أطلق وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، مواقف لافتة، خلال شهادته، اليوم، أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي. حاول، بدايةً، تبرير عدم التدخل العسكري الأميركي في سوريا العام الماضي، عندما استخدم نظام بشار الأسد السلاح الكيماوي وارتكب المجازر في الغوطة، بأن ذلك لم يكن ليردع الأسد أو يوقف حربه ضد الشعب.
ولمح، ثانياً، إلى مسؤولية إسرائيل عن تعثر المفاوضات الأساسية، بعد جولاته المكوكية التي استمرت شهوراً الى المنطقة بغرض استئناف المفاوضات، انطلاقاً من خطة الإطار التي وضعها. موقف لا شك في أنه سيجلب اليه الانتقادات الاسرائيلية.
وفي الشأن الفلسطيني، لم يجزم الوزير الأميركي بمسؤولية إسرائيل عن القسط الأكبر من المسؤولية بشأن تعثر المفاوضات وتفجير المحادثات الأسبوع الماضي. ووصف التوجه الفلسطيني إلى المؤسسات الدولية بأنه رد فعل على الخطوات التي اتخذتها إسرائيل. وقال "لقد قام الطرفان بخطوات سلبية".
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن كيري قوله إن "التوقيع على المعاهدات الدولية ليس مجدياً، وقد أوضحنا ذلك للفلسطينيين بأوضح طريقة ممكنة. إسرائيل لم تفرج عن الأسرى الفلسطينيين في الموعد المحدد، ومرّ يوم وآخر وعندها أقرّت إسرائيل بناء 700 وحدة سكنية إضافية في المستوطنات، وفي النهاية وصلنا إلى ما وصلنا إليه".
وأشار إلى أن الخلاف حالياً يتمحور حول قضايا إجرائية، لا حول قضايا جوهرية، مضيفاً "أعتقد أن هناك طريقاً للوصول إلى مباحثات حول قضايا الجوهر. آمل أن يجد الطرفان طريقاً للعودة إلى المحادثات".
وأوضح كيري، أمام لجنة العلاقات الخارجية، أن الولايات المتحدة تعتزم مواصلة جهودها لدفع المسيرة السلمية قدماً بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكنه أكد أن "ذلك يبقى مسؤولية الجانبين في اتخاذ القرارات". وتابع: "هناك حد للوقت الذي يمكن للرئيس (باراك) أوباما، وأنا، استثماره وتخصيصه لهذا الموضوع في ظل التحديات الأخرى في شتى أنحاء العالم، خصوصاً إذا لم يكن في مقدور الطرفين الالتزام بإبداء الجدية".
ولفت موقع "هآرتس" إلى أن من المقرر أن يجتمع كيري في التاسعة والنصف وفق توقيت القدس بالرئيس أوباما، ونائبه جو بايدن، لإطلاعهما على تفاصيل الأزمة التي تعصف بمحادثات السلام.
على صعيد الملف السوري، رأى كيري أن الضربة العسكرية الأميركية، التي لوّح بها الرئيس باراك أوباما، الصيف الماضي، لمعاقبة الأسد على هجومه الكيماوي في الغوطة، لم تكن لتردع الأسد. وأشار الى أن أياماً عدة من الضربات العسكرية لن توقف الحرب التي دخلت عامها الرابع. وقتل أكثر من ألف شخص في هجوم كيماوي على الغوطة في 21 أغسطس/ آب الماضي. وبعدما هدّدت واشنطن بتأديب الأسد وشن ضربة عسكرية، تراجعت في اللحظة الأخيرة بعد صفقة أبرمتها معه قدم خلالها السلاح الكيماوي الاستراتيجي السوري.
وفي الملف الايراني، رأى كيري أن "إيران تستطيع إنتاج المواد الانشطارية اللازمة لصنع سلاح نووي خلال شهرين". ولفت الى أن "المفاوضين، في برنامج إيران النووي، يعملون وفق تصور يراوح بين 6 و12 شهراً".
وأكد كيري أن "الأمر يتعلق بمجرد امتلاك المواد اللازمة لصنع قنبلة، لكن دون امتلاك القدرة على وضعها في أي شيء لإطلاقها، أو أن تكون لديها أي آلية لعمل ذلك".
وبدأت الولايات المتحدة والقوى العالمية جولة جديدة من المحادثات مع إيران، في فيينا، أمس الثلاثاء، في محاولة للتوصل إلى تسوية شاملة بشأن برنامجها النووي، الذي تنفي طهران أن يكون الهدف منه صنع أسلحة.