كورونا يهدد انتعاش الأسواق الأميركية ... وترامب يطمئن المستثمرين

27 فبراير 2020
متعاملون في سوق المال بنيويورك (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي كانت الصين تعلن عن تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا الجديد، وتتوارد الأنباء باكتشاف حالات جديدة في كل من إيران وكوريا الجنوبية وإيطاليا والولايات المتحدة، أعلنت شركة مايكروسوفت الأميركية يوم الأربعاء توقعها عدم تحقق المبيعات الفصلية التي توقعتها للربع الأول في قطاع الإنتاج الذي يشمل أهم منتجاتها، وهو نظام التشغيل المعروف باسم ويندوز. 

ولم يكن إعلان مايكروسوفت أولى علامات التراجع للشركات الأميركية الكبرى، حيث سبقها العديد من الشركات، كان أهمها آبل، المتخصصة في صناعة هواتف آيفون وحواسب ماك الآلية، واتش بي لصناعة الحواسب والطابعات، اللتان أعلنتا أنهما لن تتمكنا من تحقيق توقعاتهما لمبيعات الربع الأول من العام الحالي، بسبب تداعيات انتشار الفيروس القاتل، وما تسبب فيه من تراجع بمعدلات التوريد، وانخفاض للطلب في الصين، أكبر أسواق العالم.

وبعد ثلاثة أيام دامية في سوق الأسهم الأميركية، بدا واضحاً أن انتشار فيروس كورونا، داخل الصين وخارجها، وما ترتب عليه من تعطل سلاسل الإمداد وتباطؤ الإنتاج في الشركات والمصانع حول العالم، ستكون له مضاعفاته السلبية على ربحية أغلب الأعمال، الأمر الذي ينذر بمزيدٍ من الانخفاض في أسعار الأسهم الأميركية، فيما توقع البعض أن يشكل موجة تصحيحية كبرى، لم تشهدها الأسواق منذ فترة.

ونقلت وكالة أنباء بلومبيرغ، عن كريستيان مولر- جليسمان وأليسيو ريزي، مسؤولي الاستراتيجيات لدى بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس، تحذيرهما من طول موجة تراجع أسعار الأسهم الحالية، بسبب عدم التيقن من تداعيات انتشار الفيروس ووجود حدود لقدرة مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" على التدخل في الأسواق خلال الفترة الحالية.

واعتبر المحللان أنه "في حين كان متوسط الموجة التصحيحية لمؤشر اس آند بي 500 الأشمل للأسهم الأميركية أربعة أشهر، ربما لا تصل الموجة الحالية إلى القاع قبل شهر يوليو/تموز القادم".
وفي نفس الاتجاه، حذر جيريمي هيل، كبير الاستراتيجيين بمجموعة سيتي بنك المصرفية الأميركية، من غموض البيانات الخاصة بالفيروس وبالسياسة النقدية، كونه قد يتسبب في انخفاضات كبيرة في أسعار الأسهم، مؤكداً في مذكرة بعثها لعملائه أن "الأسهم الأميركية لن تكون جاذبة للمستثمرين قبل انخفاض مؤشر "اس آند بي" بنسبة 10% عن متوسطه المتحرك لآخر 200 يوم، وهو ما يعني خسارة ما يقرب من 12% من مستواه الحالي، يقترب بها من حافة العشرين في المائة انخفاضاً من أعلى نقطة وصل إليها الأسبوع الماضي، وتعد نقطة فاصلة بين السوق المرتفعة والسوق الهابطة". 

وفي محاولة لإنقاذ أسواق الأسهم، التي يعتبرها علامة على نجاح سياساته الاقتصادية، ويعول عليها في انتخابات الرئاسة في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلمة للشعب، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الأربعاء، أكد فيها أن مخاطر إصابة الأميركيين بالفيروس "تبقى منخفضة جداً"، وأن الحكومة الأميركية "مستعدة جداً للتعامل معه"، معرباً عن توقعه أن تعاود أسعار الأسهم الارتفاع، لأن "الاقتصاد الأميركي قوي جداً" على حد تعبيره.

وفي الوقت الذي كانت تتهاوى مؤشرات الأسهم الأميركية مع بداية تعاملات الأسبوع، وانتظر المستثمرون إشارة من البنك الفيدرالي بالتفكير في خفض معدلات الفائدة على أمواله لإنقاذ الأسهم، أعلنت لورتا مستر، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في كليفلاند، أنها "راضية عن إدارة البنك الفيدرالي للسياسة النقدية في البلاد"، مشيرةً إلى أنها لا ترى ضرورة في الوقت الحالي لخفض معدلات الفائدة عن المستويات الحالية، على الرغم من الاضطرابات التي ضربت أسواق الأسهم حول العالم، على خلفية الانتشار المتسارع لفيروس كورونا خارج الصين، وأدت إلى انخفاض أسعارها بصورة كبيرة.

وأكدت مستر، في كلمة أمام مؤتمر اقتصاد العمال في واشنطن يوم الإثنين، أنها ترى ما تتعرض له الأسواق من مخاطر، مضيفةً: "إلا أن المؤشرات الاقتصادية الأساسية لا تزال قوية بدرجة تسمح بدعم النمو، كما أن السياسات المتبعة تتناسب تماماً مع الوضع الحالي، بما فيه من مخاطر مرتبطة بانتشار الفيروس". وحذرت مستر من ردود الأفعال المبالغ فيها لانخفاض أسعار الأسهم الأميركية.

ورغم أن تصريحات مستر جاءت مطابقة لتصريحات رئيسن آخرين لفرعين للبنك الفيدرالي، هما جيمس بولارد رئيس البنك في سانت لويس ورافائيل بوستيتش رئيس البنك في أتلانتا، اللذان قالا يوم الجمعة إن "تخفيض الفائدة ليس ضرورياً حتى الآن"، إلا أن تصريحات مستر حظت باهتمام المحللين، كونها الوحيدة في الثلاثة التي لها حق التصويت في لجنة السياسة النقدية بالبنك.

 ووفقاً لأداة مراقبة البنك الفدرالي  التابعة لبورصة شيكاغو، تشير توقعات المتعاملين في أسواق العقود المستقبلية إلى احتمال بنسبة 100% تخفيض البنك لمعدل الفائدة على أمواله، لمرة واحدة على الأقل، بينما توقع 18% تخفيضين، خلال الاجتماعين القادمين المقرر لهما 17-18 مارس / آذار، و28-29 أبريل / نيسان، وإن كانت الأغلبية تتوقع ألا يتم اتخاذ القرار قبل اجتماع شهر أبريل / نيسان.

وعلى حسابه على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، نشر الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان رسماً بيانياً يوضح الخسارة الكبيرة لمؤشر أس آند بي للأسهم الأميركية، وآخر يوضح انخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية، متسائلاً إذا ما كانت الثقة في البنوك المركزية وقدرتها على التدخل لإنقاذ الأسواق ستستمر".

وفي تغريدة لاحقة يوم الأربعاء، قال العريان إن "الأدوات المتاحة للبنك الفيدرالي لا يمكنها التعامل مع التباطؤ الاقتصادي العالمي، وتدخله قد يؤدي لخلق تحديات على المدى الطويل".

المساهمون