تدفع الإجراءات الحكومية في لبنان لمكافحة انتشار فيروس كورونا الجديد، نحو تأجيج غضب المواطنين من تفاقم الصعوبات المعيشية، بينما يواجه البلد بالأساس أزمة اقتصادية ومالية خانقة دفعت إلى التخلف عن سداد ديونه الخارجية والإعلان عن خطة إنقاذ.
وهددت اتحادات النقل البري، بتصعيد تحركها إذا لم تستجب الحكومة لمطالبها بتعويض السائقين العموميين عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة حظر التجول الجزئي الذي يستمر من السابعة مساء حتى الخامسة صباحا.
وقال بسام طليس، رئيس اتحادات النقل البري، في مؤتمر صحافي، أمس السبت، في مقر الاتحاد العمالي العام، بمشاركة رؤساء الاتحادات والنقابات: "هل كورونا موجود ليلاً فقط أم أن انتشار هذا الوباء على مدار الأربع وعشرين ساعة؟".
وأضاف: "نحن قطاع النقل البري كغيره من القطاعات المنتجة، وله دوره في العجلة الاقتصادية، وهناك 50 ألف عائلة تعتاش من هذا القطاع، وعلى الحكومة أن تعرف أنها تتعامل مع قطاع يومي، فإذا عمل السائق يؤمّن قوت عائلته، وعندما لا يعمل لا يمكنه تأمين حاجاته".
وتابع: "الحكومة مسؤولة عن تأمين رواتب العاملين لديها في نهاية الشهر وهم قابعون في منازلهم، بينما السائقون لا مداخيل لهم إذا لم يعملوا"، مشيرا إلى أن "قطاع النقل البري يطالب بمساواة السائقين بباقي الناس، وتخصيص مبلغ يتراوح بين 75 و100 مليار ليرة لحل الأزمة".
وقال: "ندعو رئيس الحكومة إلى التصرف المسؤول، والتعاطي مع هذا الملف بمسؤولية، والبت بهذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل، على أن تعقد اتحادات ونقابات النقل البري اجتماعاتها يوم الأربعاء لمتابعة التطورات".
وانطلقت حملات شعبية في لبنان، خلال الأيام الأخيرة، لمساعدة الأسر الفقيرة وتلك التي فقدت مصادر دخلها، بسبب منع التجول في المناطق لكبح تفشي كورونا، إلا أن نقابات وكتلا سياسية ترى أن هذه التحركات غير كافية لمواجهة الأعباء المعيشية المتزايدة.
ودعا حسين الحاج حسن، رئيس تكتل (نواب بعلبك - الهرمل)، الحكومة، إلى "تقديم المساعدات المالية للأسر الفقيرة والمياومين (العمال بأجر يومي) والعائلات، التي توقفت عن العمل، وليس فقط تقديم مساعدات عينية، لأنها لا تكفي، في ظل استمرار حالة التعبئة العامة المقررة حتى 12 إبريل/نيسان المقبل.
وقال حسن، وفق وكالة الأنباء الوطنية، أمس، إن "نسبة الفقر في لبنان قبل الأزمة الاقتصادية كانت في حدود 40 في المائة، أما اليوم فقد بلغت حدود 60 في المائة، وأزمة كورونا فاقمت التحدي المعيشي".
ويعاني اللبنانيون من أزمة معيشية خانقة، مع تراجع سعر صرف الليرة في السوق السوداء إلى 2700 مقابل الدولار، فيما لا يزال السعر الرسمي عند 1507 ليرات، ما يرفع أسعار السلع الغذائية في الأسواق بنسب كبيرة.
ويواجه البلد صعوبات مالية حادة، فيما أعلن وزير المالية، غازي وزني، يوم الجمعة، عن خطة إنقاذ اقتصاديّة واسعة، حيث تعهّد بإعادة هيكلة كاملة للدين العام المقوّم بكل من الليرة والدولار، وإصلاح معمّق للقطاع المصرفي، إضافة إلى إصلاح مالي لتعزيز النمو، ولا سيّما من خلال تنمية الاقتصاد المنتج، واصفاً النموذج الاقتصادي اللبناني بأنّه معطل.
ويرزح لبنان تحت عبء دين عام يُعادل أكثر من 170 في المائة من ناتجه المحلّي، وبذلك يُعدّ من أكثر الدول مديونيّة في العالم. وأعلنت الحكومة، الإثنين الماضي، أنها ستتوقّف عن سداد كلّ مستحقّات سندات اليوروبوند بالدولار الأميركي. وجاء هذا بعد تعليق سداد سندات دوليّة بقيمة 1.2 مليار دولار كانت تستحق في 9 مارس/آذار الجاري، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد.