خطف فريقا ليفربول وتشلسي الأضواء من كل فرق البريميرليغ خلال هذا الشهر، بعد أداء رائع ونتائج مبهرة خارج وداخل الديار، ليحصل الثنائي يورغن كلوب وأنطونيو كونتي على كامل الدعم من الإعلام والجمهور، ويتصدر زعيم ميرسيسايد قمة ترتيب البطولة المحلية، مع منافسة شرسة من جانب "البلوز" بعد تأخر السيتي وآرسنال إلى المركزين الثالث والرابع.
وعلى الرغم من توقع غالبية المتابعين تألق كل من بوغبا ودي بروين، في شهر أكتوبر، عانى الثنائي من الغيابات والإصابات وانخفاض المستوى في بعض المباريات، مقابل حضور غير تقليدي لفيليب كوتينهو وإيدن هازارد. ولا يرتبط الأمر فقط بتسجيل الأهداف بل بالدور المحوري للنجمين في تكتيك أول وثاني البريميرليغ.
أهم من سواريز
"إذا عاد سواريز إلى ليفربول، سيجلس على دكة البدلاء". لم يقصد كلوب أبداً التقليل من هداف برشلونة، لكنه يتحدث من منظور تكتيكي بحت يؤمن به، حيث إن فريقه يلعب أفضل هذا الموسم دون مهاجم صريح، وبالمقارنة السريعة بين المباريات التي شارك فيها ستوريدج ونظيرتها التي غاب خلالها، سنجد تفوقاً واضحاً لمتصدر الدوري عندما يلعب من دون مهاجم صريح داخل منطقة الجزاء وخارجها.
يعتمد كلوب في لعبه على محاولة وضع كل الضغط على المنافس في نصف ملعبه، لذلك يريد أكثر مهاجم يجيد لعبة الضغط، لا يتوقف أبداً طلباً للكرة، بل ينقض على خصمه حتى يحصل عليها، وينفذ المرتدة القاتلة بأقل عدد ممكن من التمريرات. لذلك يراهن على فيرمينو في الأمام، وخلفه رباعي متحرك غير ثابت يبدأ بهندرسون في الخلف ولالانا بالأمام، وبينهما إيمري كان أو فينالدوم وساديو ماني.
كل هؤلاء يضغطون ويدافعون ويهاجمون ويسجلون الأهداف، لتنجح فكرة اللا مركزية في تغطية أكبر قدر ممكن من المساحات داخل الملعب، لكن يكمن الجزء الأهم في هذه التشكيلة بين أقدام البرازيلي كوتينهو، لأنه يتحرك في الفراغ المتاح ويطلب الكرة في المناطق الخطيرة، ليجده زملاؤه كمهاجم صريح ومتأخر وصانع لعب وجناح، ولاعب وسط عند الحاجة.
يختلف البرازيلي عن بقية الفريق في كونه بارعاً جداً أثناء مواجهة الفرق التي تدافع من الخلف، إنها أكبر معضلة تواجه فرق كلوب، لأنها لا تقدر على الهجوم المنظم لمدة طويلة، وبالتالي عانى المدرب كثيراً مع دورتموند وتكررت المشكلة مع ليفربول في بعض المباريات، خصوصاً حينما يتأخر في النتيجة أمام فريق دفاعي بالفطرة، كما حدث أمام بيرنلي في بداية البطولة.
تطور فيليب كثيراً على مستوى النجاعة الهجومية، فاللاعب تجرأ أمام المرمى من خلال التسديدات القوية، والقطع المستمر من الجناح إلى عمق منطقة الجزاء، مستفيداً من عدم وجود مهاجم صريح يحجز الرؤية أمامه. ويعرف كلوب جيداً قيمة نجمه، حيث إنه سيكون طوق النجاة الوحيد له في المباريات المغلقة، لأنه أفضل مراوغ يستطيع التسديد من وضع الثبات قبل الحركة، وتشير الخريطة الحرارية للفريق بوجوده دائماً بالثلث الأخير، بسبب التغطية المستمرة خلفه من جانب خط الوسط، وتفرغه التام لأداء الشق الهجومي.
هدية كونتي
قدم تشلسي عودة تاريخية بعد البداية المتعثرة في الدوري، ليحقق الإيطالي كونتي سجلاً رائعاً من الانتصارات دون استقبال أي هدف، بعد التحول إلى خطته المفضلة 3-4-3، بوجود ثلاثي خلفي صريح أمامه ثنائي محوري وثنائي آخر على الأطراف، مع اللعب بمهاجم صريح وتحته جناحان خارج منطقة الجزاء.
من الصعب الضغط على فريق تشلسي أثناء البناء من الخلف، لأن حارس المرمى أمامه 5
خيارات للتمرير، كذلك تعطي هذه الخطة زيادة عددية في جانب ما من الملعب، عن طريق نقل الكرة من اليمين إلى اليسار أو العكس، ليبدأ الهجوم بالظهير المتقدم رفقة الجناح الصريح، مما يؤدي إلى خلق موقف 2 ضد 1 أو 2 ضد 2، مع فتح الملعب عرضياً عن طريق بيدرو، الذي يتحرك باستمرار من الطرف إلى العمق، حتى يتيح الفرصة لصعود موسيس على اليمين.
ويحصل هازارد على أهمية أكبر داخل هذا التكتيك، ليتحول من دور الصانع إلى الهداف، ويسجل 7 أهداف بالدوري مع صناعته لهدف يتيم، نتيجة الحرية الكاملة التي أعطاها له مدربه كونتي، بوجوده المستمر على مقربة من كوستا، وتغطيته الدائمة بثنائي على الطرف، ألونسو خلفه مباشرة وكاهيل من بعيد عند الحاجة.
وبسبب المجهود الدفاعي المضاعف للثنائي كانتي وماتيتش في التغطية خلف لاعبي الرواق، يقوم دافيد لويز بدور صانع اللعب من الخلف عند الحاجة، وتتحول الخطة إلى ما يشبه 3-5-2، بغلق منطقة الوسط بخماسي صريح، وإعطاء دفة القيادة لكل من كوستا وهازارد في قلب الهجوم، الأمر الذي تسبب في زيادة عدد أهداف جوهرة بلجيكا.
وتتضاعف قيمة هازارد في كونه ناجحاً أيضاً، على اليمين، لأنه يحصل على الكرة ويراوغ منافسه للداخل، مع التسديد المفاجئ بقدمه اليسرى التي يتحكم بها جيداً، مما يجعل مسألة توقع طريقة لعبه أمراً صعباً، كما حدث في الهدف الرابع أمام إيفرتون في مباراة الأسبوع الماضي، إنه اللاعب الأكثر تطوراً في الربع الأول من هذا الموسم.