أثار خبر إسقاط عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، لإحدى مقاتلات التحالف الدولي، وأسر طيارها الأردني، معاذ الكساسبة، اليوم الأربعاء، في مدينة الرقة، لغطاً كبيراً حول الظرف الذي أُسقطت فيه الطائرة، خصوصاً أنها من طراز "إف16"، والتي تبلغ سرعتها عند أقصى ارتفاع 2420 كيلو متراً في الساعة، إضافة إلى أنها مقاتلة متعددة المهام، لديها القدرة على الطيران في جميع الظروف الجوية، وقادرة على حمل الأسلحة النووية والتقليدية.
وفتح إسقاط طائرة معاذ الكساسبة، الباب أمام العديد من التساؤلات عن قدرة الدفاع الجوي لدى التنظيم، خصوصاً بعد تأكيد مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أنها استُهدفت بصاروخ حراري.
وعن الصواريخ الحرارية المتوافرة لدى التنظيم، أكد المختص في الدفاع الجوي الرائد، سامر مصطفى، لـ"العربي الجديد"، "توافر مجموعة من الصواريخ الحرارية تحت يد التنظيم، من طراز (إيغلا)، (كوبرا)، (ستريلا)، وهذه الصواريخ كانت متوافرة لدى النظام"، مرجحاً أن "التنظيم حصل عليها بعد سيطرته على مطار الطبقة".
وأضاف الرائد المنشق عن نظام الأسد، والذي بايع جزء من كتيبته تنظيم الدولة في الرقة ودير الزور، "إذا تم استهداف الطائرة بإحدى هذه الصواريخ فلابد وأنها كانت تحلق على ارتفاع منخفض، حيث أن تلك الصواريخ كلها حرارية محمولة على الكتف، لكل منها ميزاته الخاصة، ولكن لا فرق كبيراً بينها، حيث أنّ مداها في الرمي بالارتفاع حوالى 3200 متر، بينما في الرمي الأفقي تصل إلى 4200، وهذا ما يؤكد أن الطائرة كانت تحلق على علو منخفض".
من جهته، قال المختص في إلكترونيات الطيران وأجهزة الاتصال والرادارات الخاصة بالطائرات المقدم، محمد العبود، إن "إمكانية إسقاط طائرات (إف 16) عبر هذه الصواريخ أمر شبه مستحيل، إلا إذا كانت تحلق على ارتفاع منخفض جداً".
وأضاف المقدم الذي شغل منصب قائد المنطقة الشرقية في سورية، لـ"العربي الجديد"، "حسب المعلومات الأولية التي تسربت حتى الآن من الرقة، فإن الطائرة أُسقطت بصاروخ حراري من نوع (إيغلا) أو (كوبرا)، وهذه الصواريخ تم الاستيلاء عليها من مطار الطبقة، أي من النظام".
ولفت إلى أن "طائرات (إف16) لا يمكن إسقاطها في تحليقها بالارتفاع الطبيعي، إلا عبر منظومات الدفاع الجوي (كالاس 300) أو غيرها من نفس القدرة، وتلك المنظومات يستحيل أن تتواجد لدى التنظيم، لذلك فالأغلب أن الطائرة أُسقطت نتيجة تحليقها على ارتفاع منخفض"، مرجحاً أن "رامي الصاروخ كان يتموضع في أعلى جبل العكيرشي، وهي منطقة مرتفعة، تقع في محيط سقوط الطائرة، وإذا كان الرامي تمركز هناك فهذا قد يساعده في تحديد هدفه عن قرب".
في المقابل، أوضح الرائد مصطفى أن "هذا النوع من الصواريخ يحتاج لرماة محترفين، فمن المعروف أن أفضل توقيت لرمي تلك الصواريخ بحالة انقضاض الطائرة نحو الهدف، حيث تكون درجة حرارتها مرتفعة، إضافة إلى انخفاضها، كما أن نظام الرمي بتلك الصواريخ يتم بالمطاردة"، مشيراً إلى أن "أغلب رماة تلك الصواريخ لدى التنظيم من الشيشانيين".
من جهة أخرى توقع مصطفى عدم احترافية الطيار، مبرراً أن "هناك خبرة لدى الطيارين المحترفين في التعامل مع الصواريخ الحرارية، إما بالالتفاف حول محور الشمس، أو إطلاق بوالين حرارية تضيّع الصاروخ، إضافة إلى تقدير الارتفاع الآمن للطيران".
ويشارك المقدم العبود الرائد مصطفى هذه النقطة، موضحاً أن "الطيار غير ماهر أو مستهتر، ويمكن الاستدلال على ذلك من طريقة تحليقه على ارتفاع منخفض، إضافة إلى رتبته العسكرية والتي تدل على أنه مستجد، حيث كلما زادت الرتبة كلما زاد عدد ساعات الطيران والتدريب".
وربما الهوية العسكرية للطيار الأردني، معاذ الكساسبة، والتي تم تداول نسخة منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ترجح كلام العبود، حيث أظهرت الهوية أن الشاب من مواليد 29/5/1988، كما حصل على شهادته العسكرية بتاريخ 15/5/2014، أي أنه حصل على إجازته العسكرية قبل خمسة أشهر من بداية ضربات التحالف.
ويُذكر أن طائرة الكساسبة من طراز "إف16"، وهي طائرة مقاتلة خفيفة من مقاتلات الجيل الرابع، من إنتاج شركتي لوكهيد مارتن وجنرل داينمكس الأميركيتين، وهي واحدة من أهم الطائرات المقاتلة التي ظهرت في الجزء الأخير من القرن العشرين، وتم تطويرها أساساً انطلاقاً من مفهوم تطوير طائرة مقاتلة تجريبية خفيفة الوزن، وتطورت إلى أن أصبحت طائرة مقاتلة لجميع الظروف الجوية وطائرة هجومية دقيقة الإصابة للأهداف.