كلاسيكو

02 ابريل 2016
لم يخلفهما ميسي ورونالدو (Getty)
+ الخط -
مثلما درَج بنطال الجينز الواسع عند الأسفل، درجت مباراة "الكلاسيكو" ومعها ميسي ورونالدو (بطلا فريقي برشلونة وريال مدريد). اليوم موعد العالم مع كلاسيكو جديد ضمن الدوري الإسباني. هذه مباراة لا تحدث في يوم واحد أو ساعة ونصف الساعة فقط، بل في الأيام التي تسبقها وربما الأشهر. كأن في الملعب حبلاً يحتل الفريقان جهتيه، ويشدانه مع كلّ جماهيرهما حول العالم. من يربح وكأنه "يسحق" الآخر.

يُصادق الناس اللاعبين. يرصدون ملامحهم وصرخاتهم واصطدام أجسادهم. صداقة غريبة. كأن اللاعب يعرف كل شخص ضمن الجمهور فيما يعرف كل شخص في هذا الجمهور اللاعب جيداً. الوجبة المفضلة لديه. صداقاته. الأفلام التي يفضل مشاهدتها... وهذه معادلة غير متوازية.

يستعدون لهذا اليوم، ويكتبون الأدب عن فن لا تحرّكه الأقدام وحدها، بل السياسات والدولارات. وإن ارتطمت كرةٌ في العارضة، يصرخون ويشتمون الظروف وتقلبات المناخ وجميع التأثيرات والعوامل. وأضحك. أحب مشاهدة وجوههم أكثر من المباراة نفسها. ماذا يعنيني إن دخلت كرة في الشباك أو لم تدخل؟

أساساً هذه لعبة يفترض أن تعني لاعبيها فقط، وربما أصدقاءهم، إلا أنها جرّت وراءها عالماً بحد ذاته. عالمٌ قد لا يدرك سبب حبّه لفريق دون آخر أو لاعب دون آخر، وإن عدّد مزاياه وما إلى ذلك. وربما يناقش الجمهور "واقعة التسّلل" لساعات، تلك التي أقرّ أنني لم أفهمها يوماً. هذه القواعد التي نضعها لنتسلى قد تحوّلنا إلى ملوك على العالم.

يلعبُ العالم ووسائل الإعلام باسمي ميسي ورونالدو. أما هما، فلا يلعبان باسميهما فقط، بل بكنوز تهبط عليهما وعلى كثيرين غيرهما، بفضلهما. وهذا لا يعني أنهما لا يستمتعان أو يسعيان إلى تقديم الأفضل كروياً.

بعد ساعات تبدأ المباراة. هذه فرصة للمقاهي والحانات. هي ليلة ذهبية بالنسبة إليهم. إنه الكلاسيكو. ما إن تدخل الكرة المرمى، ستسمع صراخ العالم في أذنيك. أضحك. ماذا يعني هذا للعالم؟ كيف تختلف كرة القدم عن الرقص؟ ترقص ولا يصرخ العالم لأجلها. ربّما تعود وسائل الإعلام لتبحث في العلاقة بين الرقص والإغواء. وهؤلاء يصعب أن يقتنعوا أن الرقص هو متعة للراقص قبل أي شيء، وقد تكفيه المرآة.

يفوز فريق على آخر وتُسجل النقاط. غريب هذا العالم الذي قد تقودنا فيه مجرد أقدام تتحرّك. نلحقها ونشتم أحدهم حجب الشاشة خلال مروره من أمامها. لكنها اللعبة الشعبية الأولى. نصرخ وكأننا داخل أحد كتب الخيال العلمي. وهذه اللعبة ولاعبوها ليسوا حقيقية إلا إذا صدقنا ذلك. الأكيد أنه بعد انتهاء الكلاسيكو، سيرقص فريق.. وسأضحك.


المساهمون