كاميرون يواجه مخاوف البريطانيين ويلتحق بالحرب على "داعش"

27 سبتمبر 2014
كاميرون: لن نشارك بأية عمليات برية (ليون نايل/فرانس برس)
+ الخط -
 

كشفت المداخلة، التي قدمها رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس الجمعة، أمام مجلسي النواب واللوردات، وما تلاها من تعقيب من زعيم حزب العمال المعارض، إدوارد ميليباند، ومداخلات عشرات الأعضاء في مجلس العموم، عن المخاوف التي كانت تحول دون التحاق بريطانيا بالتحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) منذ تم الاعلان عنه.

وأزاح النقاش، الذي دار في غرفتي مجلس العموم البريطاني (النواب واللوردات) لأكثر من ست ساعات، النقاب عن أسباب "التردد"، الذي ميز الموقف البريطاني، وأسباب إصرار كاميرون على عدم الإعلان رسمياً عن مشاركة سلاح الجو البريطاني في العمليات الجوية الجارية في العراق، قبل الحصول على دعم مجلس العموم، علماً بأنه لا يحتاج إلى تفويض من السلطة التشريعية في حال اقتصار المشاركة البريطانية على العمليات الجوية.

وواجه كاميرون حزمة المخاوف في بداية مداخلته، بالقول إن "شبح التدخل البريطاني في العراق في عام 2003 لا يزال يخيم على مجلس العموم البريطاني". وأشار إلى أن "الحملة العسكرية الحالية على (داعش) في العراق تختلف تماماً". ودعا إلى "عدم توظيف أخطاء الماضي في تأجيج الخلافات بيننا، أو لثني الحكومة عن التحرك".

وفي هذه العبارات مخاطبة مباشرة من كاميرون لهواجس البريطانيين نواباً وجمهوراً، وخاصة المسكونين بعقدة الفشل والخسائر البشرية والمادية، التي تكبّدتها بريطانيا، جراء تدخلها في العراق على أساس مسوغات ومبررات ساقها رئيس الحكومة آنذاك، توني بلير، وتبين فيما بعد أنها تفتقر إلى الكثير من المصداقية.

هذه المخاوف، التي حاول كاميرون تبديدها، تجلّت واضحة في أسئلة الكثير من النواب، الذين استجوبوا خطة كاميرون، وأبعاد المشاركة البريطانية في التحالف الدولي.

وخاطب كاميرون هواجس البريطانيين، الذين عبروا عن مخاوفهم من أن تتوسع خطوة الحكومة البريطانية، التي تقتصر على المشاركة الجوية في العراق، إلى تدخل عسكري أوسع، مؤكداً أن "القوات البريطانية لن تشارك في أية عمليات برية في أية حال من الأحوال".

وقد عكست هذه المخاوف مبادرة حزب "العمال" البريطاني، الذي أطلق تغريدة من حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، خلال إدلاء كاميرون بمداخلته، قال فيها "ليكن واضحاً أننا نناقش اقتراح الحكومة المتعلق بضربات جوية فقط، وفي الأراضي العراقية وليس في أي مكان آخر".

أما الهاجس الآخر، الذي كشفت عنه نقاشات مجلس العموم، فيتعلّق بمخاوف البعض من أن يؤجج التدخل الأجنبي حدة الصراع في المنطقة.

وقد عبّر ميليباند عن هذه المخاوف عندما شدد في مداخلته، التي تلت كلمة كاميرون، على أهمية المشاركة الإقليمية في التحالف الدولي، معتبراً أن "المشاركة الإقليمية من الدول العربية والإسلامية ضرورية، حتى لا يتم تصوير التدخل الغربي وكأنه شكل جديد من الامبريالية". وأضاف أن "الدعم الإقليمي أساسي لضمان نجاح العملية على المدى البعيد".

وكانت أوساط سياسية وإعلامية قد عبرت عن مخاوف من أن يقوم "داعش" وعبر وسائل الاعلام بتصوير التحالف الدولي ضده على أنه "حملة صليبية تستهدف الإسلام والمسلمين"، مما يرتد عكسياً على الحملة الدولية، ويفقدها دعم الرأي العام الإسلامي.

ورد كاميرون على هذا النوع من المخاوف بتأكيده أن بريطانيا تلتحق بتحالف يضم دولاً عربية لا تقبل بما يقوم به (داعش) من ممارسات لا تمت إلى الإسلام بصلة، معتبراً أن "داعش قام بخطف الإسلام السمح، وعلى الدول الإسلامية استعادته".

وتطرق كاميرون إلى تساؤلات الشارع البريطاني، ونوابه، عن "شرعية" الحملة العسكرية بالقول: ليس "هناك أية إشكالية حول شرعية المشاركة في العمليات العسكرية، خصوصاً وأن هناك طلباً من الحكومة العراقية، كما أن القوات البريطانية لن تشارك في أية هجمات داخل الأراضي السورية". ووصف المشاركة البريطانية بـ"الصائبة من الناحية الأخلاقية".

ومن باب استباق تطورات الأحداث، شدد ميليباند على ضرورة أن تقتصر المشاركة البريطانية على الضربات الجوية داخل الأراضي العراقية، وعلى أن توسيع المشاركة البريطانية إلى داخل الأراضي السورية لا بد وأن يتم بعد قرار من مجلس الأمن الدولي.

وخاطب كاميرون الرأي العام المتردد بفعل المخاطر التي تنطوي عليها المشاركة العسكرية البريطانية، موضحاً أن "داعش تنظيم إرهابي غير مسبوق في إجرامه، ويشكل خطراً على المصالح البريطانية والأمن القومي البريطاني". وهو ما اتفق معه زعيم حزب "العمال" عندما خاطب الرأي العام البريطاني من منصة مجلس العموم بالقول "صحيح أن التدخل العسكري ينطوي على مخاطر، ولكنها تبقى أقل من المخاطر، التي يفرزها تقسيم العراق، أو المخاطر المرتقبة من قيام دولة داعش على أساس معتقدات وأفكار خطيرة ومرعبة".

وصرح كاميرون، في خطابه للرأي العام البريطاني ونوابه، قائلاً إن "الحرب على داعش قد تستمرّ لسنوات، وإن الضربات الجوية قد لا تنجح في استئصال التنظيم نهائياً". وأكد أن خيار "إدارة الظهر للأزمة غير مطروح، خصوصاً عندما يوجّه داعش تهديدات مباشرة للأمن القومي البريطاني".

المساهمون