يصل اليوم، الأربعاء، إلى الرياض وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لوضع اللمسات الأخيرة على جدول القمة الأميركية الخليجية المرتقبة في واشنطن، منتصف الشهر الجاري، التي كان يأمل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، منها حين دعا قادة دول الخليج إليها، أن يمارس ضغوطاً عليهم للقبول بالاتفاق النووي الإيراني، فإذا به يخشى حالياً من ضغوط خليجية حازمة بقيادة السعودية، قد يتعرض لها في كامب ديفيد. وكان أوباما يأمل، بحسب اعتقاد بعض المحللين الأميركيين، أن يجعل من تباين الآراء بين قادة الخليج، مدخلاً له لممارسة الضغوط على السعودية تجاه القضايا المقرر طرحها في القمة، وعلى رأسها ملف المفاوضات مع إيران والقضايا المتشعبة عن هذا الملف.
توقيت الزيارة قبيل قمة مخصصة لمناقشة تلك القضايا، يؤشر إلى أنّ موضوع الزيارة هو التمهيد للقمة وليس تجاوزها. وتشير بعض التسريبات، التي تتناقلها الأوساط السياسية والدبلوماسية في واشنطن، إلى احتمال إبرام اتفاقات دفاعية جديدة بين الولايات المتحدة ودول الخليج تحدد سيناريوهات، تسمح بتدخل واشنطن في حال تعرّض دول الخليج إلى تهديدات من جانب إيران أو وكلائها في المنطقة. ولم توضح تلك التسريبات عمّا إذا كانت الاتفاقات المقترحة تأتي بناء على رغبة خليجية، كجزء من ضمانات مطلوبة، أم بناء على رغبة أميركية كضغط على دول المنطقة مقابل ضمان خفض صوتها تجاه ملف الاتفاق مع إيران. غير أنّ ربط المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، بين القضايا الأمنية والإقليمية في حديثها عما سيناقشه كيري مع القادة السعوديين، اعتبر مؤشراً إضافياً إلى صحة ما يتردد عن اتفاقات دفاع مشترك لحماية أمن الخليج من أية مخاطر إقليمية.
وبحسب معلومات خاصة لـ"العربي الجديد، فإنّ توفير الحماية الأميركية لن يقتصر فقط على عدوان محتمل من إيران، بل يشمل كذلك وكلاءها في المنطقة، أي "أنصار الله" في اليمن، وحزب الله في لبنان، ونظام الأسد في دمشق، أو أية تنظيمات مسلحة مدعومة من إيران في المنطقة.
وستكون السعودية هي المحطة ما قبل الأخيرة لجولة عالمية (آسيوية أفريقية أوروبية)، شملت سيرلانكا وكينيا والصومال، وستقوده إلى فرنسا بعد السعودية. ويأتي توقف كيري في الرياض بعد القمة الخليجية التشاورية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، التي جاء موعدها قبيل قمة واشنطن الأميركية الخليجية، ليضاعف من خشية واشنطن من قدرة السعودية المتزايدة على حشد مواقف دول الخليج باتجاه موحّد، بما يفاقم الضغوط على أوباما خلال القمة الأميركية الخليجية.
اقرأ أيضاً: كيري سيزور الرياض وباريس لمحادثات أمنية مع نظراء خليجيين
عوضاً عن ذلك، تحدثت مصادر إعلامية أميركية عديدة، بما فيها شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وعرب، أنّ "دول الخليج ستطرح مطالب حازمة مقابل أي موقف مهادن تجاه الاتفاق المتعلق بالمشروع النووي الإيراني". ومن بين المطالب المتوقعة، الحصول على أنظمة أسلحة جديدة وضمانات أمنية من البيت الأبيض، والتأكيد على أنّ دعم أي اتفاق يتم التوصل إليه مع إيران بشأن برنامجها النووي لا يعني بأي حال المهادنة معها تجاه توسع نفوذها الإقليمي، بالصورة التي طرحها أوباما في رسالته إلى الإيرانيين عبر صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي. ويعتقد بعض كبار المسؤولين في البيت الأبيض، وفقاً لبعض التسريبات، أنّ قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، قد يستغلون اجتماعهم مع الرئيس الأميركي لطلب طائرات مقاتلة وبطاريات صواريخ ومعدات استطلاع إضافية متنوعة. ومن الجانب الأميركي، من المتوقع أن يمارس أوباما ضغوطاً على قادة الخليج تتعلق بسياساتهم الداخلية في ما يتعلق بحقوق الإنسان والتحديث السياسي، ليكون ذلك ورقة ضاغطة بيده، إمّا لتخفيف الضغوط الخليجية أو لضمان الهدوء الخليجي تجاه الاتفاق المرتقب مع إيران بعد أسابيع من القمة الخليجية الأميركية.
وكانت السعودية قد استضافت القمة التشاورية لقادة دول مجلس التعاون، ليأتي موعدها لافتاً قبل لقائهم المشترك مع أوباما. ونوقشت خلال القمة التشاورية العديد من الملفات الإقليمية وفي مقدمتها الأزمة اليمنية التي ستكون من بين موضوعات قمة واشنطن الخليجية مع أوباما. ولم يعد سراً وجود خلافات أميركية سعودية في ما يتعلق بإدارة الأزمة اليمنية، إذ تريد واشنطن حواراً يمنياً يشمل وكلاء إيران في اليمن، في حين أن السعودية لم تبد حماسة لذلك وتركت الأمر للقيادة اليمنية الشرعية للبت فيه. لكن الملفت للنظر، أنّ الرئاسة اليمنية أعلنت مؤتمراً يمنيا للحوار بين القوى السياسية اليمنية تقرّر عقده في الرياض، بالتزامن مع القمة الخليجية الأميركية في واشنطن. وكانت دول الخليج تريد وضع أوباما أمام الأمر الواقع بأنّ الحوار لن يشمل وكلاء إيران في اليمن، إذ إنّ اختيار الرياض مكاناً للحوار يعني عدم حضورهم.
وتستعين دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، بفرنسا من أجل الضغط على أميركا من خلال قدوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى السعودية أثناء القمة الخليجية التشاورية، ومن خلال اختيار العاهل السعودي لفرنسا كمحطة أولى سوف يزورها، وهو في طريقه مع الوفد المرافق له إلى واشنطن لحضور القمة الأميركية الخليجية.
اقرأ أيضاً: نقاط واشنطن الست حول اليمن