يشعر الزعيم القبلي الأفغاني خان زمان وزيري بخيبة الأمل جراء عدم قدرة الحكومة الأفغانية على منع مسلحي حركة طالبان من القطع المستمر لأسلاك الكهرباء في منطقة باد بخت الجبلية الواقعة في إقليم لغمان شرقي البلاد، لإجبارها على إطلاق سراح معتقلي الحركة، ومطالبتها بدفع إتاوة مالية للحفاظ على استمرار وصول التيار للسكان، وهو ما ترفض الحكومة التجاوب معه ما تسبب في ظلام لا يوقفه إلا ضوء النهار بما يعنيه الأمر من عرقة العمل في المستشفيات والمراكز التعليمية وغيرها من مناحي الحياة كما يقول.
وتستورد أفغانستان 95% من احتياجاتها من الكهرباء من دول آسيا الوسطى طاجكستان وتركمنستان وأوزبكستان إضافة إلى إيران بقيمة تصل إلى 250 مليون دولار سنويا، وعلى الرغم من تطور بسيط بإعادة تشغيل جزئي لأكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفغانستان إذ استأنف أحد مولداتها الأربعة العمل بعد توقف دام ست سنوات، مما يمثل علامة بارزة في تطوير الطاقة الكهرومائية لأفغانستان وفق دراسة صادرة عن البنك الدولي في مايو/أيار الماضي، إلا أن الإنتاج المحلي للكهرباء لا تزال نسبته 5% من إجمالي ما تحتاجه البلاد من الطاقة وفقا لبيانات شركة الكهرباء الأفغانية دا أفغانستان برشنا.
سرقة التيار الكهربائي
لا تقتصر أسباب مشكلة الكهرباء في أفغانستان على الصراع بين طالبان والحكومة، إذ تنتشر سرقة التيار من أعمدة الكهرباء في المناطق النائية، وحتى في قلب العاصمة كابول بحسب تأكيد المتحدث باسم شركة الكهرباء الأفغانية دا أفغانستان برشنا وحيد الله توحيدي والذي قال لـ"العربي الجديد": "التيار الكهربائي يسرق من قبل مسؤولين وموظفين في الحكومة أيضا وليس فقط من قبل البسطاء، مضيفا أن وزارة الكهرباء تطلق كل ليلة عمليات ضد سراق الكهرباء بالتنسيق مع أجهزة الأمن لتكشف أن مسؤولين حكوميين وموظفي الدولة ضالعون في الأمر"، وهو ما دفع لطف الله عابد أحد سكان منطقة هوتخيل في العاصمة إلى الحصول على الكهرباء بنفس الطريقة التي لا يتحرج في الحديث عنها، قائلا: "منازل عديدة في منطقتي ومن بينها منزلي تحصل على الكهرباء مباشرة من الأعمدة بالتواطؤ مع موظفين يحصلون على مبالغ مالية شهرية بدلا من تسجيل الفواتير الرسمية على المنازل".
تهرب المسؤولين من سداد الفواتير
يرفض مسؤولون حكوميون وموظفون وقادة جهاديون ومواطنون عاديون دفع فواتير الكهرباء، وفق ما قاله توحيدي، وهو ما تؤيده بيانات صادرة عن وزارة الكهرباء تؤكد أن 2099 مسؤولاً أفغانيا رفضوا دفع فواتير الكهرباء، ومنهم نائب الرئيس الأفغاني الجنرال عبد الرشيد دوستم الذي رفض دفع فاتورة كهرباء منزله ودار ضيافته لمدة سنة التي وصلت إلى 33880851 أفغانية (ما يعادل 528ألف دولار أميركي)، ومحمد كريم خليلي زعيم حزب وحدة الإسلامي والذي بلغت فاتورة الكهرباء المستحقة عليه لمدة عام 5323347 أفغانية (تعادل 80 ألف دولار)، وعبد رب الرسول سياف رئيس حزب الاتحاد الإسلامي الأفغاني الذي بلغت فاتورة كهرباء منزله 1382845 أفغانية ما يعادل 22( دولار ألف دولار).
