10 نوفمبر 2024
كلمة السرّ: إيران
أفسد رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، وكتلته في مجلس النواب العراقي، حالة الارتياح التي بدت على انطباعات الوفد الأردني الرفيع الذي زار العراق، الأسبوع الماضي، برئاسة رئيس الوزراء، هاني الملقي، وقد تم توقيع اتفاقيات اقتصادية محفزة لتنشيط خط بغداد- عمّان، كما يأمل المسؤولون الأردنيون.
أصدر المالكي وكتلته ونواب عراقيون بياناً هاجموا فيه هذه الاتفاقيات، وفيها خفض للجمارك على الصادرات الأردنية وأسعار مخفضة للنفط، واعتبروا الأردن عدواً للشعب العراقي، مذكّرين بالصورة النمطية عن الأردن، لدى القوى الشيعية العراقية، بأنّه بحتضن عائلة الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، وفيه مؤيدون له، ويصدّر التكفيريين والقاعدة إلى العراق.
على الرغم من ذلك، لا تخلو تصريحات المالكي والنواب العراقيين العدائية للأردن من فائدة مهمة وأساسية، لتنبيه المسؤولين والسياسيين الأردنيين الغارقين في وهم التوقعات بسهولة تحسين العلاقات مع العراق، والقيام باستدارة تجاه النظام السوري، بناءً على التطورات الإقليمية أخيراً، وهو السجال الذي يحتل مساحةً واسعة من نقاش الدوائر المغلقة في عمان.
ببساطة، لا يمكن أن يقفز الأردن على الدور الإيراني المتنامي، ويتجاوز نفوذ إيران العميق في كل من العراق وسورية ولبنان اليوم، فإذا أراد إعادة النظر في مقارباته، فإن عليه أن يفكّر بدرجة أكبر من الدراسة والتفكير في علاقاته بإيران، ليس على صعيد عودة السفير الأردني إلى طهران، كما يختزل ذلك عدد من المسؤولين، إنما في وضع تصور أعمق استراتيجي لمحدّدات العلاقة مع طهران التي أصبحت عملياً على حدود الأردن الشرقية، وربما غداً الشمالية.
إلى الآن، لم يفكّر الأردن، جدياً، في موضوع العلاقة مع إيران، مكتفياً بربطها بالسعودية، لحرص الأردن على تأكيد وقوفه وتحالفه مع الأخيرة، خصوصاً بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران، وما تبعها من تطوّر الأزمة بين الدولتين.
أمّا اليوم، فإنّ هنالك تفكيراً أردنياً بدأ يتبلور بعدم إمكانية استمرار على النهج السابق، في ضوء المتغيرات الجديدة؛ الاستدارة التركية، إدارة أميركية جديدة لا تهتم بإسقاط الأسد، الدور الروسي والمحور الروسي- الإيراني، نفوذ إيران الإقليمي، القلق من السيناريوهات القادمة لمدينة درعا جنوب سورية، والتي تقع على تماس مع الأمن الوطني الأردني.
يعزّز هذه العوامل عامل رئيس آخر، يتمثل في الأزمة الاقتصادية الأردنية الخانقة، والضرورة الملحة لفتح الخطوط مع الحكومة العراقية، لتنشيط الحالة الاقتصادية وبعض القطاعات، بعدما تراجع سقف التوقعات بصورةٍ كبيرة لدى المسؤولين الأردنيين، ما يمكن أن يأتي به صندوق الاستثمار السعودي- الأردني، وفي ضوء (كذلك) الأزمة الاقتصادية السعودية، المتوقع أن يزداد تأثيرها على الحكومة في الرياض، ويضع معادلة الدعم السخي السابق للأردن في عهدة التاريخ.
كلمة السرّ، إذاً، هي طهران، لكن المسألة ليست بهذه البساطة، ولا تلك السهولة، فإيران لاعب سياسي مخضرم، وهي في موضع قوة إقليمياً اليوم، ولن يكون فتح الباب إلى الأردن من دون كلفة أو ثمن، سواء مع العراق، أو حتى في ما يطمح إليه الأردن من دورٍ مفترض في مشروع إعادة إعمار سورية.
في المقابل، الأردن جزء من المنظومة السنية العربية، والرأي العام الأردني منقسم بحدّة تجاه إيران، وهنالك انقلابٌ في المزاج الاجتماعي تجاهها، فضلاً عن شبكة علاقات الأردن مع القوى السياسية العراقية.
