اللافت في الحفل حضور صاحب أعلى سلطة تشريعية ورقابية في الأردن، رئيس مجلس الأعيان الحالي ورئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة، الرجل الذي يُعد أكبر سياسي ساخر في الأردن، لا تفارقه روح النكتة السياسية، والتي ترمي أهدافها بدقة إلى ما يعانيه الناس غالباً من ضيق الحال الاقتصادي.
الكتاب الذي جمع بين دفتيه مقالات شناعة "الساخرة حصراً" التي كتبها في جريدة الدستور الأردنية، يعد الثالث للمؤلف في هذا النوع، حيث سبق وأن أشهر كتابيه "ثرثرة على الريق" و"فقر وقلة كيف"، حيث صدر الكتاب الأول في طبعتين، لكن الكتاب الجديد يركز أكثر بطريقة مباشرة على الاستهبال اليومي الذي تقوم به الحكومات المتعاقبة على الشعب، وقبول الشعب بذلك راضياً بهذا الاستهبال الذي ينفس عنه شناعة حكايا متعددة ينقشها بقالب كوميدي يصلح لأن يُجسد على الشاشة في مسلسل "سيت كوم".
ووصف الروابدة الكتابة الساخرة بالفعل الإبداعي الهادف إلى تصويب الأخطاء، معيداً نجاح الكاتب في هذا الحقل إلى مهارته في توجيه سخريته، من الموقف والحالة الناشئة عن هموم وضياع حقوق الأفراد والجماعات، بعيداً عن السخرية من الناس أنفسهم.
والمثير في غلاف الكتاب، الرسم الكاريكاتوري للكتاب على السجادة الحمراء ممتطياً حماره، الأمر الذي يرجعه شناعة إلى رمز البساطة والبداوة، فهو يدخل بسخريته العالية والناقدة إلى عالم الحفلات التي يحضرها علية القوم، التي يسميها المؤلف بحفلات "الاستهبال"، ببساطته الشديدة ودهشته.
اللون المتجدد في الكتابة الساخرة التي يلجأ إليها المؤلف، حسب الإعلامية رنا حداد، يُفيد القارئ بالتأشير على مكامن الأخطاء والتجاوزات بأسلوب هادئ فطن مليء بمواقف الدعابة، سواء ما يتعلق منها بالقضايا السياسية أو الموضوعات الاجتماعية.
فشناعة يتحايل، حسب الكاتب والفنان التشكيلي محمد العامري، على إيقاع اللغة، عبر تحوير إيقاعها من حفل (استقبال إلى حفل استهبال)، أي التمظهر بالهبل دون الوقوع فيه، كبطاقة مرور للدخول في مناطق عصية على التناول المباشر، وذلك لرصدها واستنطاقها عبر نصوص قصيرة ولامعة بالدعابة السوداء. فالكتابة الساخرة فن من الصعب إتقانه إلا عبر موهبة في التقاط مواقف النقد، وأن أي خطأ فيها يقود إلى لعنة الكتابة. لافتاً إلى أن شناعة في "استهبالاته" يتحرك بوصفه كاميرا تلتقط بشيء خفي مشاهد غير مقصودة، لتحميلها مواقف ناقدة في مجالات متعددة، منها السياسي والاجتماعي والثقافي.
اقرأ أيضا:
النكتة لمواجهة الحرب