مرّت نحو عشر سنوات على حصول المرأة الكويتيّة على حقوقها السياسية كاملة، تحديداً في عام 2005، عقب جلسة برلمانية عاصفة وتاريخية استطاعت الحكومة خلالها تمرير القانون، على الرغم من معارضة غالبية أعضاء البرلمان آنذاك. مع ذلك، ما زالت المرأة الكويتية تعاني على مختلف الصعد الاجتماعية والثقافية والحقوقية. خلاصةٌ توصّل إليها تقرير الجمعيّة الكويتية لحقوق الإنسان لعام 2015 المؤلف من 12 صفحة، والذي سعى إلى دراسة أوضاع المرأة الكويتية خلال السنوات الخمس الماضية. ويتضمن التقرير أهم التطورات والمتغيرات التي طاولت حقوق المرأة في الكويت منذ عام 2010 وحتى تاريخ نشره. وتطالب الجمعية بإصلاحات عديدة تراعي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
تناول التقرير انتهاك حقوق المرأة في تسعة بنود هي قانون الجنسية، والعنف الأسري، وجرائم الشرف، وقانون الإسكان، والحياة السياسية والعامة، والولاية على أبنائها، والتعليم، ومراكز الاحتجاز والسجون، والعمل في القطاع الأهلي. وقد أوصت الجمعية الحكومة بإعطاء المرأة الكويتية الحق في منح أبنائها غير الكويتيين جنسيتها من دون قيد أو شرط، ومعاقبة مفتعلي العنف الأسري، وتقديم بيانات كافية حول نسبة حوادث العنف ضد النساء سنوياً للحدّ منها، وتعديل المادة 153 من قانون الجزاء المتعلق بجرائم الشرف.
في السياق ذاته، تقول الناشطة في لجنة "كويتيات بلا حدود"، هدى العنزي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "القانون الذي تتعرض من خلاله المرأة للتمييز هو قانون الجنسية. المرأة المتزوّجة من أجنبي لا يحق لأبنائها الحصول على الجنسية الكويتية، حتى وإن ولدوا وعاشوا طوال حياتهم في الكويت. هذا القانون غير دستوري، وقد نصّ الدستور في إحدى مواده على أنّ الناس سواسية في الكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات العامة، وما من تمييز بينهم بسبب الجنس. لكنّ قانون الجنسية يخالف هذه القاعدة الدستورية".
يعامَل أبناء الكويتية المتزوجة من أجنبي معاملة المواطنين الكويتيين حتى بلوغهم السنّ القانونية وهي 18 عاماً. بعدها، يعامَلون بحسب جنسيّة والدهم. وتشترط الحكومة الكويتية حصولهم على إقامات عن طريق إحدى الشركات، بهدف الإقامة في الكويت من دون مساءلة قانونية، في حال لم يكونوا من رعايا دول مجلس التعاون الخليجي.
توضح المحامية المتخصصة في قضايا الأسرة والمرأة، منى القناعي، لـ "العربي الجديد" أنّ "هناك أكثر من عشرة آلاف امرأة كويتية متزوجة من أجنبي، أكثر من نصفهم من البدون (فئة غير محدّدة الجنسية في الكويت)، بحسب دراسة أعدّتها الجمعية الثقافية النسائية الكويتية". لكنها تلفت إلى "تقدّم هذه الأيام يتمثل في قبول أبناء الكويتيات في السلك العسكري، ما يوفّر لهم وظائف لائقة نوعاً ما".
تضيف القناعي أنّ القانون الكويتي لم يغلق باب تجنيس أبناء الكويتية المتزوجة من أجنبي كلياً، لكنّه وضع شروطاً تعجيزية. وتنصّ المادة الخامسة من قانون الجنسية الكويتي على جواز إعطاء الجنسية الكويتية للمولود من أمّ كويتية في الكويت، والمقيم فيها حتى بلوغه سنّ الرشد، شرط أن يكون والده متوفياً أو يطلّق أمه طلاقاً بائناً. يُذكر أنّ الأمر يبقى خاضعاً للسلطة التقديرية لوزير الداخلية، الذي له قرار منح الجنسية من عدمه، وهو ما قد يؤدّي إلى تفكك الأسرة أحياناً بهدف الحصول على الجنسية.
