كورونا والأزمة الاقتصادية لم يحرما الجزائريين الاحتفال بعيد الأضحى

04 اغسطس 2020
كان الإقبال أقلّ من المعتاد على شراء الأضاحي (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

حرص الجزائريّون على المحافظة على العادات والطقوس التي اعتادوها خلال عيد الأضحى، فأعدوا أطباقاً تعتمد على لحوم الأضاحي، وتجمعوا للشواء، وإن بنسبة أقل، في ظل الظروف الصحية الصعبة وتفشي فيروس كورونا، إضافة إلى تراجع قدرتهم على شراء الأضاحي.
وأظهرت عائلات جزائرية تمسّكها بالطقوس المرتبطة بإحياء فرحة العيد، كما في كل عام، إذ تتفنّن العائلات في طهو أطباق عدّة معروفة في البلاد، أهمها طبق "البوزلوف"، الذي يُعَدّ بمرق رأس الأضحية.
وكان لهذا الطبق حصة الأسد على مائدة عيد الأضحى في مختلف المناطق. بعد شيّه على النار ونزع كل الصوف المحيط برأس الذبيحة، يُقسَم إلى أربع أو ست قطع لتُغسل جيداً بالماء الساخن، ثم تنقع بالثوم والبصل ومختلف التوابل والملح أو ما يطلق عليها "الفاحات"، التي تعطي للأطعمة نكهة خاصة، ثم يزاد الماء لتُطهى على نار هادئة. وعندما يصبح طرياً وناضجاً، يمكن تقديمه في طبق يضاف إليه القليل من الفلفل الأخضر المقطع إلى قطع صغيرة، مع البقدونس والليمون.
وفي العديد من المناطق الجزائرية، يُعَدّ هذا الطبق بنحو مغاير تماماً، وتعتمد ربات البيوت على طهوه بالبخار، ويطلق عليه طبق "البوزلوف المفور"، وهو أيضاً طبق لذيذ يضاف إليه القليل من البطاطاس المقلية، ويقدم أيضاً مع زينة خضراء قوامها "السلطة والبقدونس والفلفل الأخضر".
إضافة إلى البوزلوف، يعدّ العصبان طبقاً أساسياً أيام عيد الأضحى، وهو عبارة عن أمعاء الأضحية، ما يجبر ربات البيوت على تنظيفها جيداً. بعد ذلك، تقطع إلى قطع صغيرة، من خلال حشوة مصنوعة بالتوابل، وخصوصاً الفلفل الأحمر والكزبرة والثوم والبصل، وأنواع من الحشائش التي تزيدها نكهة، وتُطهى مع القليل من الماء والملح، ويضاف إليها الحمص، لتقدَّم في أطباق جاهزة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتختلف تسميات العصبان والدوارة والكرشة في المناطق الجزائرية، وقد تناولتها الأسر خلال اليوم الأول للعيد. 
وعلى غير العادة، فضّلت يمينة التي تعيش في منطقة بأعالي العاصمة الجزائرية، تجهيز طبق الكسكسي باللحم في اليوم الثالث من العيد وتوزيعه على جيرانها، في ظلّ التزامها الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي. 

عيد العروس عادة تحرص عليها العائلات وترتبط بالمخطوبين


وللعادات الجزائرية خلال عيد الأضحى ميزتها التي تنتقل من جيل إلى جيل، وصارت جزءاً مهمّاً من الذاكرة الجماعية للمجتمع الجزائري، كما قال أستاذ الأنتروبولوجيا محمد السعيد منحور لـ"العربي الجديد"، وهو من منطقة باتنة شرقيّ الجزائر، لافتاً "العربي الجديد" إلى أن المناطق الداخلية هي الأكثر حرصاً على هذه العادات، حتى في عزّ الوباء، إذ باتت تعرف بـ"موروث ثقافي يسعى كثيرون إلى تأصيله وتوريثه للأبناء".
لكنه قال إن المظاهر تراجعت بسبب الأزمة الاقتصادية، وقلّ عدد الأطباق التي كانت تُعدّها النساء. 
الوقاية في تجمّعات الشّواء
وما يميّز الأعياد في الجزائر، تجمّع الشباب لطهو اللحوم على الجمر. وغالباً ما يكون ذلك في أماكن مفتوحة، خصوصاً في الغابات والجبال. إلا أن كورونا دفع كثيرين إلى الشواء في البيوت في الأيام الأولى. ويُسمّى طبق الملفوف، وهو عبارة عن قطع من اللحم والكبد والطحال ملفوفة بالشحم ومطهوة على الجمر.

قضايا وناس
التحديثات الحية

واكتفى كثيرون بطهو اللحم على الجمر في البيوت طوال أيام العيد، معتبرين ذلك أهم ما يميز الاحتفال بعيد الأضحى بعد تأدية الشعائر الدينية. لكن غابت تجمعات العائلات والزيارات في مثل هذه المناسبة بسبب كورونا.
حقّ العروس 
يعدّ عيد العروس أو ما يسمى في مناطق عدة "سهم العروسة"، عادة تحرص عليها العائلات الجزائرية خلال الأعياد، وترتبط بالمخطوبين، ومن شأنها أن تساهم في تقريب عائلة كل من الزّوجين قبل الزواج من خلال تبادل الزيارات.
هذه العادة المتوارثة، تشترط أن يقدم الرجل هدية إلى خطيبته في العيد، وترتيب احتفال ضيّق يقتصر على عائلتي العريس والعروس. خلالها، يُهدي العريس خطيبته قطعة من لحم الأضحية، غالباً ما يكون الكتف أو الفخذ، إضافة إلى مجموعة متنوّعة من الفاكهة والتّمر وهدايا أخرى، مثل الملابس ومستحضرات التجميل والعطور.

تتفنّن العائلات في طهو أطباق عدّة معروفة، أهمها طبق "البوزلوف"


وفي اليوم الرابع أو الخامس من أيام العيد، تزور عائلة العريس (والدته وأخواته) بيت خطيبته، بهدف تمتين العلاقة بين العائلتين. لكن على عكس السنوات الماضية، ارتأى كثيرون إلغاء هذه العادة التزاماً بإجراءات التباعد الاجتماعي الناتجة من تفشي فيروس كورونا، وهو ما دفع البعض إلى ارسال الهدية إلى بيت العروس دون ذهاب الأهل، والاكتفاء بايفائها حقّها من لحم الأضحية حرصاً على الوقاية، كما قال خالد رحموني لـ"العربي الجديد". ولفت إلى أن هذه العادة من شأنها أن تساهم في تقريب (عائلتي الزوجين) قبل الزواج.
 

المساهمون