كأس العالم ليس النهاية.. صلاح في انتظار هدية جديدة

10 أكتوبر 2017
محمد صلاح قاد منتخب بلاده إلى كأس العالم (Getty)
+ الخط -

وصل المنتخب المصري إلى كأس العالم بعد سنوات طويلة من الغياب، ونجح الفريق العربي في تحقيق حلم الملايين، بعد الفوز القيصري على حساب الكونغو بهدفين مقابل هدف، في المباراة التي أقيمت بين الفريقين على أرضية ملعب برج العرب. وتحول لقاء غانا المنتظر في الجولة الأخيرة إلى تحصيل حاصل، بعد ضمان الصعود المؤكد إلى المونديال، وابتعاد الفراعنة بفارق مريح من النقاط عن أقرب ملاحقيهم، ليعود حامل الرقم القياسي في بطولات أفريقيا إلى الملاعب الدولية، بعد غياب استمر منذ عام 1990، بالتحديد في مونديال إيطاليا الشهير.

طريقة الفوز
لم يلعب المنتخب بشكل مميز كما جرت العادة مؤخراً، فالمدرب هيكتور كوبر بالغ في اعتماده على الخطط الدفاعية، وتراجع الفريق كثيراً للخلف دون استخدام الضغط المحكم، مما خلق فراغات واسعة في وبين الخطوط، لينجح الخصم في تهديد مرمى الحضري، وهز الشباك في وقت معقد بهدف صادم، لكن في النهاية انتهى كل شيء بفضل تحرك تريزيغيه المثالي، وهدف صلاح المهم في الدقائق الأخيرة، ليبتسم الحظ أخيراً للمدرب الأرجنتيني، بعد عقدة النهائيات التي عانى منها مراراً وتكراراً طوال مسيرته الدرامية مع كرة القدم.

راهن الطاقم الفني المصري على خطة لعب 4-2-3-1، بتواجد النني وطارق حامد كثنائي محوري، مع لعب صالح جمعة في المركز 10 بين الجناحين، وخلف المهاجم الوحيد أحمد حسن كوكا، بينما شغل صلاح ورمضان صبحي مركزي الأطراف طوال الشوط الأول. وفشل أصحاب الأرض في خلق فرص حقيقية بالنصف الأول من المواجهة، نتيجة عودة صالح المستمرة للخلف، لأنه بالأساس لاعب وسط صريح، أقرب للدائرة من الثلث الأخير، مما جعل أسلوب اللعب متوقعاً إلى حد كبير، بسبب تمركز النني القريب من زميله جمعة، وفشل طارق حامد في الخروج بالكرة من الخلف، ليتم فصل منطقة الوسط بالكامل عن ثلاثية الهجوم.

عاد المنافس للخلف باعتبار لعبه خارج أرضه وعدم حاجته للفوز، وبدأت المشاكل تظهر أمام المصريين في الثلث الثاني من الملعب، نتيجة وجود لاعبي الارتكاز على خط واحد، لتصبح التمريرات بطيئة خصوصاً أثناء التحولات من الدفاع للهجوم. وتعقدت الأمور أكثر نتيجة تمركز صلاح على الرواق الجانبي بعيداً عن مناطق الخطورة بالعمق، ليستلم كوكا الكرات وحده، ويتخلص منها بسرعة أو يفقدها بين أقدام دفاعات الكونغو، هكذا كان الوضع قبل أن يقول صلاح كلمته.

الحاسم
بدأ صلاح مسيرته الكروية كجناح تقليدي على الخط، يستلم الكرة ويهزم المدافعين بسرعته، ثم لعب دوراً أعمق مع بازل بتمركزه على اليمين، وقلبه للاتجاه من الطرف إلى العمق كجناح مقلوب، لكنه وصل إلى القمة عندما لعب أقرب للمرمى، كمهاجم إضافي وساعد هجومي حر بالثلث الأخير من المستطيل. وعرف مدربه السابق سباليتي كيف يستخدمه في هذا المكان، ليساهم في تطوير قدراته التهديفية، وينتقده في أكثر من حديث صحافي، حتى حصل منه على أفضل نسخة ممكنة أمام الشباك.

