنه يقول لهم إن هذه الدولة هاجرت إلينا، ونحن لم نهاجر إليها، أي نحن أصحاب الحق هنا، ونحن أصحاب البلاد، وهذا هو الأساس من صاحب الأرض ومن صاحب البلد. وعندما عايروه بأنظمة الاستبداد العربية، رد عليهم مرة أخرى بما لم يتوقعوه: خذوا ديمقراطيتكم، وأعيدوا إلينا أرضنا... فبهتوا.
بُهت الإسرائيليون كلما كان عزمي بشارة يعرّيهم، سواء في الكنيست، أم في الإعلام، أم في الأكاديميا... كظموا غيظهم، من دون أن يوقفوا محاولاتهم لمنعه من مزاولة السياسة. حاولوا منعه من الترشح للكنيست. وبعد أن أقرّ رئيس لجنة الانتخابات للكنيست، قاضي المحكمة العليا، عام 2003، ميشيل حيشين، أن بشارة يتمتع بنزاهة واستقامة ثقافية وفكر متماسك، وأن الادّعاءات ضده واهية، اتجهوا إلى تلفيق ملف أمني ضده، فالأمن في إسرائيل بقرة مقدّسة، ولن يستطيع أحد أن يرفع عقيرته احتجاجا ضد إجراءات تتعلق بالأمن والأمن القومي، وخصوصا أن الرجل لم "يخفف" ولم يعدل، لا من سلوكه العملي، ولا من تصريحاته، كالتي أطلقها في أم الفحم بعد الاحتفاء بنصر المقاومة في لبنان واندحار إسرائيل منه، وتلك التي أطلقها بعد ذلك في الضاحية الجنوبية عندما زارها إبان العدوان على لبنان.
ولم يخفف الرجل شيئا من هجومه، ولا من مواقفه، عندما وقف مرة أخرى، في المنفى، مع شعبه في أثناء عدوان "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة عام 2008، وعندما عرّى علنا وعلى رؤوس الأشهاد، ليس فقط جرائم حرب إسرائيل، وإنما أيضا تواطؤ الجانب الفلسطيني الذي أفشل تقرير غولدستون. وعندما صعدت إسرائيل من محاولات التقاسم الزماني والمكاني ومخططاته عام 2014، كان بشارة في طليعة من أوضحوا، في مقابلاتٍ ومقالاتٍ كثيرة، بعض خفايا هذا المخطط.
لم تنس إسرائيل هذا كله، وراكمت مشاعر الغضب ضد عزمي بشارة الذي اتهمته، مثلا، عبر وسائل إعلامها وسياسييها، بأنه كان من المؤثرين في طرح المبادرة القطرية التركية لوقف إطلاق النار خلال العدوان على غزة.
لهذا كله، لم تنس إسرائيل أن لها ثأرا.. نعم ثأرا، فهي دولة على الرغم من اعتمادها الحداثة والتطور التكنولوجي، إلا أنها لا تترك ثأرا لها، وكان ثأرها عزمي بشارة، في حربٍ لم تنته
أطلق بشارة، من خارج حدود وطنه الصغير، في ما تخيل الاحتلال أنه سيكون منفاه، نهضة فكرية وحقوقية في الوعي العربي العام، عند تأسيسه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. واستطاع أن يكون، في الوقت نفسه، نقطة ضوء، وسندا لجيل عربي كامل، كان ولا زال ينشد الحرية في وطنه تحت أنظمة استبدادٍ لم تتورّع عن شيء، لكن بشارة كان في مقدمة من وقفوا إلى جانب ملايين الثائرين العرب على الظلم والاضطهاد، موقنا أنه لا يمكن للإنسان أن يكون قوميا حقيقيا ووطنيا، ما لم يكن ديمقراطيا ويساند الشعوب، لا الأنظمة.
ولإسرائيل غاية أخرى من "الثأر"، هي ترويض من بقوا من قيادات سياسية في الداخل الفلسطيني، والتهديد بترحيلها، بالاعتماد على السابقة التي تأمل حكومة إسرائيل بتكريسها، في حال أسقطت الجنسية عن عزمي بشارة، فهي تتوعد مثلا الشيخ رائد صلاح، حيث صدرت تصريحات كثيرة في هذا السياق عن وزيري الحرب أفيغدور ليبرمان والأمن الداخلي جلعاد أردان.