كانّ 2020: هلع كورونا يحصد المهرجان والسعفات

17 مارس 2020
قرار التأجيل أو الإلغاء سيُتخد في 15 إبريل المقبل(getty)
+ الخط -
ردّاً على تحقيق صحافي لجيروم بيغلي، منشور في "لو بوان" الفرنسية (14 مارس/ آذار 2020)، بخصوص مهرجان "كانّ" السينمائي، ومدى إمكانية إلغاء دورته الـ73، التي يُفترض بها أنْ تُقام بين 12 و23 مايو/ أيار 2020، أو تأجيلها، نشرت "فرانس برس" بياناً لإدارة المهرجان، جاء فيه أنّه، "رغم بعض العناوين المثيرة، لا يوجد أي جديد بخصوص المهرجان. الإدارة تدرس بانتباه ووضوح تطوّر الحالتين الوطنية والدولية، بالتشاور مع بلدية "كانّ" و"المركز الوطني للسينما والصورة المتحرّكة (CNC)". معاً، عندما يحين الوقت المناسب، أي منتصف إبريل/ نيسان المقبل، سنُصدر القرار بحسب المعطيات والوقائع التي ستسود حينها".
أما التحقيق المذكور، فيبدأ بالتشديد على أنّ القرار النهائي لن يُتّخذ رسمياً إلا في 15 إبريل/ نيسان المقبل، "أثناء اجتماعٍ بين منظّمي المهرجان ومسؤولي مدينة "كانّ" وأجهزة رسمية تابعة للدولة، على أنْ يُعلن في اليوم التالي، 16 إبريل/ نيسان، في مؤتمر صحافي (أُعلن عن موعده سابقاً)، مُخصّص أصلاً للكشف عن برنامج الدورة الـ73، ولإعلان أسماء أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية".
لكنْ، وبحسب التحقيق، فإنّ الأمور باتت محسومة، كما يبدو: "لن تكون هناك دورة جديدة في العام 2020". هذا قولٌ "حاسم" لأحد أعضاء مجلس الإدارة، لم يُذكر اسمه: "يصعب للغاية، كي لا نقول يستحيل، اختيار أفلام من الصين وكوريا وإيران وإيطاليا، ومن عشرات الدول الأخرى من دون شكّ، مع علمنا أن الممثلين والمخرجين لن يتمكّنوا من السفر والمشاركة والحضور". أضاف عضو مجلس الإدارة نفسه أنّ "عَرضَ أفلامٍ في صالة تضمّ ألفي مقعدٍ لن يُسمَح به، وأي تنبيه صغير سيُقلِق روّاد المهرجان".
يُذكر أن "أوديتوريوم لوي لوميير" يضمّ 2300 مقعد، وهو أكبر صالات "قصر المهرجانات والمؤتمرات" في "كانّ"، حيث تُقام حفلات السجادة الحمراء، ويُحتَفَل مساء كل يوم بالعرض الرسمي الأول لأفلام المسابقة، التي تُعرض صباحاً للصحافيين والنقاد السينمائيين في الصالة نفسها.
يتوقّف تحقيق "لو بوان" عند السوق السينمائية، الحيّز الاقتصادي والتجاري لصناعة السينما في العالم، حيث تُوقَّع عقود العمل، ويتمّ شراء وبيع مشاريع وأفلام بين منتجين وموزّعين، يُشاهدون دقائق قليلة من أعمالٍ مُصوّرة لكنها غير مُنجزة بالكامل (مرحلة ما بعد الإنتاج)، أو أنّها لا تزال في مرحلة التصوير.
الأرقام، التي نشرتها إدارة مهرجان "كانّ" قبل أسابيع، تُشير إلى أنّ 12 ألفاً و527 مُشاركاً من 121 بلداً زاروا السوق في دورة العام الماضي، وهم يُمثّلون 5528 شركة. أرقام تدفع جيروم بيلغي إلى كتابة أنّ هذا "أمرٌ مُفرح" لـ"فيروس كوفيدا 19"، خصوصاً أنّ رقماً آخر ذكرته إدارة السوق أشار إلى أنّ مسؤولي المهرجان "يُقدّرون أنّ نسخة عام 2019، والنشاطات والأحداث المرافقة لها، جذبت نحو 60 ألف زائر يومياً، بينهم أكثر من 5 آلاف صحافي".
كتب بيلغي: "يُحتَمل أن يؤدّي التلوّث بـ"فيروس كورونا" إلى الحجز: سيناريو قاتم، لا أحد يرغب في عيشه، إذْ سيُحدِث صدى عالمياً كارثيّاً على مدينة "كانّ"، وعلى الحدث الأشهر فيها".
