كيف ينظّم حراك الجزائر التضامن مع الموقوفين؟

04 فبراير 2020
أبقت السلطات على ناشطين بارزين في السجن(رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -
منذ حدوث "انفصال سياسي" بين الجيش والحراك الشعبي في الجزائر، شهر يوليو/تموز الماضي، عادت السلطة إلى انتهاج أساليب بوليسية، بتنفيذ حملة اعتقالات تطاول أبرز الناشطين والوجوه المؤثرة في الحراك، مركزياً في العاصمة أو محلياً في الولايات. لكن هذه الاعتقالات لها تداعيات متعددة على الناشطين وعائلاتهم، ففيما يواجه الناشطون مصاعب في العودة إلى عملهم، يسهر ناشطو الحراك على تأمين احتياجات عائلات الناشطين المعتقلين حتى الآن، ما يساهم في رفع معنوياتهم حتى وهم داخل السجون.

بشكل غير معلن، يُنظّم الحراك الشعبي في الجزائر نفسه على صعيد توفير الدعم الاجتماعي والمادي بالقدر الممكن للناشطين المفرَج عنهم والذين يكونون في حالة بطالة مؤقتة، ودعم عائلات الموقوفين الذين ما زالوا في السجون. يتفقد الناشط عبد الوكيل بلام، وسفيان هداجي، والناشط الحقوقي عبد الغني بادي، عائلة الناشط المعتقل سمير بلعربي ويزورن أهله ووالدته لرفع معنوياتهم، ويزوّدون العائلة بما تحتاج لإعالة نفسها، في حركة تكافلية تعطي صورةً رائدة عن تشابك كبير بين المجموعات النضالية ومكونات الحراك الشعبي، تولي الاهتمام لجانب التضامن الاجتماعي.

يقول الناشط البارز في الحراك الشعبي، سفيان هداجي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التضامن بين الناشطين في الحراك الشعبي مسألة واجبة، ولا يتعلق الأمر بالجانب المادي فقط، ولكن من كل الجوانب المعنوية أيضاً. فنعتبر أنّ ذلك واجب أخلاقي وجزء من الروح النضالية، يتعين علينا أداؤه حتى لا يكون أي ناشط أو عائلته في احتياج".

وينظم ناشطو الحراك أنفسهم في مجموعات تسهر على تجميع تبرعات مالية تطوعية يتكفل ناشطون بتوزيعها حسب الحاجة على عائلات الناشطين الموقوفين، ولا يتم الإعلان عن ذلك من جانب حفظ كرامة الموقوفين وعائلاتهم، كما تصل معونات مالية من متبرعين ومتضامنين مع الحراك الشعبي من جزائريين يقيمون في الخارج، ضمن حركة تضامنية رفيعة.

وإضافةً إلى هذه المجموعات، تسهر لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي على تسجيل ورصد أسماء الناشطين الموقوفين، وتجميع المعلومات عن أوضاعهم داخل السجن، واحتياجاتهم والسعي لتأمينها، خاصة بالنسبة للسجناء الذين يتم اعتقالهم في مناطق بعيدة عن مناطقهم الأصلية. وتقول صحافية ناشطة، رفضت الكشف عن اسمها، "سبق أن انتبهنا إلى أنّ أحد الناشطين واسمه حكيم تم اعتقاله في العاصمة وفي فترة برد، ولم يكن لديه ما يكفي من الملابس. عملنا على توفيرها له وإرسالها إلى السجن".

يحرص المحامون وأعضاء هيئة الدفاع عن الناشطين الموقوفين على نقل هذه الروح النضالية والتضامنية إلى السجناء، لرفع معنوياتهم وطمأنتهم. وحتى بعد الإفراج عنهم، تظل متاعب الناشطين والصحافيين قائمة، سواء لتسوية ملف الملاحقة القضائية وغلقه أو للعودة إلى العمل. فبعض الناشطين لا تسمح لهم المؤسسات التي كانوا يعملون فيها بالعودة سريعاً إلى وظائفهم، إلا بعد حصولهم على حكم نهائي، وهو ما حصل مع الناشط والصحافي عادل عازب الشيخ، والذي خرج لمساندة الشباب العاطل عن العمل والتغطية في مدينة وادي سوف (جنوبي الجزائر)، فوجد نفسه في السجن، قبل أن يفرج عنه ضمن دفعة كبيرة من الناشطين في الثاني من يناير/كانون الثاني الماضي.

يقول عادل لـ"العربي الجديد": "خرجنا من أجل الوطن والدفاع عن العاطلين عن العمل، فحولونا للأسف عاطلين عن العمل أيضاً. رغم كل شيء، فإنّ هذا ثمن نضالنا وحقنا"، مضيفاً "أنا الآن في فترة انتظار جلسة مجلس القضاء بخصوص قضيتنا، بعد أن طعنت النيابة في الحكم الابتدائي، وكذلك طعن المعتقلون في نفس الحكم الصادر ضدهم. وتمّ تحديد جلسة في 19 فبراير/شباط الجاري"، مشيراً إلى أنّه لم يعد بعد إلى عمله، قائلاً: "أنا الآن في فترة راحة، لأن إدارة الإذاعة ربطت عودتي بمستخرج الحكم النهائي للقضاء".

وفي بداية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أفرجت السلطات الجزائرية، تحت ضغط الشارع والمجتمع السياسي، عن أكثر من 80 ناشطاً، لكنّها أبقت على ملاحقتهم قضائياً، لممارسة ضغوط إضافية عليهم ومنعهم من العودة إلى التظاهر ضمن الحراك الشعبي. وبين هؤلاء القيادي في ثورة التحرير، لخضر بورقعة، الذي ستتم محاكمته في 12 مارس/آذار المقبل، فيما أبقت السلطات عدداً من الناشطين في السجون، أبرزهم الثلاثي سمير بلعربي وكريم طابو وفوضيل بومالة.
دلالات