في الوقت الذي تسعى فيه كندا لنزع فتيل نزاع دبلوماسي متصاعد مع السعودية، اتخذت الأخيرة منحى تصعيدياً، عبر سلسلة قرارات متتالية، إذ أعلنت عن وقف برامج علاج المرضى السعوديين في كندا، وكذلك وقف المعاملات التجارية.
وأفادت مصادر، لوكالة "رويترز"، بأن كندا تعتزم السعي للحصول على مساعدة الإمارات وبريطانيا لنزع فتيل نزاع دبلوماسي متصاعد مع السعودية، لكن الولايات المتحدة الحليف الوثيق لكندا أوضحت أنها "لن تتدخل".
وكانت الحكومة السعودية قد استدعت يوم الأحد سفيرها في أوتاوا ومنعت سفير كندا من العودة إلى الرياض وفرضت حظراً على التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة، منددةً بكندا لحثها على الإفراج عن نشطاء حقوقيين. واتهمت الرياض أوتاوا بالتدخل في شؤونها الداخلية.
جاء ذلك بعد نشر السفارة الكندية تغريدات تطالب فيها بالإفراج فوراً عن ناشطين سعوديين اعتقلوا في إطار ما وُصف بأنه حملة قمع للأصوات المعارضة.
وذكر مصدر مطلع أن الحكومة الليبرالية بقيادة رئيس الوزراء جاستن ترودو، التي تشدد على أهمية حقوق الإنسان، تعتزم التواصل مع الإمارات.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الوضع "السبيل هو العمل مع الحلفاء والأصدقاء في المنطقة لتهدئة الأمور، وهو ما يمكن أن يحدث سريعا".
وأفاد مصدر آخر بأن كندا ستسعى أيضاً للحصول على مساعدة بريطانيا. وحثت الحكومة البريطانية اليوم كندا والسعودية على ضبط النفس. بينما نأت الولايات المتحدة بنفسها عن التدخل في الأزمة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت "ينبغي للجانبين أن يحلا ذلك بالوسائل الدبلوماسية. لا يمكننا فعل ذلك نيابة عنهما، ويتعين عليهما حل ذلك معاً".
وقال المصدر الأول إن كندا تتفق مع وجهة نظر خبراء السياسة الخارجية الذين يرون أن رد الفعل السعودي يعكس التوتر الداخلي بالسعودية، حيث يحاول ولي العهد محمد بن سلمان (32 عاما) إقرار إصلاحات داخلية. ولم يرد مكتب وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند على طلبات للتعليق.
وأخذ الخلاف الدبلوماسي منحى تصاعدياً من الجانب السعودي. ونقلت الوكالة الرسمية عن الملحق الصحي السعودي فهد التميمي قوله إنّ الملحقية "أوقفت جميع برامج العلاج في كندا وتعمل على التنسيق من أجل نقل جميع المرضى السعوديين من المستشفيات الكندية إلى مستشفيات أخرى خارج كندا تنفيذًا لتوجيه المقام السامي الكريم".
وبالإضافة إلى طرد السفير الكندي شملت الإجراءات التي اتخذتها الرياض وقف التعامل التجاري مع كندا، بما في ذلك وقف رحلات الخطوط الجوية السعودية من وإلى "تورنتو" الكندية بداية من الاثنين المقبل، ونقل نحو 7 آلاف طالب سعودي من الجامعات الكندية.
ومن المتوقع أن يضر النزاع بالعلاقات التجارية الثنائية البالغ حجمها حوالي أربعة مليارات دولار سنوياً.
وبلغت الصادرات الكندية للسعودية حوالي 1.12 مليار دولار إجمالاً في 2017 أو ما يعادل 0.2 بالمئة من إجمالي الصادرات الكندية.
وتقول كندا إنها لا تعرف مصير عقد دفاعي قيمته 13 مليار دولار لبيع مركبات مدرعة للسعودية.
وذكر تجار أوروبيون، أمس الثلاثاء، أن المؤسسة العامة للحبوب السعودية أبلغت مصدري الحبوب أنها ستتوقف عن شراء القمح والشعير الكنديين في مناقصاتها العالمية.
وأضاف التجار أنهم تلقوا إخطاراً رسمياً بذلك من المؤسسة. وقالت نسخة من الإخطار اطلعت عليها "رويترز"، "اعتباراً من الثلاثاء السابع من أغسطس /آب 2018، لن تقبل المؤسسة العامة للحبوب بتوريد شحنات قمح الطحين أو علف الشعير ذات المنشأ الكندي".
وتشير بيانات وكالة الإحصاءات الحكومية الكندية إلى أن إجمالي مبيعات القمح الكندي للسعودية عدا القمح الصلد بلغ 66 ألف طن في 2017 و68 ألفاً و250 طناً في 2016.
(العربي الجديد، رويترز)