الأمور تتأزّم أكثر، بسبب انفضاض رعاة المهرجان وشركائه الأساسيين والمعتادين عن فكرة تنظيم دورة جديدة، في ظلّ الحالة الدولية المُقلقة، كما في تحقيق "لو بوان". فـ"حماسة" مسؤولي "شوبار" و"لوريال" و"رونو" وغيرها "خافتة" هذه المرّة، وهم يُفضّلون عدم تنظيم الدورة، "على أنْ يُشاركوا في حدثٍ احتفالي يُقام تحت رقابة طبيّة عالية، ويُشَكّ في توقّفه في أي لحظة، رغم أنّ علماء الأوبئة يُقدّرون أنّ أكبر جزء من الأزمة الصحية سيُحلّ، من الآن إلى موعد الدورة المقبلة، أقلّه في فرنسا".
من جهته، اكتفى تييري فريمو، المندوب العام لمهرجان "كانّ" بالقول "إنّ الذين يشعرون بالقلق إنما يشعرون به لأنهم ينظرون إلى شهر مايو/ أيار بعيون 12 مارس/ آذار"، مُضيفاً أنّ المهرجان (يُفترض أنْ يُقام) بعد شهرين، ومن الآن إلى حينها، "نحن نعوّل على أنْ يُصبح الوضع مختلفاً، وعلى أنْ ينحسر الوباء، كما نأمل". لكنّه، بحسب تحليلات صحافية مختلفة، سيُواجِه معضلة أخرى، أصعب وأكثر حدّة: "الإطلاق العالمي لفيلمٍ لم يعد يعني بالضرورة أنْ يكون في برلين أو فينيسيا أو كانّ. فالمنصّات، كـ"نتفليكس" و"ديزني بلاس" وغيرهما، تقترح الآن برامج بجودة عالية، تتنافس بشكل خطر مع الأفلام التقليدية السينمائية".
هذه مشكلة، تُضاف إلى مسائل الأمن والمتطلبات الصحية، التي لها الأولوية القصوى، ما يُعقِّد تنظيم نشاطات كهذه، بالإضافة إلى أنّ ممثّلين وممثلات عديدين يتردّدون في القيام برحلات عبر القارات لتقديم أفلامهم.
في الإطار نفسه، تناولت تقارير صحافية مختلفة اقتراحاً وُصِف بـ"الثوري"، وقيل إنّ أحد أعضاء مجلس إدارة المهرجان (يضمّ 28 عضواً)، طرحه للنقاش: تقليص مدّة الدورة، والتخفيف من الاستعراضية والأضواء والحفلات الباهرة، وجعل المهرجان أبسط وأكثر تواضعاً، وفتح الأبواب أمام "العمالقة الجدد للإنتاج". يقول صاحب الاقتراح: "لنستَفِدْ من هذه الضربة القاسية، كي نُعيد ابتكار أنفسنا، وكي نتجدّد". بالنسبة إليه، إنْ لم يحصل هذا مع مهرجان "كانّ"، فإنّ مهرجانات أخرى ستتجاوزه.
لكن، ماذا عن التأجيل؟ هل طُرح، أم أنّه مجرّد إشاعة؟
لا تأكيد ولا نفي، لكن التأجيل يعني، بحسب كثيرين، إقامة المهرجان في فصل الخريف.
الردّ على ذلك: هذا فصل مليء بالمهرجانات السينمائية، كـ"مهرجان الفيلم الفرنكوفوني في أنغولام" و"مهرجان دوفيل للسينما الأميركية"، اللذين يُقامان في فرنسا بين الأسبوع الأخير من أغسطس/ آب والأسبوعين الأولين من سبتمبر/ أيلول. هناك أيضاً "لا موسترا" في إيطاليا، بين 2 و12 سبتمبر/ أيلول، كما هو متوقّع لغاية الآن. وبين 10 و20 من الشهر نفسه، هناك مهرجان تورنتو في كندا. بالإضافة إلى مهرجانات نيويورك ولندن و"تالّوريد" في كولورادو، الذي يُطلق السباق إلى "أوسكار"، وهو غير معروف كثيراً في فرنسا، لكنّ له شعبية كبيرة في عالم السينما.

التقارير نفسها أشارت إلى أنّ "الجميع" غير موافقين على الاقتراح، علماً أنّ رئيس المهرجان بيار لسكور ومندوبه العام تييري فريمو غير متوافِقَين أحدهما مع الآخر. كما أنّ منتجين وموزّعين كثيرين في العالم بدأوا إعادة النظر في مواعيد إطلاق العروض التجارية لأفلامهم: "لماذا نعرض أفلامنا في "كانّ"، في مايو/ أيار، في حين أننا سنُطلق عروضها إما في الفصل الأخير من العام الجاري، وإما في العام المقبل"؟
المساهمون