ما يزيد عن ألفي عام مرّت على ما يعتقد المسيحيون أنه معجزة شفاء السيد المسيح عيسى، عليه السلام، لعشرة مصابين بمرض "البرص"، وما يزالون حتى اليوم يتباركون بـ"حجرٍ صحي" تحول إلى كنيسة، يعتقدون أنها رابع أقدم كنيسة في العالم.
كنيسة "القديس جورجيوس" الواقعة في بلدة برقين القريبة من مدينة جنين شمال الضفة الغربية، تسعى من خلال بلدية البلدة ورعاة الكنيسة التي تتبع بطريركية الروم الأرثوذكس، بالتعاون مع وزارة السياحة الفلسطينية لوضعها على خارطة السياحة العالمية.
ويقول راعي كنيسة برقين، معين جبور، لوكالة الأناضول: "هذا مكان مقدس نفتخر أننا نعيش بالقرب منه، حيث حدثت معجزة شفاء عشرة أصيبوا بمرض البرص، على يد السيد المسيح عليه السلام".
ويطلق على الكنيسة اسم "القديس جورجيوس"، نسبة إلى القديس جورجيوس، أو ما يعرف بـ"الخضر"، وهو قديس قديم كان يعمل في الكنيسة، كما يطلق عليها أيضا "كنيسة العشرة البرص"، نسبة إلى معجزة السيد المسيح.
ويشير جبور بيده إلى حجر داخل الكنيسة: "هذا بئر ماء استخدم كحجر صحي لمن يصابون بمرض البرص في عهد العبرانيين، وفي أعلى الكنيسة (التي كانت بئراً) فتحة كان السكان ينزلون لهم الطعام والشراب، خشية نقل العدوى لهم، ثم جاء السيد المسيح وحدثت معجزة بشفائهم". وحسب التاريخ، يقول الجبور: "فتحت الملكة هيلانة والدة الملك قسطنطين البئر، وأضافت عليه البناء الخارجي ليصبح كنيسة، في بداية القرن الرابع الميلادي".
وتعتبر كنيسة "القديس جورجيوس" رابع أقدم كنيسة في العالم بعد كنيسة المهد في بيت لحم (جنوبي الضفة الغربية)، وكنيسة القيامة في القدس، وكنيسة البشارة في الناصرة (شمال إسرائيل). وفي الكنيسة كرسي من الحجر للبطريرك، هو الوحيد في فلسطين، بحسب جبور.
واستخدمت الكنيسة من قبل سكان بلدة برقين كمصلى للمسيحيين فيها، حتى عام 2010، حيت أعيد تأهيلها وترميمها وإنشاء مرافق لها، لتصبح قادرة على استقبال السياح من مختلف أنحاء العالم. يقول جبور: "نسعى إلى ترويج الكنيسة داخلياً وخارجياً، فهي رابع أقدم كنيسة بحسب تصنيفات مسيحية، ومكانتها عظيمة لما حدث بها من معجزة".
ويبلغ عدد سكان برقين نحو 7500 نسمة، منهم 72 مسيحياً فقط، بحسب جبور ورئيس بلديتها محمد صَبّاح. ويرى جبور أن الكنيسة "إرث عربي فلسطيني، يدلل على الهوية الفلسطينية والحق الفلسطيني في أرضه"، مشيراً إلى أنه ومسيحيي برقين يعيشون في أمن وسلام مع إخوانهم المسلمين، ويتشاركون في المناسبات الاجتماعية والأعياد.
في إحدى زوايا الكنيسة يعرض القائمون عليها، قطعاً أثرية، يقول جبور عنها: "خلال أعمال الترميم عام 2010، عثر على قطع أثرية هي عبارة عن قطع قديمة للإنجيل (الكتاب المقدس للمسيحيين)، وقناديل وملعقة خاصة بالكهنة، وعبوات زيت مقدس، إلى جوارها ثلاث جثث أوضحت الفحوص العلمية أنها تعود إلى 500 عام".
أمّا رئيس بلدية برقين، محمد صباح، فيقول للأناضول: "نسعى بالتعاون مع وزارة السياحة الفلسطينية والحكومة إلى وضع البلدة على خارطة السياحة العالمية، لما تحتويه من آثار قديمة ومبان تاريخية، أهمها الكنيسة، بالإضافة إلى مبان عثمانية يجري إعادة ترميمها لتصبح مركزاً لاستقبال الضيوف والسياح".
وبعد سنوات من الإهمال وقلة الزوار، نتيجة ما شهدته فلسطين من انتفاضة امتدت لسنوات، باتت الكنيسة والبلدة تستقبل، بحسب صباح، أعداداً متزايدة من السياح العرب والأجانب. ويعتمد السكان على زراعة الخضروات والحبوب والزيتون.
وفي فناء الكنيسة مرافق عدة وآبار يعتقد أنها تعود إلى أوائل العهد الروماني، حيث يجلس جورج جبور الشاب المسيحي (17 عاماً) وصديقه المسلم طارق عزام (17 عاماً) يتبادلان أطراف الحديث. يقول جورج: "أفتخر بأني مسيحي وأعيش بالقرب من واحدة من أقدم الكنائس في العالم". ويضيف: "صديقي مسلم نحن لا نجد فرقاً بيننا، نحن مسلمون". يبتسم صديقه المسلم ويشاركنا جولتنا في الكنيسة التي كثيراً ما زارها حتى بات يعلم أدق تفاصيلها.