تصلبت شرايين عائلة فلسطينية، بعد مكالمة من رقم خاص خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، تبلغهم بضرورة إخلاء البيت خلال خمس دقائق، كي يقصف، ما خلق حالة من الارتباك والحيرة، بين خطر محدق وذكريات دافئة.
هذا الموقف لم يكن مجرد مشهد تمثيلي في فيلم "أرواح عالقة" للمخرجة الفلسطينية ريما محمود، والذي قدمته ضمن فعاليات "الكرنفال السينمائي - نساء من أجل التغيير"، بل كان حدثاً شخصياً، حصل معها ومع عائلتها خلال الحرب، ترجمته لسيناريو فيلم. وينظم الكرنفال السينمائي، مركز شؤون المرأة في مدينة غزة، ويعرض 9 أفلام تناقش قضية "نساء من أجل التغيير".
الاتصال الهاتفي الذي بدأ به الفيلم الروائي ومدته 8 دقائق، أصاب العائلة الفلسطينية بحالة مأساوية، بحيث عاشوا لحظات مريرة، حين بدؤوا بتفقد أشيائهم في بيت العائلة الذي آواهم 26 عاماً، وقد تسارعت أنفاسهم، فالوقت يمضي بسرعة، كي يتم نسفه بما يحوي.
تقول المخرجة محمود لـ"العربي الجديد"، إن المشاهد في سيناريو الفيلم حقيقية، عاشتها عدة عائلات فلسطينية تم تحذيرها قبل دقائق من قصف بيوتها، مضيفة: "يتم نسف البيت بكل بساطة، مجرد اتصال هاتفي، أو أسطوانة مسجلة تنهي كل شيء، الأحلام، الذكريات، الآمال، وما تم بناؤه في 26 عاماً، يضيع خلال دقائق، فقط لأنه فلسطيني".
وتوضح أن أحداث الفيلم تظهر حالة الإرباك، وتجربة الفقدان لعائلة فلسطينية كانت تسمع الأخبار ما بين الإذاعة والتلفاز، وترتقب أخبار الهدنة وتوقف الحرب، إذ تبدأ رحلة العذاب بعد ذلك الاتصال، حين تتذكر الأم حقيبة الأوراق التي وضعتها في غرفة نومها لترجع كي تأخذها فتعلق داخل البيت وتتصارع المشاهد بينها وبين الدقائق الخمس.
عُرض الفيلم إلى جانب ثمانية أفلام أخرى، وكان منها فيلم المخرج الفلسطيني زهير البلبيسي "لا زالوا على قيد الحياة"، والذي قدم خلال دقائقه الـ11 واقع الفقر، ومعاناة المرأة الفلسطينية في توفير الطعام لأولادها، في ظل العنف الذي تولد لدى زوجها تجاهها، نتيجة الضغط الاقتصادي.
ويوضح البلبيسي لـ"العربي الجديد" أهمية السينما في نقل الواقع الفلسطيني، وقولبته وفق مخرجات سينمائية وفنية، تعكس يوميات المواطن، مؤكداً على ضرورة المهرجانات الفنية في إيصال رسالة الشعب، وإظهار معاناته المتفاقمة.
كذلك عُرض فيلم "النصف الآخر" للمخرجة الفلسطينية سحر فسفوس، وتحدث عن قضية تعاني منها الفتيات الفلسطينيات في غزة، وهي حرية التنقل من بلدة إلى أخرى، وقدم الفيلم حكاية "ألاء الصبية الحالمة التي لم تعتقد أن أحلامها ستنهار أمامها بسبب إغلاق المعابر".
وتقول المخرجة سحر لـ"العربي الجديد": "المعابر أصبحت كابوساً يهدد أحلام الشباب بالسفر، وإن قضية المعابر لا تقتصر على الطعام والشراب والمرضى، بل تتجاوز ذلك، إذ يوجد في القطاع مواطنون يحق لهم التنقل بحرية لممارسة حياتهم الطبيعية".
أما فيلم "الرحلة" للمخرجة الفلسطينية لنا حجازي، فتناول خلال 8 دقائق قصة "ياسمين النجار" وهي أول فلسطينية وعربية تتسلق أعلى قمة في إفريقيا برجل اصطناعية، وخاض الفيلم غمار تفاصيل حياة ياسمين، وشخصيتها التي تمثل أملاً وإلهاماً للعديدين.
من جهتها، قدمت المخرجة الفلسطينية عايدة الرواغ فيلم "سقف وأربعة خيطان"، وهو فيلم روائي قصير، يعرض قصة إنسانية لزوجين فلسطينيين، يعيشان في غزة، خسرا منزلهما وطفلهما الوحيد في الحرب الأخيرة، ويقطنان في "الكرفانات"، ويعانيان في الصيف والشتاء بسبب سوء حال ذلك الكرفان الحديدي.
وسلطت المخرجة الفلسطينية أفنان القطراوي الضوء خلال فيلم "أمل" على واقع فتاة ريادية أعمال، صنعت فرصتها بنفسها في ظل واقع سيئ يعاني منه الخريجون، وناقشت جوانب متعددة من شخصيتها، ومعايشتها لحياتها في معترك العمل.
المخرج الفلسطيني خالد السويركي، عرض فيلم "قصة وفاء"، الذي تدور أحداثه حول فكرة إنسانية بسيطة، تهدف إلى غرس مفهوم الاعتراف بالجميل لمن لهم الفضل، ودارت حول علاقة إنسانية تربط مديرة مدرسة بطفلة صغيرة، ويمضي الزمن، ويأتي يوم رد الجميل الذي تشعر به الفتاة عندما أصبحت بمركز مرموق.
وعرضت المخرجة الفلسطينية حنين كلاب فيلم "ليلة فرح"، إذ لم تكن فرح تعتقد أنها ستغادر مقاعد الدراسة مبكراً، وكانت تحلم أن تكون طبيبة، ولكن أحلامها كسرت، بكلمة من والدها، وضاعت أحلامها، حين أصبحت زوجة.
أخيراً، رسمت المخرجة الفلسطينية اعتماد وشح، لوحة عن المرأة الفلسطينية، من خلال فيلم "هاجر" ومدته 24 دقيقة، وتقول لـ"العربي الجديد"، إن كلمة هاجر تتجلى بكل معاني الأنوثة والصلابة، وإن سيناريو الفيلم يجسد معاناة النساء في المناطق الحدودية.