كشفت مصادر سياسية قريبة من دوائر صناعة القرار المصري أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أعلن ترشحه لولاية ثانية، حصل على ضوء أخضر أميركي بشأن الإجراءات التصعيدية ضد رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الفريق سامي عنان، والذي أعلن في وقت سابق عزمه الترشح للرئاسة عبر بيان متلفز.
وقالت المصادر "إن مسألة الانتخابات الرئاسية كانت محل نقاش بين السيسي، ونائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي زار مصر يوم السبت الماضي"، مضيفة "السيسي حصل على وعد أميركي بعدم التدخل أو التعليق على المشهد الداخلي المصري أو الإشارة إلى عنان"، لافتة "إلى أن السيسي أخبر بنس بأن عنان لن يكون في استطاعته الاستمرار في السباق الانتخابي، حال قرر ذلك بسبب عوائق قانونية".
وعقب اعتقال عنان، اقتصر الموقف الأميركي على تأكيد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تتابع "التقارير المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في مصر عن كثب". وأضاف: "نحن نؤيد عملية انتخابية موثوقة وفي الوقت المناسب، ونعتقد أن ذلك يحتاج إلى إتاحة الفرصة للمواطنين للمشاركة بحرية ومعالجة القيود المفروضة على حرية إنشاء الجمعيات والتجمع السلمي والتعبير".
كما كشفت مصادر شديدة القُرب من عنان، أنه تعرض لضغوط شديدة خلال جلسة التحقيق معه بالنيابة العسكرية، لإصدار بيان اعتذار عن ترشحه للرئاسة، واعتذاره للقوات المسلحة والرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدة أن عنان "رفض بشدة"، مشدداً على صحة موقفه وعدم ارتكابه أي مخالفات أو جرائم تدفعه للاعتذار.
وقالت المصادر إن عنان "أبلغ قيادات عسكرية كانت تتابع التحقيقات عن قرب، بأنهم إذا تمسكوا بالتعامل معه بهذه الطريقة التي وصفها بأنها لا تحترم تاريخه وموقعه السابق كنائب سابق لرئيس المجلس العسكري، ورئيس الأركان الأسبق، وشارك في حرب أكتوبر 1973، فسيقوم بكشف تفاصيل وأحداث كثيرة تدين أطرافاً في السلطة على رأسها السيسي شخصياً". وتابع المصدر "موقف عنان وما قاله هو السبب الأساسي في اقتحام منزله مساء أول من أمس الثلاثاء، وإخفائه ومنْع المحامين وأفراد أسرته من التواصل معه".
وأوضحت المصادر أنه يوجد أدلة وردود تنفي الاتهامات الموجهة لعنان رسمياً، مؤكدةً أن اتهامه بالتزوير في محررات رسمية لإدراج اسمه في كشوف الناخبين أمر في منتهى السخرية. وذكّرت المصادر بأن "عنان أدلى بصوته أمام كافة وسائل الإعلام المحلية والعالمية في السادس والعشرين من مايو/أيار 2014 في الانتخابات الرئاسية الماضية في لجنة مدرسة فاطمة هلال بالتجمع الخامس في القاهرة الجديدة وسط ترحاب من المواطنين، وهو ما يعني أنه لم يزوّر وإلا فلماذا لم تتخذ القيادة العامة للقوات المسلحة موقفا ضده وقتها". واستطردت المصادر "الأهم من ذلك أن المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع حينما كان عنان رئيساً للأركان أيضاً، أدلى بصوته في تلك الانتخابات بإحدى اللجان في مدينة نصر، وهذا موثّق بالصور. وهو ما يعني أنه إذا ثبت أن عنان أخطأ فبالتالي لا بدّ من محاكمة طنطاوي أيضاً بتهمة التزوير في محررات رسمية، لكونه كان عضواً بالمجلس العسكري وينطبق عليه نفس ما ينطبق على عنان".
يشار إلى أن أن طنطاوي يعد من المرجعيات المهمة التي يستشيرها السيسي في قراراته المهمة، وتربطه به علاقة جيدة. ويحرص السيسي على دعوته لكافة الفعاليات والمؤتمرات.
وكانت قوة من الشرطة العسكرية قد قامت بإلقاء القبض على عنان، خلال توجهه إلى مكتبه صباح الثلاثاء، وإحالته للتحقيق إلى النيابة العسكرية، كما قامت قوة أخرى من الشرطة العسكرية بمداهمة منزله وتفتيشه.
وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة، أول من أمس الثلاثاء، بياناً بخصوص ترشح الفريق سامي عنان لرئاسة الجمهورية أكدت خلاله ارتكاب رئيس الأركان الأسبق ثلاث مخالفات وصفتها بالجسيمة، تمثّلت في "إعلانه الترشح للانتخابات دون الحصول على موافقة القوات المسلحة أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له"، و"تضمين البيان الذي ألقاه بشأن ترشحه للرئاسة ما يمثل تحريضا صريحاً ضد القوات المسلحة بغرض إحداث الوقيعة بينها وبين الشعب العظيم"، و"ارتكاب جريمة التزوير في المحررات الرسمية وبما يفيد إنهاء خدمته في القوات المسلحة على غير الحقيقة، الأمر الذي أدى إلى إدراجه في قاعدة بيانات الناخبين دون وجه حق". وشددت القيادة العامة للقوات المسلحة على "اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال ما ورد من مخالفات وجرائم تستدعي مثوله أمام جهات التحقيق المختصة".