كيف يمكن أن يصوغ صانع القرار الأردني من هذه المتغيرات والمحدّدات معادلةً ذكية؛ تعيد هيكلة علاقته مع إيران ودول الجوار، وكيف يحسب نقاط القوة التي يمكن أن يستثمرها، هذه الأسئلة من المفترض التفكير فيها قبل المضي باتجاه الاستدارات المتوقعة، أو في أثنائه.
أصدر المالكي وكتلته ونواب عراقيون بياناً هاجموا فيه هذه الاتفاقيات، وفيها خفض للجمارك على الصادرات الأردنية وأسعار مخفضة للنفط، واعتبروا الأردن عدواً للشعب العراقي، مذكّرين بالصورة النمطية عن الأردن، لدى القوى الشيعية العراقية، بأنّه بحتضن عائلة الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، وفيه مؤيدون له، ويصدّر التكفيريين والقاعدة إلى العراق.
على الرغم من ذلك، لا تخلو تصريحات المالكي والنواب العراقيين العدائية للأردن من فائدة مهمة وأساسية، لتنبيه المسؤولين والسياسيين الأردنيين الغارقين في وهم التوقعات بسهولة تحسين العلاقات مع العراق، والقيام باستدارة تجاه النظام السوري، بناءً على التطورات الإقليمية أخيراً، وهو السجال الذي يحتل مساحةً واسعة من نقاش الدوائر المغلقة في عمان.
ببساطة، لا يمكن أن يقفز الأردن على الدور الإيراني المتنامي، ويتجاوز نفوذ إيران العميق في كل من العراق وسورية ولبنان اليوم، فإذا أراد إعادة النظر في مقارباته، فإن عليه أن يفكّر بدرجة أكبر من الدراسة والتفكير في علاقاته بإيران، ليس على صعيد عودة السفير الأردني إلى طهران، كما يختزل ذلك عدد من المسؤولين، إنما في وضع تصور أعمق استراتيجي لمحدّدات العلاقة مع طهران التي أصبحت عملياً على حدود الأردن الشرقية، وربما غداً الشمالية.
إلى الآن، لم يفكّر الأردن، جدياً، في موضوع العلاقة مع إيران، مكتفياً بربطها بالسعودية، لحرص الأردن على تأكيد وقوفه وتحالفه مع الأخيرة، خصوصاً بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران، وما تبعها من تطوّر الأزمة بين الدولتين.
أمّا اليوم، فإنّ هنالك تفكيراً أردنياً بدأ يتبلور بعدم إمكانية استمرار على النهج السابق، في ضوء المتغيرات الجديدة؛ الاستدارة التركية، إدارة أميركية جديدة لا تهتم بإسقاط الأسد، الدور الروسي والمحور الروسي- الإيراني، نفوذ إيران الإقليمي، القلق من السيناريوهات القادمة لمدينة درعا جنوب سورية، والتي تقع على تماس مع الأمن الوطني الأردني.
يعزّز هذه العوامل عامل رئيس آخر، يتمثل في الأزمة الاقتصادية الأردنية الخانقة، والضرورة الملحة لفتح الخطوط مع الحكومة العراقية، لتنشيط الحالة الاقتصادية وبعض القطاعات، بعدما تراجع سقف التوقعات بصورةٍ كبيرة لدى المسؤولين الأردنيين، ما يمكن أن يأتي به صندوق الاستثمار السعودي- الأردني، وفي ضوء (كذلك) الأزمة الاقتصادية السعودية، المتوقع أن يزداد تأثيرها على الحكومة في الرياض، ويضع معادلة الدعم السخي السابق للأردن في عهدة التاريخ.
كلمة السرّ، إذاً، هي طهران، لكن المسألة ليست بهذه البساطة، ولا تلك السهولة، فإيران لاعب سياسي مخضرم، وهي في موضع قوة إقليمياً اليوم، ولن يكون فتح الباب إلى الأردن من دون كلفة أو ثمن، سواء مع العراق، أو حتى في ما يطمح إليه الأردن من دورٍ مفترض في مشروع إعادة إعمار سورية.
في المقابل، الأردن جزء من المنظومة السنية العربية، والرأي العام الأردني منقسم بحدّة تجاه إيران، وهنالك انقلابٌ في المزاج الاجتماعي تجاهها، فضلاً عن شبكة علاقات الأردن مع القوى السياسية العراقية.
كيف يمكن أن يصوغ صانع القرار الأردني من هذه المتغيرات والمحدّدات معادلةً ذكية؛ تعيد هيكلة علاقته مع إيران ودول الجوار، وكيف يحسب نقاط القوة التي يمكن أن يستثمرها، هذه الأسئلة من المفترض التفكير فيها قبل المضي باتجاه الاستدارات المتوقعة، أو في أثنائه.