كابوس دوار الأحلام الرابع

20 يونيو 2018
+ الخط -
"مزرعة الحيوانات"؛ هي رواية قصيرة كتبها أورويل ونشرت عام 1945، تدور أحداثها في مزرعة يديرها السيد "جونز"، في تلك المزرعة كانت الحيوانات تعاني من أسلوبه الاستغلالي الظالم والقاسي في التعامل معها؛ وتسير أحداث الرواية، فتؤدي جملة من الظروف لتصعيد مشاعر النقمة في نفوسها، وتعلن حيوانات المزرعة مع أول فرصة الثورة على السيد جونز؛ وتتمكن من طرده، لتصبح المزرعة تحت سيطرتها، وتتولى إدارة المزرعة وتنظيمها مجموعة من الخنازير بقيادة "سنوبول" و"نابليون"، متبنية شعارات أو وصايا مفادها الإخلاص والتفاني بالعمل ومناهضة كل أشكال الفساد والاستبداد لإقامة المزرعة الفاضلة المترابطة بالمحبة بين أفرادها والتي يسودها الرخاء والمساواة.

ولكن أورويل يأخذ الرواية إلى منحى آخر، فتتحول هذه الشعارات الرنانة لسيوف مسلة على رقاب الحيوانات، فتستعبد باسم الحرية وتنهب حقوقها باسم العدالة وتسفك دمائها باسم الحياة وتكمم أفواهها باسم الغد وتُجوّع باسم رغد الحياة.


وبمساعدة الخنزير "سكويلير" الذي عين ناطقاً إعلامياً؛ لقدرته على الإقناع ولتبرير سياسات الخنزير "نابليون"، بالإضافة إلى مجموعة من الكلاب التي دربها "نابليون" لتكون جهازه الأمني منذ نعومة أظافرها، يتمكن من طرد رفيق دربه "سنوبول" والاستحواذ على السلطة.

بالملخص هي رواية تدين حالة الخنوع الشامل التي يبديها مجتمع الحيوانات تجاه كل الممارسات من صنوف الاستبداد والظلم والهوان ضده، بعد قراءتها سيفهمها البعض ويعيد تفكيك رموزها، وقد تلهم البعض الآخر وتثير فيهم الحمية لاتخاذ خطوات جديدة باتجاه التغيير، لكنني أكاد أجزم بأنهم سيصطدمون بالأمر الواقع.. تطيح حكومة دكتاتور لتقلد من هو دكتاتور أكثر منه، أليس هذا واقعنا.

فلندع الحديث عن الحيوانات جانباً، ولنتحدث عنا نحن. أيظنون أننا قطيع من الخرفان لا نفقه شيئاً، رغم ما وصلنا إليه من علم؛ أم لعلهم يظنوننا ذلك الحصان الذي ما بات يحمل شعار "هم دائماً على حق"، أكاد أجزم أن أغلبنا قد كشف "الطابق" وحلله وفهمه، لكنهم آثروا الصمت وغض الطرف لينضموا إلى صفوف المارة المتفرجين.

في النهاية هي رواية سياسية ساخرة، صالحة لكل الأزمان والأماكن، تفتح ذهن القارئ بعد قراءته لها لمدارك الحياة الأخرى، أبدع فيها النوسترادموس السياسي الأدبي جورج أورويل بتجسيد حقيقة استغباء حكوماتنا لنا.
دلالات
405BE4D6-D1F4-42FF-BC73-A53D9714483B
تمارا سمير البغدادي

مواطنة أردنية عاشقة للعدل والمساواة والحرية حتى النخاع تؤمن بقوتنا كأفراد لتغير مستقبل الأجيال القادمة للأفضل... حاصلة على شهادة بكالوريوس في الترجمة، ماجستير إدارة قيادة. كاتبة وإعلامية لها مبادرات عديدة في المجالات المتعلقة بخدمة المجتمع وأنسنته.