يعمل فلسطينيون في قطاع غزة في مهنٍ غريبة، خرجت عن المألوف في محاولة منهم للتغلب على الظروف الاقتصادية القاهرة، التي يمر بها القطاع المحاصر، وقد نجحوا في توفير مصدر دخل يعينهم على توفير حاجياتهم الأساسية، أو جزء منها.
وتوزعت تلك المهن التي يعمل بها أشخاص فقدوا مصادر رزقهم بفعل إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الأساسية، بين الغريبة والصعبة والخطِرة واللافِتة، إذ يؤجر أحدهم شاحن الجوال (الهاتف النقال) في الأسواق العامة، ويمسح غيره زجاج المباني متأرجحاً بالأحبال، بخلاف بائع الطحين المسوس (التالف) والأجهزة الكهربائية المُعطلة.
ووصل عدد العاطلين من العمل في قطاع غزة إلى نحو ربع مليون مواطن، حسب بيان اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، بفعل الحصار المُشدد للعام العاشر على التوالي، الذي تسبب في إغلاق 80% من المنشآت الصناعية والتجارية بشكل جزئي أو كلي.
مؤجِر الشواحن
يقف الشاب محمد علي (22 عاماً) أمام طاولة صغيرة الحجم، مكتظة بمختلف أنواع شواحن الجوالات في منتصف سوق الجوالات داخل سوق اليرموك في مدينة غزة، وقد أوصل تلك الشواحن بمولد كهربائي صغير، يقصده الزبائن الراغبون بتجربة مدخل شاحن الجوال الذي يرغبون باقتنائه.
ويقول علي لـ "العربي الجديد" إنه يعمل يومي الجمعة والسبت في سوق الجوالات، حيث يستيقظ في الخامسة فجراً ويصل السوق بعده بساعة، ويبدأ بتجهيز المولد ومد الأسلاك، ويؤجر الشاحن للتجربة فقط، مقابل شيكل "الدولار يعادل 3.8 شواكل".
ويوضح أنه لم يتمكن من الالتحاق بالجامعة نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة، ويطمح إلى فتح محل خاص بالجوالات. وعن صعوبات مهنته الحالية، يقول إنه يعاني من التلف المتواصل للشواحن، وأعطال المولد الكهربائي، إضافة إلى ثمن الوقود.
بائع الكهرباء
إلى جانب الشاب محمد علي يقف الفلسطيني صهيب عبد المجيد، بعد أنّ قام بتشغيل مولد كهربائي صغير الحجم لتجربة جهاز كهربائي مستخدم لأحد الزبائن، ويوضح أنه يقوم بفحص الجهاز قبل توصيله في المولد، خشية أن يُحدث ضرراً كما حصل معه في السابق.
ويقول عبد المجيد (43 عاماً)، إنه كان عامل بناء في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، لكنه توقف عن العمل بعد فرض الحصار على قطاع غزة، وعمل في عدة مهن، مثل البيع أمام المدارس، وأخيراً، اتجه إلى تأجير وصلة المولد الكهربائي للتجريب في بعض الأسواق.
تجارة الطحين المسوس
يبدأ عمل المواطن صبحي السيد (35 عاماً) على عربته التي يجرها حصان فجراً، إذ يطوف شوارع مدينة غزة منادياً عبر مكبر الصوت على كل من يملك طحينا مسوسا "اللي عنده طحين خربان للبيع .. اللي عنده طحين مسوس للبيع"، حيث يقوم بشرائه من أجل بيعه مجدداً لأصحاب المزارع، لاستخدامه كغذاء للمواشي.
ويقول السيد لـ "العربي الجديد" والذي يعيل أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، إنه يحصل على أكياس الطحين مقابل ثمن بسيط، ويقوم ببيعه لتاجر يقوم بتوريده إلى أصحاب المزارع ومربي الحيوانات، حيث يتم خلطه مع القمح، وتقديمه كطعام لتلك الحيوانات، بعد تنظيفه من الشوائب".
اقــرأ أيضاً
إحياء الأجهزة المُعطلة
أما المواطن سمير أبو نحل، فيستقل عربة "التكتك" الخاصة به صباحاً ويتجول في شوارع قطاع غزة منادياً "ألومنيوم، نحاس، ثلاجات، غسالات، تلفزيونات، أجهزة كهربائية معطلة للبيع"، حيث يشتريها كذلك بأسعار زهيدة، ويقوم ببيعها إلى الورش المخصصة لإعادة تدوير بعض المعادن.
