ويصوت البرلمان البريطاني على اتفاق "بريكست"، الذي أبرمته رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الجانب الأوروبي، يوم الثلاثاء القادم، وسط توقعات بخسارتها للتصويت. وكان حزب العمال قد تعهد بطلب التصويت على سحب الثقة من حكومة ماي في تلك الحالة.
وقال كوربن، اليوم الخميس: "أقول لتيريزا ماي: إذا كنت واثقة بصفقتك فدعينا نتوجه لانتخابات عامة ونضع القرار في يد الشعب. وإلا، فإن حزب العمال سيتقدم بطلب سحب الثقة من الحكومة في اللحظة التي نرى أنها تمتلك أكبر فرص النجاح".
وأضاف كوربن "طبعاً، لا يمتلك حزب العمال ما يكفي من الأصوات في البرلمان لكسب التصويت وحده، ولذلك يجب أن يصوت جميع النواب لتجاوز هذا الطريق المسدود. لا يمكن لهذا الشلل أن يستمر. إن حالة عدم اليقين تجازف بوظائف الأفراد وحياتهم".
وقال أيضاً "أما في حال فشلنا في الدفع لصالح انتخابات عامة، فإننا سنبقي كافة الخيارات على الطاولة، بما فيها خيار دعم التصويت الشعبي. إلا أن الانتخابات هي أولويتنا. ليس لأنها الخيار الأكثر عملية فقط، ولكنها أيضاً أكثر ديمقراطية".
وأكد كوربن أن حزب العمال سيسعى للقاء في نوع من الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست، قائلا "إن اتحاداً جمركياً جديداً وحكومة عمالية راديكالية ذات استراتيجية صناعية نشطة ستسمح بإعادة نهضة قطاعنا الصناعي، والذي سينتج وظائف آمنة وجيدة ويساهم في ازدهار مناطق في بلادنا عانت من الإهمال لفترات طويلة".
وأكد كوربن على أهمية العلاقة القوية مع السوق المشتركة "لأن التجارة السلسة والحكومة العمالية الراديكالية التي تنوي الاستثمار في كافة المناطق والأمم في بلدنا، ستسمح لنا بإعادة النمو الحقيقي لاقتصادنا، وتسمح بإعادة التوزيع العادل للثروة التي تنتجها قوتها العاملة".
وأشار كوربن إلى احتمال تأجيل موعد "بريكست"، في توافق مع تصريحات لوزير "بريكست" العمالي كير ستارمر، والذي قال، أمس، إن الانتخابات العامة ستتطلب عملياً وحتماً تأجيل موعد "بريكست".
إلا أن ستارمر كان قد قال، أمس، إن الاستفتاء الثاني قد يكون حالياً الخيار العملي الوحيد لتجنب الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، في خلاف واضح مع زعيم العمال.
ويأتي نشاط العمال على ساحة "بريكست" بعد هزيمة ثانية تلقتها الحكومة المحافظة، مساء أمس الأربعاء، على يد تحالف جمع الأحزاب المعارضة، وعلى رأسها العمال، إضافة إلى عدد من المتمردين من حزب المحافظين على سياسة ماي، والتي تتجه لوضع البرلمان أمام أحد خيارين: صفقتها أو "بريكست" من دون اتفاق.
وكان البرلمان البريطاني قد صوت، مساء الأربعاء، لصالح قانون يجبر الحكومة على التقدم بخطة بديلة لاتفاق ماي في غضون ثلاثة أيام من تصويت الثلاثاء، في حال فشلها في كسبه.
وتتهم ماي بنية المماطلة في التقدم بخطة بديلة حتى اقتراب موعد "بريكست" في نهاية مارس/ آذار، وبالتالي وضع النواب أمام أحد خيارين لا يتمتع أي منهما بأغلبية برلمانية. إلا أن تصويت أمس يمنح الحكومة مهلة حتى 28 يناير/ كانون الثاني الحالي قبل أن يتدخل البرلمان في خطط الحكومة ويوجه مسار "بريكست".
ويمكن للبرلمان حالياً اختبار مدى شعبية الخيارات الأخرى المتاحة، ومنها الاستفتاء الثاني، أو الاتحاد الجمركي الدائم، أو النموذج النرويجي المعدل، قبل نهاية الشهر الحالي.
ومن جانبها، تحاول ماي كسب أصوات من الكتلة النيابية العمالية لصالح خطتها، حيث التقت بعدد منهم، مساءً، في اجتماعات خاصة. واجتمعت ماي بنواب عماليين عن مناطق صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتعاني خطة ماي حالياً من تناقض رئيسي، حيث إنها تريد الحفاظ على التجارة السلسة مع الاتحاد الأوروبي، من دون البقاء في الاتحاد الجمركي، أو الالتزام بخطة المساندة الخاصة بالحدود الأيرلندية.
وفي محاولة أخرى من جانبها للالتفاف على المعضلة وكسب أصوات "الحزب الاتحادي الديمقراطي" الأيرلندي، اقترحت حكومة ماي أن يلعب البرلمان الأيرلندي الشمالي في ستورمونت دوراً رئيسياً، بحيث يكون له حق نقض أي تشريعات تجارية قادمة من بروكسل بعد "بريكست".
كما تعهدت أيضاً بمنح برلمان ويستمنستر حق التصويت على تمديد الفترة الانتقالية أو اللجوء إلى خطة المساندة عام 2020، بعد انتهاء الفترة الانتقالية رسمياً.
إلا أن المبادرتين السابقين قوبلتا بالرفض التام. فقد قال نائب زعيمة الحزب الأيرلندي، نايجل دودز، إن هذه التنازلات "تجميلية"، مجدداً رفض حزبه التام لوجود خطة المساندة في اتفاق "بريكست".
أما على جبهة الاتحاد الأوروبي، فلا تزال ماي تسعى للحصول على تنازلات من بروكسل حتى موعد التصويت، يوم الثلاثاء. إلا أن هذه الخطوة لا تزال غير مثمرة وسط رفض الاتحاد الأوروبي لتقديم أي تعديل على الاتفاق، وعرضه مجرد تطمينات غير ملزمة قانونياً فقط.