"ضروري ومستعجل أن نساند كمال داود من دون تردّد أو تقصير".
وردت هذه العبارة ضمن رسالة وجّهها رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، قبل أيام، عبر حسابه على فيسبوك، دعا فيها إلى عدم ترك الكاتب الجزائري وحيداً، بعد توقيع كتّاب وأكاديميين غربيين عريضةً اتّهموا فيها صاحب "معارضة الغريب" بتعزيز مشاعر الإسلاموفوبيا في الغرب، على خلفية مقال له عن "أحداث الاعتداءات الجنسية" في كولونيا الألمانية.
كان الأمر أشبه بردّة فعل عنيفة وغير متوقّعة من النخبة الفرنسية ضدّ كاتبٍ سطع نجمه في المشهد الأدبي والإعلامي الغربي فجأةً، وحظي بما لم يحظ به أيّ كاتب آخر من أبناء جلدته من قبلُ، لدرجة أن داود أعلن، في غمرة صدمته، التوقّف عن الكتابة الصحافية والتفرّغ للتأليف الروائي، وهو قرارٌ لم يتّخذه حتّى في أوج الانتقادات التي طاولته في بلاده، وكانت أعنف بكثير، إذ بلغت حدّ إصدار "فتوىً" تهدر دمه.
أيّاماً قليلة بعد رسالة فالس، صرّح رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلّال، بأنه طلب من داود الكتابة في الجزائر وليس في فرنسا، "حتّى لا يجري استغلاله هناك".
هكذا، يبدو الكاتب وقد تحوّل من منطقة السجالات الفكرية إلى دائرة الاستقطاب الرسمي بين بلدين، فسلّال ما كان ليتحدّث عنه أصلاً لو لم يسبقه نظيره الفرنسي إلى ذلك، بما أنّنا في بلد لا يعير رسميّوه اهتماماً للكتابة التي يعتبرونها محض هرطقات، وللكتّاب الذين ينظرون إليهم على أنهم مجرّد مجانين و"فارْغين شغل".
وإن كان فالس قد غلّف موقفه بصيغة التعاطف، فإن كلام سلّال يُضمر نوعاً من الوصاية، فكأنّما قال: "لا تدعهم يستغلّونك. تعال نستغلّك نحن"، وهو أمرٌ يضع استقلالية الكاتب ومصداقيته محلّ مساومة.
تبقى كيفية التعاطي مع هذا "الاستقطاب" أمراً يقرّره كمال داود وحده.
اقرأ أيضاً: ما حدث في كابيتوليان