ويقول أبو نحل الذي يقطن حي الزيتون إلى الجنوب من مدينة غزة لـ "العربي الجديد" إنه يبيع الأجهزة والأدوات التي يقوم بتجميعها إلى مجموعة ورش تقوم بالاستفادة منها لتصنيع أدوات معدنية.
ماسح زجاج الأبراج
الشاب الثلاثيني خميس سعد، يتأرجح على أحبال تم تثبيتها على سطح أعلى الأبراج في قطاع غزة، حاملاً أدوات تنظيف واجهة ذلك البرج الزجاجية "الكمبوزايت"، وقد بدا واثقاً وهو يتحرك بكل خفة ولياقة، إذ إن اعتياده على تلك المهنة، جعله يتجاوز كل خطوط الخوف.
ويقول سعد الذي يرتدي سترة رجال المغامرات إنه مستمتع في عمله رغم صعوبته، حيث يُشعِره وكأنه يهبط عبر الباراشوت، ويمتهنه كذلك لتوفير قوت أطفاله الثلاثة، لكن المتعة ليست دائمة في هذه المهنة، إذ توفى الشاب محمد عودة "23عامًا" إثر سقوطه عن الطابق الثامن لإحدى الأبراج.
مُعلق اللافتات
يتسلق كذلك الشاب عماد أبو دية أعلى لافتة إعلانية طولها ستة أمتار، من أجل إلصاق إعلان ضخم لإحدى الشركات، حيث يقوم بإزالة الورق عن الجلد اللاصق الذي تم تقسيمه لعدة قطع، ويتركه من الأعلى لزميله في الأسفل، ويقوم بتثبيت الجلد اللاصق عبر "قشاطة" (ممسحة) لا تترك مساماً خلفها.
ويوضح أبو دية أن الاقبال على الإعلانات التجارية، والملصقات الجلدية واللافتات الضخمة المُنشأة في المناطق العامة زاد في الفترة الأخيرة، إذ يعتمد عليه التجار وأصحاب الشركات في الترويج لبضائعهم ومنتجاتهم، موضحاً أن العائد غير مجد، لكنه يساهم في توفير الحاجيات الأساسية.
مِهن أخرى
تتعدد أشكال المِهن الغريبة، في غزة، إذ يتدلى شاب لقصارة واجهة المنازل عبر الأحبال، ويتخصص آخر في مهنة قطع ووصل الكهرباء، وآخر في مهنة تلقيح الأشجار، وغيرهم في جر عربة لتوصيل بضائع الزبائن داخل الأسواق، وجمع الحجارة من الشوارع وبيعها "للكسارات" لإعادة إنتاجها مجدداً.
وتوزعت تلك المهن التي يعمل بها أشخاص فقدوا مصادر رزقهم بفعل إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الأساسية، بين الغريبة والصعبة والخطِرة واللافِتة، إذ يؤجر أحدهم شاحن الجوال (الهاتف النقال) في الأسواق العامة، ويمسح غيره زجاج المباني متأرجحاً بالأحبال، بخلاف بائع الطحين المسوس (التالف) والأجهزة الكهربائية المُعطلة.
ووصل عدد العاطلين من العمل في قطاع غزة إلى نحو ربع مليون مواطن، حسب بيان اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، بفعل الحصار المُشدد للعام العاشر على التوالي، الذي تسبب في إغلاق 80% من المنشآت الصناعية والتجارية بشكل جزئي أو كلي.
مؤجِر الشواحن
يقف الشاب محمد علي (22 عاماً) أمام طاولة صغيرة الحجم، مكتظة بمختلف أنواع شواحن الجوالات في منتصف سوق الجوالات داخل سوق اليرموك في مدينة غزة، وقد أوصل تلك الشواحن بمولد كهربائي صغير، يقصده الزبائن الراغبون بتجربة مدخل شاحن الجوال الذي يرغبون باقتنائه.
ويقول علي لـ "العربي الجديد" إنه يعمل يومي الجمعة والسبت في سوق الجوالات، حيث يستيقظ في الخامسة فجراً ويصل السوق بعده بساعة، ويبدأ بتجهيز المولد ومد الأسلاك، ويؤجر الشاحن للتجربة فقط، مقابل شيكل "الدولار يعادل 3.8 شواكل".
ويوضح أنه لم يتمكن من الالتحاق بالجامعة نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة، ويطمح إلى فتح محل خاص بالجوالات. وعن صعوبات مهنته الحالية، يقول إنه يعاني من التلف المتواصل للشواحن، وأعطال المولد الكهربائي، إضافة إلى ثمن الوقود.