كما تمتنع بعض الوزارات في الحكومة الأفغانية عن دفع فواتير الكهرباء لأشهر عديدة وفقا لمصدر بوزارة الكهرباء، مشيرا إلى أن تلك الدوائر الحكومية ما زالت ترفض دفع الفواتير، وأن الوزارة رفعت القضية إلى الرئيس الأفغاني، وستطلب من وزارة المالية منع الميزانية عن جميع الدوائر الحكومية التي ترفض دفع فواتير الكهرباء وهو ما أكده الناطق باسم شركة الكهرباء الحكومية.
وبسبب تلك الحالة يؤكد محمد رفيق ومواطنون أخرون يسكنون في ضواحي كابول رفضهم دفع فواتير الكهرباء منذ خمسة أعوام، لأن المسؤولين الكبار يرفضون دفع فواتير الكهرباء كما يقولون.
محاولة لتعويض خسائر شركة الكهرباء
زادت شركة الكهرباء الأفغانية سعر كيلو واط/ساعة (وحدة قياس الكهرباء) 25% عن سعره السابق، ليرتفع من 5 أفغانية إلى 7.5 أفغانية وهو ما دفع المواطنين إلى دفع مبالغ لمسجل العدادات تتراوح بين 200 أفغانية (حوالي 3 دولار)، و500 أفغانية (حوالي 7 دولارات)، كي يسجل فاتورة الكهرباء بأقل من سعرها الحقيقي، وفق ما يقوله كل من موسم خان المتقاعد من إدارة الكهرباء المحلية في إقليم قندهار والمتقاعد في وزارة الكهرباء شيرين ولي، والذي قال لـ"العربي الجديد" الحصول على مبالغ من المستهلكين من دون منحهم فاتورة من قبل موظفي الإدارة، ومرورا بمنح أسلاك الكهرباء دون عداد، وانتهاء بسرقة الأموال داخل الإدارة من أبرز مظاهر الفساد في إدارة كهرباء قندهار خصوصا، وإدارات الكهرباء المحلية في جميع الأقاليم على وجه العموم".
ويعترف مسؤول إدارة الكهرباء في إقليم قندهار سيد رسول بوجود الفساد في وزارة الكهرباء قائلا لـ"العربي الجديد": "لا شك أن الإدارة في حال سيئ، ولكننا نعمل بكل جد لقطع الطريق على المفسدين، الذين لا يكتفون بالغش في فواتير الكهرباء، بل في تعيين الموظفين أيضا، وإخفاء الأوراق حتى لا يكتشف فسادهم أحد"، مضيفا أن أشكال الفساد ربما تختلف قليلا من إدارة إلى أخرى، ولكن جميع الإدارات الإقليمية تعاني من الفساد.
محاولة حكومية لحل مشاكل الكهرباء
تعمل إدارة شركة الكهرباء الأفغانية على محاولة حل المشاكل العديدة التي تؤثر على انقطاع التيار ومن أهمها رفض دفع الفواتير، إذ تسعى إلى معاقبة رافضي الدفع بحسب وحيد الله توحيدي، والذي لفت إلى وجود تحسن ملحوظ فيما يتعلق بتحصيل الفواتير بعد أن قامت إدارة شركة الكهرباء بفصل التيار عن آلاف المنازل، بما فيها منازل مسؤولين في الدوائر الحكومة، قائلا إن "الإدارة المعنية بسرقة الكهرباء ماضية نحو الأمام، وسيمثل الضالعون في سرقة الكهرباء أمام المحكمة، كما أنها ستطلب من وزارة المالية منع الميزانية عن كل الدوائر الحكومية التي ترفض دفع فواتير الكهرباء"، وهو ما يؤكده مسؤول المالية في وزارة الكهرباء أجمل عبد الرحيم زاي لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن الوزارة تمكنت من تحصيل جزء من أموال الكهرباء بعد اتخاذها إجراء يتضمن قطع الكهرباء عن عشرات المنازل لكبار المسؤولين، ومنهم "وزير الدفاع السابق الجنرال بسم الله خان محمدي، ووزير الإعمار والحاكم السابق لعدد من الأقاليم الأفغانية كقندهار وننكرهار جل آغا شيرازي نوروزي ونائب الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية حاجي محمد محقق وغيرهم من المسؤولين"، مضيفا: "بالرغم من أن هؤلاء المسؤولين رفضوا دفع الفواتير في بداية الأمر، ولكن بعد شعورهم بتصميم الحكومة على اتخاذ إجراءات صارمة تم تحصيل المبالغ المطلوبة".