أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، أنه "بصدد إعداد اقتراحات لتعديلات طفيفة على الاتفاق الليبي". وجاءت تصريحات كوبلر خلال إحاطته الشهرية التي قدمها أمام مجلس الأمن حول آخر التطورات في ليبيا، مساء الأربعاء.
وتحدث كوبلر عن وجود إشكاليات في تنفيذ الاتفاق المبرم بين الأطراف الليبية، قائلاً إن "هناك مؤسسات موازية ما زال وجودها مستمراً، كما لم يعترف مجلس النواب الليبي بحكومة الوفاق الوطني كما لم يعتمد التعديل الدستوري".
وتحدث كوبلر عن إنتاج النفط الليبي الذي تجاوز 800 ألف برميل في اليوم، وتحدث عن استمرار تهديد "داعش" لليبيين، ولكن أكد في الوقت ذاته أن التنظيم أصبح ضعيفا، وبمثابة "ظل لما كان عليه قبل سنة فقط".
وأشار كوبلر إلى توافق الآراء بين الليبيين حول كون الاتفاق السياسي ما زال الأمل الأبرز من أجل التوصل إلى حل نهائي في البلاد. وأشار إلى الأولويات التي يحتاج المجتمع الدولي معالجتها من أجل المضي قدما نحو الأفضل، حيث قال: "ثمة إجماع بأن الاتفاق السياسي الليبي يشكل الإطار للعملية السياسية على الرغم من الانتقادات، وبعد أشهر من المشاورات مع الليبيين وأصحاب الشأن الإقليميين والدوليين، نطور خارطة طريق لإتاحة تعديلات محدودة للاتفاق السياسي".
وفي هذا السياق أشار كوبلر لوجود اقتراحات مختلفة حول شكل المحادثات على سبيل المثال، وأكد ضرورة دعم المجتمع الدولي لتنفيذ الاتفاق، وعلى ضرورة توفيره الضمانات من أجل تنفيذ تلك الاتفاقيات أو التغييرات التي يجمع الليبيون عليها.
وعن الوضع العسكري على الأرض، قال كوبلر: "قامت عناصر متشددة بما فيها عناصر مرتبطة بالقاعدة باغتيال عشرات الأشخاص، في الهجوم الذي وقع في الـ 18 من شهر أيار/ مايو الأخير، وكلما اقتربنا إلى التسوية ازدادت أعمال العنف".
وعن لقائه بالمشير حفتر في بنغازي قال إنه "حصل على تطمينات بأن حفتر يرغب بالالتزام بالاتفاق ودعم العملية السياسية لتعديل الاتفاق".
وأكد كوبلر اتفاقه مع حفتر على أن "الجهاز الأمني الليبي الموحد ضروري للسلام والازدهار". مشيراً إلى "ضرورة لقاء الضباط من كافة المناطق في ليبيا لمناقشة مسائل أمنية"، وقال إن "الأمم المتحدة مستعدة لتيسير هذا اللقاء كما فعلت في الماضي".
وأشار كوبلر إلى "ضرورة توسيع الخطة الأمنية في طرابلس لتشمل كل المدينة"، وأكد "ضرورة استبعاد الجيش وعدم استخدامه من أجل تحقيق أهداف سياسية، ولكن الحل السياسي بما فيه الاتفاق على سلطة مدنية لقيادة جهاز أمني هو أمر ضروري".
وفي ما يخص الاقتصاد تحدث كوبلر عن "وجود تحديات كبيرة وذلك على الرغم من الزيادة التي سجلتها عائدات النفط، وتمكن المجلس الرئاسي من الاتفاق على ميزانية جديدة لعام 2017".
وأشار في هذا الصدد إلى أن "الانقسام في المؤسسات المالية وانعدام الثقة في القطاع المصرفي وانعدام الاستقرار تؤدي جميعها إلى ازدياد في نسبة التضخم وغياب السيولة"، لافتا إلى أن "ليبيا تنفق أموالا لا تملكها واحتياطي العملة الأجنبية ما زال يتقلص"، ولفت إلى أن "تدهور الوضع الإقتصادي وانفجار السوق السوداء تصب جميعها في تغذية أعمال العنف في ليبيا".
وأشار إلى ضرورة المصالحة الوطنية ورحب بخطوة المجلس الرئاسي لإنشاء لجنة مصالحة وطنية والبدء بمشاورات رسمية، وأكد دور الشباب والمرأة، ووصفه بالأساسي والضروري وطالب بتعزيزه.
كما تحدث عن دعوة الكثير من الليبين إلى ضرورة اخراط أكبر لمؤسسات المجتمع المدني، وناشد المجتمع الدولي عدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع تقديم الدعم للاتفاق السياسي.
وعن أوضاع المهاجرين قال كوبلر: "ما زال المهاجرون يلقون حتفهم فيما هم يبحثون عن حياة أفضل، يعيش الكثير من الرجال والنساء كابوسا حيث يقبعون في السجون ومراكز الاحتجاز، كما تعرضت خمسة مستشفيات للتفجير منذ بداية العام والإمدادات الإنسانية لا يمكنها الوصول إلى عدد من المناطق في ليبيا بسبب انعدام الأمن". وأعرب أخيراً عن قلقه لأوضاع حقوق الإنسان وتعرض المدنيين للقتل خلال النزاع المسلح.
ومن جهته صرح السفير الفرنسي لمجلس الأمن، فرانسوا دو لاتر، قبل دخوله إلى قاعة الاجتماعات أن "بلاده تشعر بالقلق حول التصعيد العسكري على الأرض في ليبيا، وخاصة في ما يتعلق بالتطوارات جنوب البلاد".
وقال "نعتقد أنه من الضروري، أكثر من أي وقت مضى، أن يذكّر مجلس الأمن الأطراف المتنازعة بأنه لا يمكن حل النزاع عسكرياً، ويبدو أن بعض الأطراف غير مقتنعة بذلك، وعلينا كمجلس أمن أن نرسل رسالة واضحة بهذا الشأن، وأن نكون متحدين".