بائع الكهرباء
إلى جانب الشاب محمد علي يقف الفلسطيني صهيب عبد المجيد، بعد أنّ قام بتشغيل مولد كهربائي صغير الحجم لتجربة جهاز كهربائي مستخدم لأحد الزبائن، ويوضح أنه يقوم بفحص الجهاز قبل توصيله في المولد، خشية أن يُحدث ضرراً كما حصل معه في السابق.
ويقول عبد المجيد (43 عاماً)، إنه كان عامل بناء في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، لكنه توقف عن العمل بعد فرض الحصار على قطاع غزة، وعمل في عدة مهن، مثل البيع أمام المدارس، وأخيراً، اتجه إلى تأجير وصلة المولد الكهربائي للتجريب في بعض الأسواق.
تجارة الطحين المسوس
يبدأ عمل المواطن صبحي السيد (35 عاماً) على عربته التي يجرها حصان فجراً، إذ يطوف شوارع مدينة غزة منادياً عبر مكبر الصوت على كل من يملك طحينا مسوسا "اللي عنده طحين خربان للبيع .. اللي عنده طحين مسوس للبيع"، حيث يقوم بشرائه من أجل بيعه مجدداً لأصحاب المزارع، لاستخدامه كغذاء للمواشي.
ويقول السيد لـ "العربي الجديد" والذي يعيل أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، إنه يحصل على أكياس الطحين مقابل ثمن بسيط، ويقوم ببيعه لتاجر يقوم بتوريده إلى أصحاب المزارع ومربي الحيوانات، حيث يتم خلطه مع القمح، وتقديمه كطعام لتلك الحيوانات، بعد تنظيفه من الشوائب".
إحياء الأجهزة المُعطلة
أما المواطن سمير أبو نحل، فيستقل عربة "التكتك" الخاصة به صباحاً ويتجول في شوارع قطاع غزة منادياً "ألومنيوم، نحاس، ثلاجات، غسالات، تلفزيونات، أجهزة كهربائية معطلة للبيع"، حيث يشتريها كذلك بأسعار زهيدة، ويقوم ببيعها إلى الورش المخصصة لإعادة تدوير بعض المعادن.
ويقول أبو نحل الذي يقطن حي الزيتون إلى الجنوب من مدينة غزة لـ "العربي الجديد" إنه يبيع الأجهزة والأدوات التي يقوم بتجميعها إلى مجموعة ورش تقوم بالاستفادة منها لتصنيع أدوات معدنية.
ماسح زجاج الأبراج
الشاب الثلاثيني خميس سعد، يتأرجح على أحبال تم تثبيتها على سطح أعلى الأبراج في قطاع غزة، حاملاً أدوات تنظيف واجهة ذلك البرج الزجاجية "الكمبوزايت"، وقد بدا واثقاً وهو يتحرك بكل خفة ولياقة، إذ إن اعتياده على تلك المهنة، جعله يتجاوز كل خطوط الخوف.
ويقول سعد الذي يرتدي سترة رجال المغامرات إنه مستمتع في عمله رغم صعوبته، حيث يُشعِره وكأنه يهبط عبر الباراشوت، ويمتهنه كذلك لتوفير قوت أطفاله الثلاثة، لكن المتعة ليست دائمة في هذه المهنة، إذ توفى الشاب محمد عودة "23عامًا" إثر سقوطه عن الطابق الثامن لإحدى الأبراج.
مُعلق اللافتات
يتسلق كذلك الشاب عماد أبو دية أعلى لافتة إعلانية طولها ستة أمتار، من أجل إلصاق إعلان ضخم لإحدى الشركات، حيث يقوم بإزالة الورق عن الجلد اللاصق الذي تم تقسيمه لعدة قطع، ويتركه من الأعلى لزميله في الأسفل، ويقوم بتثبيت الجلد اللاصق عبر "قشاطة" (ممسحة) لا تترك مساماً خلفها.
ويوضح أبو دية أن الاقبال على الإعلانات التجارية، والملصقات الجلدية واللافتات الضخمة المُنشأة في المناطق العامة زاد في الفترة الأخيرة، إذ يعتمد عليه التجار وأصحاب الشركات في الترويج لبضائعهم ومنتجاتهم، موضحاً أن العائد غير مجد، لكنه يساهم في توفير الحاجيات الأساسية.
مِهن أخرى
تتعدد أشكال المِهن الغريبة، في غزة، إذ يتدلى شاب لقصارة واجهة المنازل عبر الأحبال، ويتخصص آخر في مهنة قطع ووصل الكهرباء، وآخر في مهنة تلقيح الأشجار، وغيرهم في جر عربة لتوصيل بضائع الزبائن داخل الأسواق، وجمع الحجارة من الشوارع وبيعها "للكسارات" لإعادة إنتاجها مجدداً.