كيف نقيس الألم؟

30 ابريل 2015
+ الخط -

ستاتوس 1: (ريم)

- قولوا لأمّو تفرح وتتهنّى، ترش الوسايد بالعطر والحنّى

الحمد الله ع السلامة خيّا، ناطرينك.

عقبال كل الشباب..

تعليقات:

- طلع؟

- صار بعدرا (معتقل يحوّل إليه الخارجون من الأفرع الأمنية).

ستاتوس2: (نورا الصفدي)

(اليوم اتصلت فيني أم لمعتقل صرلوا حوالي السنتين، قالتلي رح روح قدم طلب بالقضاء العسكري لإنو جارتنا قدمت طلب وجاوبوها بنفس اليوم، قلتلا يا خالة ما بجاوبوا حدا بنفس اليوم، قالتلي مبلا بعتوها عالشرطة العسكرية وبالشرطة العسكرية قالولا تروح عمشفى تشرين وتستلم هويتو لأنو مات، وخلص ريحت راسا وعرفت انو مات مشان ما عاد تدور عليه، والله يا خالة يمكن انا بس بدي اعرف اذا عايش او ميت والله تعبت، بلكي ان شاالله ببيّن معي إذا قدمت هالطلب).
*****

هل يبكي المرء أم يجن وهو يقرأ أن أقصى أماني السوريين باتت اليوم أن يعرفوا مصير أبنائهم؟ أو أن يكونوا في معتقل آمن!

هل يصرخ؟ هل يطلب الرحمة من أحد؟ أم يفكر بالانتحار لعجزه فحسب؟

ما سبق تعبير مكثّف عن حال أمهات سورية القابضات على الجمر في بلد محكوم بنازية تفوقت على النازية في جنونها، إذ لم يعد الخروج من المعتقل هو ما يفرح قلب الأم ويجعلها ترش "الوسائد عطرا" فهذا حلم غير قابل للتحقق في مملكة الموت الأسدية، بل أن ينتقل إلى معتقل آخر تستطيع أن تطمئن فيه على أنه بات أقرب للحياة، أبعد عن الموت الذي باتت تتمنى الأم الثانية إلى درجة الترجي أن يجيبها ( الموت) عمّا إذا كان ابنها يرتع في ظلاله أم لا، فقط كي ترتاح من برزخ تقف فيه على حواف الموت الموزّع بين الوقوف أمام قصر اللاعدل وأفرع اللا أمن السورية بحثاً عن مجرد "خبر" يُطمئن قلبها الملتاع على ضناها.

إنها المتاهة السورية، فاتورة الحرية الكبرى التي تدفع أغلبها أمهات سورية، فهنّ الضحايا الصامتات، المسقطات من أنباء الوكالات الكبرى، والمبعدات من وثائق وحقائق وأرقام المنظمات الحقوقية والدولية، إذ كيف يمكن أن نقيس حجم الألم أو الشوق أو التعب أو الذل الذي يتجرعنه صمتاً وهن يتعرضن لانتهاكات من أفواه "جلادين" بعمر أبنائهن، إذ قالت إحدى الأمهات لابنتها بعين كسيرة وقلب ذلّه الانتهاك وأفجعته المرارة: الكلب مسكني من صدري، وسمعني حكي..

كيف يمكن قياس التجوال من فرع آمني إلى آخر، ومن معتقل إلى آخر بكل ما يرافق ذلك من انتهاك وكبت وانتهاكات لا تحكى و لا تقال ولا تفصح عنها الأمهات؟

إنها الرحلة التي تقاس بما لم يقل ويحكى، فكيف السبيل على القبض على كل هذا الألم؟

قد نقيسه من تجاعيد جبهات الأمهات وحرقة أفئدتهن وملوحة دموعهن النازفة على خدود الألم، وصمتهن الذي يقول أكثر مما تقوله هذه الكلمات، ووقع خطواتهن الموهنة على أرصفة صماء، وصوت ارتطام تعبهن على جدران "قصر العدل"، متكئات ينتظرن ليعرفن إذا الضنا "عايش أو ميت".


(سورية)

المساهمون