كواليس السياسة والصحافة في فيلم مُشوّق

13 ابريل 2020
آنّا هاثاواي في "ساندانس 2020" (ماتّ وينكلماير/Getty)
+ الخط -
تخوض الصحافية الأميركية إيلينا ماكماهون (آنّ هاثاواي) مغامرات مهنية خطرة في أدغالٍ وكواليس. متابعتها أهوال الحرب الأهلية في سلفادور عام 1982، لحساب يومية "الصحافة ـ آتلنتيك سيتي" (واشنطن دي. سي.)، تكاد تُكلّفها حياتها، فتنجو في اللحظات الأخيرة من موتٍ محقَّق، وتعود إلى بلدها. تُصرّ على متابعة موضوعٍ عالق، يتناول تورّط الإدارة الأميركية في "أعمالٍ مشبوهة" في أميركا الوسطى تحديداً، لكن إدارة التحرير تُكلّفها بتغطية الحملة الانتخابية الثانية لرونالد ريغان (1984). بعد وفاة والدتها بوقتٍ، يزورها والدها ريتشارد (ديك) ماكماهون (وليام دافو)، الذي يبدأ مرحلة الشيخوخة، جسدياً ونفسياً. يطلب منها خدمة لعجزه عن إتمام صفقة بعد الاتفاق عليها، والصفقة تدرّ عليه مبلغاً كبيراً من المال، يستطيع به تسديد دينٍ، والاحتفاظ بالباقي لنفسه.

المسألة بسيطة، أو هكذا يُخيَّل لمُشاهد "الأمر الأخير الذي طلبه" (The Last Thing He Wanted) للمخرجة الأميركية دين ريس. إيلينا محتاجة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، فالمهنة بالنسبة إليها هي هكذا. تعود إلى أميركا الوسطى، وتذهب إلى نيكاراغوا للإشراف على الصفقة (بيع أسلحة)، لكنّ الوضع أخطر من المتوقّع. المرحلة المقصودة في الفيلم ـ الذي تبثّه المنصّة الأميركية "نتفليكس" منذ 21 فبراير/ شباط 2020، بعد عرضه الأول في الدورة الـ36 (23 يناير/ كانون الثاني ـ 2 فبراير/ شباط 2020) لـ"مهرجان ساندانس السينمائي" (27 يناير/ كانون الثاني 2020) ـ تُحيل إلى لحظة معبِّرة في التاريخ الحديث للولايات المتحدّة الأميركية: صفقة أسلحة لإيران، رغم الحصار الأميركي الدولي المشدّد عليها، لتمويل "كونتراس" في حربهم ضد الحكومة الساندينية في نيكاراغوا، في ثمانينيات القرن الـ20.




يمزج الفيلم تشويق المغامرات الخطرة بالكواليس السياسية والصفقات السرّية. فيه شيء عن مهنة الصحافة ومعناها أيضاً. يقول أحدهم لإيلينا، بعد بوحها له بأنْ لم يعد لديها سوى تلك القصّة (نيكاراغوا): "هل تعرفين من كانوا الضحايا الذين لم يُبلَّغ عنهم في فيتنام؟ المراسلون الذين لم يتخطّوا الأمر". فإيلينا واقعةٌ في مهنتها إلى أبعد الحدود، و"مُنجذبةٌ" إلى حتفها من دون أن تدري، أو ربما هي تشعر بذلك، فمن يكن في الخطّ الأول للمواجهة، يتوقّع تعرّضه للموت كلّ لحظة. ذهابها إلى نيكاراغوا منطلقٌ من إلحاح والدها، لكنّها مُدركة منذ البداية أن الواجب والحماسة المهنيّين هما دافعها الأول.

الاشتغال الفني في الفيلم مُرتكزٌ على سلاسة سرد وتكثيف أحداث وتتابعها المرن، كأي فيلم تشويقي. يهبط المسار قليلاً في منتصفه (لقاء إيلينا بوالدها يوحي، للحظات، كأنّ السياق الدرامي سيتّخذ درباً آخر)، لكنّه يستعيد حيويته مع عودة إيلينا إلى أدغال مهنتها. ليس السيناريو (ماركو فيلالوبوس ودي ريس، عن رواية بالعنوان نفسه صادرة عام 1996، للكاتبة الأميركية جوان ديديون، المولودة عام 1934) مفاجئاً أو صادماً أو مختلفاً، لكنّه محبوك بمتانة، تنبثق من سيرة صحافية في عملها الاحترافيّ.

يكشف الفيلم أحد فصول الفساد السياسي والمالي في أميركا رونالد ريغان، لكن الكشف السينمائي عاديّ، رغم أنّ صُنعه يُلبّي مفردات هذا النوع.
دلالات
المساهمون