كوكب فيديل [6/9].. هكذا يحيا الكوبي على حافة الحياة

هافانا
شهيرة سلوم
شهيرة سلوم
صحافية لبنانية، مديرة موقع "العربي الجديد". حاصلة على إجازة في العلوم السياسية والإدارية وماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية، تعمل في مجال الصحافة منذ أكثر من 18 عامًا.
23 مايو 2016
1882B454-BBB5-40AE-808B-F24843EBA7F9
+ الخط -


* في متجر قريب للشريط الساحلي في منطقة ميرامار، تتوزّع سلع غذائية محدودة (لا تتجاوز أنواعها في كل المتجر العشرين). بعض السلع موجودة بكميات كبيرة، كالبسكويت والعصائر، فيما تختفي أخرى أساسية (أنواع الحبوب الموجودة لا تتجاوز الرز والفاصولياء). المتجر يصنف ضمن المتاجر الكبرى، والتي يرتادها الأجانب، وعدد محدود من الكوبيين. تأتي تلك السلع من إسبانيا، وتركيا والصين، وفنزويلا أحياناً. يمكن ملاحظة ذلك من خلال قراءة بلد المنشأ في الخلفية. أما أسعارها، فهنا الكارثة. 

حليب الأطفال، لا يتوفر سوى نوع واحد منه، سعره 4.35 كوك (واحد كوك يساوي 0.87 دولار أميركي). سعر العلبة الواحدة من غذاء الأطفال (سيريال) 2.40 كوك. حفاضات الأطفال، يوجود نوعان منها، سعر أحدهما 7.10 كوك. المعكرونة، يوجد نوع واحد منها، صناعة كوبية، وسعره 0.9 كوك (في العاصمة البريطانية، على سبيل المثال، يمكن الحصول على ثلاث عينات من السلعة نفسها بهذا السعر).

سعر عبوة الزيت (لا يتوفر سوى نوع واحد)، حجم ليتر واحد، 2.40 كوك. عبوة عصير، حجم ليتر واحد صناعة إسبانية، معدل سعرها 2.20 كوك (عبوة بنفس الجودة يمكن الحصول عليها بأقل من نصف السعر في لندن). أنواع اللحوم المجلدة لا تتجاوز الأربعة (تتنوع بين لحم خنزير وعجل وسمك). سعر العينة الواحدة منها (أقل من كيلوغرام واحد) يصل إلى 10 كوك.

على حافة الحياة

راتب شهر كامل لراوول، عامل السيجار الذي يتقاضى ما يعادل 10 كوك شهرياً، لن يكفي لشراء علبة حليب أطفال وكيس حفاضات، كيف يأكل ويعيش؟ أنّا تجيب أن الأطفال الكوبيين يحصلون على عدد محدود من عبوات الحليب من مراكز حكومية، وعادة بنوعية رديئة. أرييل يجيب: (بريست فيدينغ). هارولد يقول (نحن نعيش على حافة الحياة). لكن عربياً يقيم في هافانا، يشرح كيف يحصل الكوبي على تلك السلع الأساسية ليواصل العيش "على حافة الحياة"، يقول إنّ كل كوبي حتى يبلغ 12 من عمره، يحصل على كميات محددة من السلع الغذائية الأساسية، من متاجر حكومية. وهذه المتاجر نفسها، تبيع السلع للكوبي بالكوب (1 كوك يساوي 25 كوب)، وتكون عادة بأسعار زهيدة، غير أنه يشير إلى أنّ نوعية تلك السلع رديئة.

* بالقرب من حديقة عامة، وسط مفترق طرق، يتجمع الكوبيون لالتقاط إشارات "الواي فاي"، بما أنّ الإنترنت غير متوفر، ولهذا حكاية أخرى. في الشارع المقابل لهذه الساحة، يصطف الكوبيون أمام متجر بال، لوحظ أنه يفتح لعدد محدد من الساعات في النهار. تجلس عجوز على حافة شرفة إسمنتية، لأن سنّها لم يعد يسمح لها بالانتظار صفّا.

البائع الشاب، يشير إلى الكاميرا كي تلتقط ما تشاء من الصور. يحمل مكيالاً ويضع كميات محددة لكل شخص من السلع الأساسية. كيلو رز، وكيلو سكر، وكيلو طحين، وعشر بيضات، وليتر من الزيت. كل شخص يحمل معه أكياسه ليمررها إلى البائع كي يكيّل السلع ويزنها. الأسعار زهيدة تراوح بين 2 و7 كوب. داخل المتجر الحكومي، توجد كميات وأنواع محدودة من هذه السلع الغذائية.

* في الشوارع، ينتشر الباعة المتجولون بعرباتهم. يجرّون عربة تحمل خضروات وفواكه. جميعها، تقريباً، من إنتاج محلي في كوبا. الجزيرة خصبة. تحوي أشجار المانغو والكوكونات، والبابايا، والأناناس، والأفوكادو، والجوافة والأنوناسيا. تعدّ تلك الفواكه وعصائرها، إلى جانب القهوة الكوبية، جزءاً رئيسياً من الفطور الكوبي. إضافة إليها، هناك الكاسافا، وهو نوع من الخضار، تعدّ كوبا الثانية في إنتاجه بين الدول اللاتينية. تلك العربات المتنقلة في الشوارع في ساعات الصبيحة، تحمل غالباً هذه الأنواع من الفواكه والخضروات. أسعارها بالكوب، وتراوح بين 2 إلى 5 كوب.