بعد منح المرأة حقّ الترشّح والانتخاب في عام 2005، خاضت الناشطات السياسيات انتخابات 2006 و2008 لكنهنّ فشلن في الوصول إلى مجلس الأمة الكويتي أو البرلمان آنذاك. وكانت المفاجأة في انتخابات برلمان 2009، حين حصلن على أربعة مقاعد من أصل خمسين مقعداً، بعد نجاح الوزيرة السابقة معصومة المبارك والأستاذتين في جامعة الكويت أسيل العوضي وسلوى الجسار، بالإضافة إلى الاقتصادية وسيدة الأعمال رولا دشتي.
لكنّ الآمال التي كانت النساء الكويتيات يعلّقنها على الرابحات الأربع في مجلس الأمة والمتعلقة بمنحهنّ مزيداً من الحقوق، خابت. تقول الناشطة النسوية، شيخة العلي، لـ "العربي الجديد" إنهنّ "يؤكدن شيئاً سيّئاً، وهو أنّ المرأة هي عدوّ المرأة الأوّل"، لافتة إلى أن "عضوات مجلس الأمة انشغلن في المهاترات السياسية والطائفية والدفاع عن رئيس الحكومة الذي أسقط لاحقاً، وتناسين حقوق المرأة. وعندما أصبحن وزيرات، اكتفين بالتبرير للسياسات الحكومية التي تزيد التمييز ضد المرأة، خصوصاً في ما يتعلق بقضية الاختلاط. على سبيل المثال، تبيّن لنا في ما بعد أنّ وقوفهن مع المرأة كان لأهداف سياسية وصولية، وليس انتصاراً للمرأة بحدّ ذاتها". تضيف: "صوّت بعض الإسلاميين ضدّ قانون منح المرأة حق الترشّح، إلا أنّ اقتراحاتهم في مجلس عام 2009 كان أكثر نفعاً للمرأة من اقتراحات النساء في المجلس".
في انتخابات عام 2012، فشلت المرأة في العودة إلى البرلمان. ويعزو مراقبون الأسباب إلى انتهاء حالة النشوة بمنح الحقوق السياسية، وفشل العضوات في وضع خطة عمل واضحة لتمكين المرأة من المناصب القيادية سياسياً واجتماعياً.
وكانت الحكومة الكويتية قد عيّنت 22 وكيلة نيابة، في وقت سابق هذا العام، تمهيداً لتعيينهنّ كقاضيات في المحاكم لأول مرة في تاريخ الكويت، بعد السماح بتعيينهن كشرطيات وعسكريات قبل خمسة أعوام.
من جهته، يرى الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت، خليل خالد، في حديث إلى "العربي الجديد" أنّ "فشل المرأة في الحياة السياسية الكويتية، حتى الآن، يعود إلى عوامل سياسية واجتماعية. من الناحية السياسية، لا تعدّ الأجواء السياسية في الكويت ناجحة بشكل عام، فكيف نطالب المرأة بالنجاح في جو غير ناجح أصلاً؟ أما من الناحية الاجتماعية، فتعدّ تجربة المرأة قصيرة في هذا المجال، ما يعني أن هناك ارتباكاً وعدم تنظيم أو تحديد للأولويات. وهذا شيء طبيعي بالنسبة إلى جماعات حصلت على الحقوق السياسية منذ فترة قصيرة". يضيف خالد: "يمكنك أن تتأمل تاريخ حركات التحرر الوطني أو الاجتماعي، وسوف تجد أنّ العملية تحتاج إلى مراحل قبل أن تصل إلى طورها الطبيعي".