تُوشك قرية المخيسة الواقعة شرقي محافظة ديالى العراقية، على كارثة، بعدما تقطّعت أوصالها بسبب الحصار الشديد من قبل مليشيات "الحشد الشعبي"، التي قطعت طرقها ومنعت وصول المواد الغذائية والأدوية إليها، في محاولة لإحداث تغيير ديمغرافي فيها، وسط مناشدات لإنقاذ القرية.
وقال مسؤول في محافظة ديالى لـ"العربي الجديد"، إنّ "فصائل مليشيات الحشد الشعبي، تحاصر منذ أكثر من 20 يوما قرية المخيسة، وقطعت الطرق المؤدية إليها، وحتى الطرق الترابية"، مبينا أنّ "هذا الحصار غير معروف الأسباب والدوافع، تسبب بخنق القرية وتقطيع أوصالها، حتى أنّها توشك على الهلاك بسبب نقص المواد الغذائية والطبية فيها".
وأكد أنّ "مسؤولين محليين حاولوا فك الحصار عن القرية، لكنّ المليشيات والأطراف السياسية المرتبطة بها رفضت ذلك"، لافتا إلى أنّ "استمرار الحصار ينذر بكارثة إنسانية في البلدة".
من جهته، قال النائب عن محافظة ديالى، رعد الدهلكي، في بيان صحافي، إنّه "في الوقت الذي تدفع القوى السياسية برسائل مطمئنة وإيجابية للشارع العراقي، مازالت هناك جهات تعمل على زعزعة الأمن الداخلي، وتحبط من عزيمة المواطن"، مبينا أنّ "ما يجري اليوم في قرية المخيسة ما هو إلّا دليل واضح على دفعها للالتحاق بمحافظة البصرة لإدخالها في دوامة جديدة".
وأضاف أنّ "قرية المخيسة تتعرض لحصار مأساوي وحرمان أهلها من سد النقص الحاصل لديها من غذاء ودواء، بعدما سيطرت المليشيات على الطريق الرئيس الواقع بينها وبين بعقوبة"، مبينا أنّ "المليشيات تقتل أي مواطن يتجرأ على الخروج من هذه القرية، على الرغم من وجود القوات الأمنية، التي أصبحت عاجزة عن ردع تلك الجماعات الخارجة على القانون".
وحذّر من "مغبة تفجّر الوضع في تلك القرية والمناطق الأخرى، كون أهلها سيتخذون مما قام به أهالي البصرة طريقا لهم، لأنهم يعانون الحرمان والعوز والقتل البطيء"، وقال "كنا في السابق نحمّل تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابي مسؤولية العبث بأمن المواطن، وأمّا اليوم فلا ندري أيا من الجهات تتحمل هذه الكارثة، ومن الجهات التي ينبغي محاسبتها، فجميع أجهزة الدولة موجودة، والقتل والخطف ومحاصرة المدن مازال مستمرا".
واستغرب "صمت الحكومة تجاه ما يجري في هذه المحافظة"، داعيا إيّاها إلى "تحمّل مسؤولياتها الأمنية والأخلاقية للحفاظ على وحدة الشعب والعراق بصورة عامة".
ودعا الدهلكي، رئيس البرلمان إلى "إدراج موضوع ديالى عموما وقرية المخيسة خصوصا ضمن جدول أعمال الجلسة البرلمانية المقبلة لوأد الفتنة، وإنقاذ أهلها قبل فوات الأوان"، مشدّدا "على الحكومة أن تضع حلّا جذريا إزاء كل التهديدات التي تتعرض لها قرية المخيسة، وفك الحصار عنها وعن كافة المناطق التي تحاصرها المليشيات الخارجة على القانون".
وأكد أهالي القرية أنّ المليشيات تسعى من خلال الحصار إلى تهجيرهم وإحداث تغيير ديمغرافي في القرية، وقال أحد شيوخ القرية لـ"العربي الجديد"، إنّ "المليشيات تفتح أحيانا طريق الخروج فقط للأهالي الذين يحملون أمتعتهم، وتحذرهم من محاولة العودة، بينما تمنع أي شخص من دخول القرية".
وأضاف، "لقد قتلت المليشيات أكثر من تسعة من أهالي المنطقة، خلال الأيام الماضية، بسبب محاولتهم دخول القرية عبر طرق ترابية وإيصال الغذاء لأهلهم".
وأوضح أنّ "الحالة الإنسانية أصبحت مزرية في القرية، حيث إنّ الغذاء يوشك على النفاد، كما أنّه لا توجد أي أدوية ومستلزمات طبية في القرية"، داعيا الحكومة والجهات المسؤولة إلى "التدخل لإنقاذ القرية قبل فوات الأوان".
وتسيطر مليشيات "الحشد الشعبي" على القرار السياسي والأمني في ديالى المرتبطة حدوديا بإيران، بينما تسعى لتنفيذ أجنداتها، وإحداث التغيير الديمغرافي في بلدات المحافظة.
وتعدّ قرية المخيسة إحدى قرى المحافظة من جهتها الشرقية، وتضم عدّة عشائر، ويقدر عدد سكانها بنحو 400 ألف نسمة، وترتبط القرية بطريق واحد فقط بمركز المدينة، بينما يقطع نهر ديالى جانبها الشمالي.