26 مارس 2019
كلام في ثنائيات مغربية
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)
تحكـم العقــل المغربي ثنائيات متناقضة لغويا وفكريا، والمتداولة من جيل إلى جيل. لعل أهمها ثنائيات بلاد السيبة/ بلاد المخزن، الحركة الوطنية/ الحماية الفرنسية والدولة/المعارضة، الأمر الذي يغيّب منطق التوفيق بينها، ويجعل لغة الصدام والصراع المسيطرة بين هذه الأطراف المتضادة.
تميز التاريخ المغربي على امتداد أزيد من مائة سنة، وإلى حدود 1912، بسيطرة ثنائية بلاد السيبة/ بلاد المخزن، وابتداء من 1912 إلى غاية 1953 تغيرت المعادلة، وأصبحنا نتحدث عن ثنائية الحركة الوطنية/ الحماية الفرنسية. وبعد حصول المغرب على استقلاله، طفت إلى السطح ثنائية الدولة/ المعارضة.
وإذا رجعـنا إلى تاريخ الشعوب، نجد أن المجتمعات التي حكمتها عقلية الثنائيات الإقصائية كانت تعيش أسوأ أيامها. ولعل الدور السلبي الذي قامت به الكنيسة خير دليل على ذلك، حيث قيدت العقل الغربي وجرّدته من فعل التفكير، وقسمت الناس إلى ثنائية مغفور له/ مطرود من رحمة الكنيسة. ولم تستطع أوروبا النهوض، إلا بعد تخلصها من لعنة هذه الثنائيات المتضادة، وعودتها إلى الفكر اليوناني والروماني المبني على الثالوث كآلية تفكير .
استطاع عظماء عديدون عبر التاريخ إبراز أهمية الثالوث آلية تفكير بدل الثنائيات الهدامة، فالفيلسوف الكبير ابن رشد تمكّن من التوفيق بين الفلسفة والدين، حتى اعتبره علماء الغرب، آنذاك، امتدادا للفكر اليوناني الأصيل. أما كارل ماركس، صاحب نظرية صراع الطبقات، فقد أوجد من الصراع القائم بين العامل ورب العمل طرفاً ثالثاً، أسماه قيمة العمل. كما أبرز مفكرون وعلماء عديدون أن مفهوم 'العلمانية' جاء تركيباً جامعاً لثنائية الدين/ الدولة، بغرض الفصل بينهما ومنع سيطرة أحد طرفي الثنائية على الآخر، إلا أن العقل العربي المحكوم بآلية الثنائيات أوجد له نقيضاً سماه الإسلام، فأصبحنا نتحدث عن ثنائية علماني/ إسلامي، ما زاد في تأجيج الصراعات السياسية.
آلية الثنائيات المنتهجة لن تسمح بتشكيل عقلٍ يؤمن بالحق في الاختلاف والتسامح والبناء الديمقراطي السليم، بل ستكرس جدلية الصراع الدائم والهدام المبني على منطق ''إما أنا أو أنت''، وليس منطق ''أنا وأنت''. وقد اتضح ذلك جليا للعيان، في فترة ما سمي الربيع العربي، حيث انقسم الشارع وفقا لثنائية مؤيد/ معارض لما يحدث في الساحة العربية.
تميز التاريخ المغربي على امتداد أزيد من مائة سنة، وإلى حدود 1912، بسيطرة ثنائية بلاد السيبة/ بلاد المخزن، وابتداء من 1912 إلى غاية 1953 تغيرت المعادلة، وأصبحنا نتحدث عن ثنائية الحركة الوطنية/ الحماية الفرنسية. وبعد حصول المغرب على استقلاله، طفت إلى السطح ثنائية الدولة/ المعارضة.
وإذا رجعـنا إلى تاريخ الشعوب، نجد أن المجتمعات التي حكمتها عقلية الثنائيات الإقصائية كانت تعيش أسوأ أيامها. ولعل الدور السلبي الذي قامت به الكنيسة خير دليل على ذلك، حيث قيدت العقل الغربي وجرّدته من فعل التفكير، وقسمت الناس إلى ثنائية مغفور له/ مطرود من رحمة الكنيسة. ولم تستطع أوروبا النهوض، إلا بعد تخلصها من لعنة هذه الثنائيات المتضادة، وعودتها إلى الفكر اليوناني والروماني المبني على الثالوث كآلية تفكير .
استطاع عظماء عديدون عبر التاريخ إبراز أهمية الثالوث آلية تفكير بدل الثنائيات الهدامة، فالفيلسوف الكبير ابن رشد تمكّن من التوفيق بين الفلسفة والدين، حتى اعتبره علماء الغرب، آنذاك، امتدادا للفكر اليوناني الأصيل. أما كارل ماركس، صاحب نظرية صراع الطبقات، فقد أوجد من الصراع القائم بين العامل ورب العمل طرفاً ثالثاً، أسماه قيمة العمل. كما أبرز مفكرون وعلماء عديدون أن مفهوم 'العلمانية' جاء تركيباً جامعاً لثنائية الدين/ الدولة، بغرض الفصل بينهما ومنع سيطرة أحد طرفي الثنائية على الآخر، إلا أن العقل العربي المحكوم بآلية الثنائيات أوجد له نقيضاً سماه الإسلام، فأصبحنا نتحدث عن ثنائية علماني/ إسلامي، ما زاد في تأجيج الصراعات السياسية.
آلية الثنائيات المنتهجة لن تسمح بتشكيل عقلٍ يؤمن بالحق في الاختلاف والتسامح والبناء الديمقراطي السليم، بل ستكرس جدلية الصراع الدائم والهدام المبني على منطق ''إما أنا أو أنت''، وليس منطق ''أنا وأنت''. وقد اتضح ذلك جليا للعيان، في فترة ما سمي الربيع العربي، حيث انقسم الشارع وفقا لثنائية مؤيد/ معارض لما يحدث في الساحة العربية.
مقالات أخرى
04 ديسمبر 2017
20 نوفمبر 2017
18 يونيو 2017