وهكذا قضي الأمر، وعُرف كيف يحيا الكوبي بالحدّ الأدنى من السلع الغذائية الرئيسية.


سلع محدودة.. ومقايضة

* على شواطئ فاراديرو، يحرص عنصر الأمن أليخاندرو على أن يحصل السياح على قسطهم من الاستجمام، عبر ضبط حركة الباعة الجوالين المنتشرين بكثرة على الشاطئ. يشير إلى يالين أن تبتعد عن سائحَيْن بريطانيين، كانت تحاول أن تقايضهم بإحدى السترات المطرزة يدوياً بشيء يملكونه، كمنشفة أو سترة أو بنطال أو مستحضرات تجميلية، أو حتى حذاء.

يالين، الحامل بشهرها الخامس، تعرض على السائح أن يأخذ شيئاً من بضائعها، مقابل بعض ما لديه من مواد "أجنبية الصنع". توافق البريطانية وزوجها على إعطائها بشكير مقابل رداء صيفي مصنوع يدوياً. يتقدم رفيق يالين إلى السائحَين، ويعرض عليهما بدوره كؤوساً خشبية لشرب الجعة. البريطاني تعجبه فكرة المقايضة، خصوصاً أنّ السلع الكوبية المعروضة عليه يدوية الصنع، فيما يقدّم بالمقابل سلعاً خفيفة لا يتجاوز سعر أحدها في بلده بضع باوندات. لكن ماذا سيقدّم ليحصل على الكأس الخشبي؟ يجيبه البائع: "الحذاء؟ مقابل ثلاثة أكواب" ولكن كيف سأعود إلى الفندق؟ عندها يرمي إليه البائع خفاً. تتم الصفقة بنجاح. يقول دانيال إن المقايضة بالنسبة للباعة الجوالين على الشاطئ تجارة أيضاً، لأنهم سيقومون ببيع السلع الأجنبية التي حصلوا عليها بأسعار أفضل من أسعار سلعهم محلية الصنع، أو قد يحتفظون بها لأنفسهم.







* تتقدّم إحدى البائعات على الشاطئ لتتحدث إلى فتاة إسبانية تستجم تحت أشعة شمس الهادئ برفقة صديقها. تقول لها إنّ وقت الغداء قد حان وهي جائعة، وتسألها أن تحضر لها من مطعم الفندق بعض الطعام. الإسبانية لا تمانع، تذهب بغضون دقائق إلى المطعم، حيث تعرض المأكولات كـ"أوبن بوفيه" للزوار. فاكهة وخضروات وسلطات مشكلة، وثمار البحر ولحومات: أسماك وعجل ودجاج وخنزير. باستثناء الرز، فإن جميع مكوّنات الأكل من إنتاج كوبي، حتى المشروبات كوبية. "الرام" هنا سيد الموقف، يضاف القليل منه إلى عصائر الفاكهة الكوبية الطبيعية. تحمل الإسبانية ما تستطيع من الطعام الكوبي إلى الكوبية النحيلة المنتظرة تحت الشمس.

.. يتبع

دلالات

ذات صلة

الصورة
تحطم طائرة في كوبا ADALBERTO ROQUE/AFP/Getty Images

أخبار


ذكر التلفزيون الرسمي الكوبي أن "أكثر من مئة شخص لقوا حتفهم إثر تحطم طائرة ركاب من نوع بوينج 737 في كوبا اليوم الجمعة". وقال الرئيس الكوبي إن "هناك ثلاثة ناجين من الحادث من بين 110 من الركاب وأفراد الطاقم".
الصورة
كوبا/سياسة/18/4/2018

سياسة

بعد 62 عاماً على تلاحم 82 رجلاً لإسقاط نظام فولخنسيو باتيستا بكوبا، يقف الرجل الأخير من بين الثوار لتسليم الراية إلى خلفٍ جديد. اليوم الخميس تستيقظ كوبا من دون راوول كاسترو رئيساً، في ظلّ بدء عهد ميغيل دياز ـ كانيل.
الصورة
إعصار إيرما/ فلوريدا/ Getty

أخبار

تستعد العاصمة الكوبية هافانا للفيضانات خلال الساعات القادمة، بعدما اقتلع الإعصار إيرما الأشجار ودمر أسقف المنازل، اليوم السبت، في وقت ضربت رياح قوية سلسلة جزر فلوريدا كيز.
الصورة
رماد كاسترو يزور ضريح تشي (ADALBERTO ROQUE/AFP)

منوعات

بعد يومين من التكريم في ساحة الثورة في هافانا، ينقل رماد كاسترو، الذي وُضع في صندوق صنع من خشب شجر الأرز ولُف بعلم كوبا، وحُفظ في علبة من زجاج لحمايته، في الاتجاه المعاكس لرحلته عند انتصار الثورة عام 1959.