تحوّل فصل الشتاء إلى كابوس يقضّ مضاجع عدد من النازحين السوريين، لا سيما وسط غياب المنظمات الإنسانية والمساعدات الإغاثية، وباتت الأمطار مصدر تهديد حقيقي للكثير من المخيمات، مثل مخيم الكرامة، شرقي مدينة سرمدا، الواقعة في الريف الشمالي لإدلب، إلى جانب مخيم دير بلوط بمنطقة عفرين بريف حلب، شمالي البلاد.
وفي الوقت الذي لجأ فيه نازحون من مناطق ريف حماة الشمالي لمخيمات أقاموها في المناطق القريبة من الحدود السورية مع تركيا بمحافظة إدلب، كونها آمنة نسبياً، فإنّ نازحي مخيمي الكرامة ودير بلوط يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من السيول والفيضانات.
وفي السياق، يقول الناشط الإعلامي خضر العزو، الذي اطلع على أوضاع النازحين في مخيم الكرامة ونقلها لـ"العربي الجديد"، إنّ "المخيم بني فوق أرض زراعية تربتها حمراء، وتقيم فيه حالياً حوالي مائة عائلة، معظمهم نازحون منذ خمس سنوات، لكنهم كانوا يقيمون بمخيمات في ريف إدلب الجنوبي، ولجأوا منذ عدة أشهر لهذه المنطقة، واستأجروا هذه الأرض الزراعية في شرقي مدينة سرمدا وبنوا فيها المخيم".
وأضاف العزو: "ليس من السهل عليهم نقل المخيم الآن لأي مكان، لانعدام أراضٍ فارغة في المنطقة، أما المشكلة الأكبر فهي أنه فوق واد، وبالتالي فهو معرض للسيول عند هطول المطر"، مشيراً إلى أنه "يوجد في المنطقة نحو 20 مخيماً وضعها أفضل من هذا المخيم، فالمنظمات عملت على تأهيل أرضها، على عكس هذا المخيم الذي يعتبر صغيراً وليس محط اهتمام المنظمات، ولا يتوفر حتى على طريق".
بدوره، قال عيسى عبد الرحمن، وهو أحد النازحين المقيمين في المخيم، لـ"العربي الجديد": "الأفضل ألا يتم سؤالنا عما نعاني منه، فالأمور واضحة وواقع الحال يدمي القلوب، فالمخيم عند هطول الأمطار يغرق في الأوحال الطينية، وفي أجزاء منه ترتفع المياه إلى نصف متر. ليست لدينا خزانات للمياه أو حمامات أو أي شيء، وحياتنا عبارة عن صراع دائم من أجل الحياة".
وفي مخيم دير بلوط بمنطقة عفرين بريف حلب، لا تبدو الأمور أفضل حالاً مما هي عليه بمخيم الكرامة، فالشتاء بحد ذاته يمثل رعباً للنازحين. البرد القارس لا يحتمل، وقرب المخيم من مجرى نهر يجعله عرضة للفيضانات، كما حصل في العام الماضي.
إبراهيم أبو إياد، هو أحد المهجّرين من جنوب دمشق ويقيم في مخيم دير بلوط، تحدث لـ"العربي الجديد" عن الأوضاع الحالية قائلاً: "بالنسبة لفصل الشتاء، سيكون أصعب بكثير علينا من فصل الشتاء السابق، فليست لدينا حتى الآن مدافئ أو بطانيات للشتاء، وكل ثلاثة أشهر نحصل على سلة إغاثة فقط، والمنظمات لا تدخل المخيم أبدا، والأهالي يجمعون ما لديهم من أقمشة ويصنعون منها أغطية للأطفال".
وحول التحضير للشتاء في المخيم، وعما إذا كان قد تم استبدال الخيم المهترئة، أوضح أبو إياد قائلاً: "نعمل على ترقيع الخيام المثقوبة والمتضررة، فالخيم عمرها عام وثمانية أشهر، وأشعة الشمس أدت لانتهاء صلاحيتها المقدرة بثمانية أشهر، وباتت لا تحتمل أي شيء".