كريم الله... أفغاني لم يعتد الغربة

15 يوليو 2019
يقضي يومه في السوق (العربي الجديد)
+ الخط -

يأمل الأفغاني كريم الله أن يتمكن من ترك باكستان والعودة إلى بلاده، عله يتمكن من تعليم طفلتيه

يمضي كريم الله حياته بين السوق والمنزل. يقضي يومه في السوق من أجل تأمين لقمة العيش. وفي الليل، يعود إلى المنزل مرهقاً بالكاد يستطيع التحدث إلى زوجته وابنتيه الصغيرتين. يعود بعد التاسعة ليلاً إلى المنزل، حيث ينتظره جميع أفراد أسرته، خصوصاً زوجته وابنتيه.
يقول كريم الله (28 عاماً): "زوجتي وابنتاي الصغيرتان يعانين بسبب عملي، إذ لا أملك وقتاً لهن. لا يمكنني اصطحابهن إلى السوق إلا في أيام العيد. كثيراً ما أسمع شكاوى من زوجتي، وأعترف بالتقصير، لكن ما في اليد حيلة. أعمل طوال النهار من أجل تأمين لقمة العيش لهن ولأشقائي".
يخرج كريم الله في الصباح الباكر إلى محله القريب من منزله ومن سوق الخضار والفاكهة. وبعد صلاة الفجر، يبدأ في طبخ الأرز مع اللحم، أو الأرز مع البطاطا والحمص، وينتهي عند الساعة الثامنة صباحاً. بعدها، يتناول مع والده بسم الله فطورهما المؤلف من الخبز والشاي، ثم يستريح الابن قليلاً قبل مجيء الزبائن إلى المحل، وجلهم من عمال سوق الخضار.

بعد العاشرة، يبدأ الأب والابن ببيع وجبة الغداء حتى الساعة الثالثة من بعد الظهر. ثم يعود الأب بسم الله إلى المنزل، إلا أن كريم الله يبقى في سوق الخضار حتى التاسعة مساء. الأب جاء إلى باكستان مع أشقائه قبل 35 عاماً تقريباً، نتيجة الغزو السوفييتي لأفغانستان. تزوج في باكستان في أحد مخيمات اللاجئين قرب مدينة بشاور (شمال غرب باكستان)، ورزق بخمسة أبناء لم يتزوج منهم إلا كريم الله، وهو طباخ.

يكسب كريم الله ووالده نحو ستة دولارات يومياً. ويكسب كل من شقيقيه نحو ثلاثة دولارات. يسلم جميع الأبناء ما يكسبونه لأبيهم الذي يدخر مبلغاً يسيراً، ويعطي الباقي إلى زوجته. يقول الوالد إن "همي الوحيد هو أن يعيش أولادي برخاء واستقرار نفسي. لكن هذا صعب في الغربة. أحاول وأبنائي قدر الإمكان العيش سعداء. هم يكسبون المال ويعطونه لي، وأنا أصرف بعضه عليهم وعلى المنزل وأدخر من أجل زواج أبنائي".



يقول كريم الله إن الدراسة كانت حلمه، وكثيراً ما تمنى الذهاب إلى المدرسة على غرار أبناء عمه الذين تخرجوا من الجامعات وحصلوا على وظائف جيدة في كابول، "لكنني لم أتمكن من فعل ذلك، لأن أبي كان يحتاج إلى المساعدة، وكان يظن أنني سأرجع إلى السوق حتى لو تعلمت. ما كنا ندري أن الأمور ستتغير واللاجئين سيرجعون إلى بلادهم ويعملون في وظائف حكومية".

ويأمل كريم الله أن يتمكن من العودة إلى أفغانستان على الرغم من المشاكل من أجل مستقبل أولاده. لا يريد لهم البقاء من دون تعليم. يقول: "بقينا في ديار الغربة من دون تعليم. لا أريد أن يبقى الجيل المقبل لأسرتنا مثلنا محروماً من التعليم، وأن يعمل بالطبخ أو سوق الخضار. أريد الرجوع إلى مسقط رأسي في مديرية غوربند في إقليم بروان، شمال العاصمة كابول". بيد أن المشكلة الرئيسية في وجه كريم الله هي عدم رغبة أمه وأبيه بالعودة.

المساهمون