مع ليفربول هذا الموسم، سجل صلاح 4 أهداف وصنع هدفاً في 7 مباريات، ولعب المصري بين العمق والطرفين في معظم المباريات، ليصنع الفرص من العمق بنسبة 50 %، مثلها مثل الطرفين تقريباً. ويمتلك محمد سرعة فائقة في تخطي المدافعين من دون أن يلمس الكرة، نتيجة تحركاته المثالية في القنوات الشاغرة، واستغلاله الهفوات الناتجة عن التمركز الخاطئ، لذلك يضع كلوب فيرمينو كمهاجم غير تقليدي، يتحرك أكثر ويزاحم الدفاع، حتى يفتح الطريق أمام تقدم كلٍّ من صلاح وماني وفيرمينو.

وهذا ما فعله كوبر في الشوط الثاني أمام الكونغو، بعد خروج صالح جمعة ليشارك بدلاً منه محمود حسن تريزيغيه، وتلعب مصر بخطة قريبة من 4-4-2، بتواجد تريزيغيه ورمضان على الطرفين، ووضع صلاح على مقربة من كوكا بالأمام، ليتحرك المهاجم المحترف في البرتغال، ويحصل نجم ليفربول على الفراغ اللازم لإيذاء خصمه. وجاءت النتائج سريعة بعد تسجيل هدف التقدم، وإضاعة بعض الفرص الخطيرة قبل إدراك الكونغو للتعادل، نتيجة هفوة أحمد المحمدي أمام مرمى الحضري.

الشخصية
يقول محمد صلاح بعد الصعود التاريخي: "كانت أصعب لحظة في مسيرتي عند تسجيل الكونغو هدف التعادل"، وأظهرت الكاميرات تأثر اللاعب بشدة لدرجة وقوعه على الأرض من الحزن، قبل أن ينهض مسرعاً ويطلب الكرة من أجل التعويض، مع صراخه تجاه الجماهير طالباً الدعم والتشجيع في الدقائق القليلة الباقية، إنها العزيمة التي جعلته يعود من جديد إلى إنكلترا بعد تجربة فاشلة مع تشلسي مورينيو، ليراهن على التألق رفقة كلوب وليفربول، في خطوة غير سهلة لا يفعلها الكثيرون بالوقت الحالي، خصوصاً مع تواجد عروض أخرى أمامه من إسبانيا بالأخص.

ليس من السهل أيضاً لعب ضربة الجزاء في الدقيقة الأخيرة، وفريقك يحتاج إلى الفوز حتى لا يدخل في حسابات معقدة. وعند سؤاله عن سر تسديدته القوية، أجاب النجم المصري بكلمات هادئة قائلاً، "لقد رسمت اللعبة في عقلي قبل يومين، وقررت التسديد بهذه الطريقة وتجاه زاوية معينة قبل حتى أن يحتسب الحكم ضربة جزاء"، وبالتالي اتخذ القرار منذ فترة طويلة، وقرر الدخول بهدوء من أجل وضع الكرة في الشباك، وإعلان وصول بلاده إلى البطولة الأشهر عالمياً.

مهاري، سريع، وحاسم أمام المرمى، هذه هي صفات صلاح التي افتقدها منتخب مصر منذ زمن بعيد. وتؤكد لغة الإحصاءات أن قدرات المصري تطورت كثيراً في الشق الهجومي، فدقة تسديده هذا الموسم بالبريميرليغ وصلت إلى 65 %، من خلال 20 تسديدة، 4 في الشباك و16 بالخارج، وهذا ما أثبته عملياً خلال التصفيات، بتسجيله هدفين في مرمى الكونغو مؤخراً، وهدفاً في شباك أوغندا، ومثله أمام غانا بالإضافة لضربة الافتتاح ضد الكونغو بالذهاب في أول مباراة، أي أنه ساهم بنسبة 71.4 % من إجمالي أهداف منتخب مصر بالمجموعة.

الأفضل
حصد الجزائري رياض محرز جائزة أفضل لاعب أفريقي في 2016، بعد إنجازه غير المسبوق بتحقيق لقب الدوري الإنكليزي مع ليستر سيتي، وفاز الغابوني أوباميانغ باللقب في 2015 بعد تقديمه مستوى رائعاً مع فريقه دورتموند، ورغم أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن الفائز في 2017، إلا أن صلاح يجب أن يكون مرشحاً فوق العادة، نتيجة تألقه مع فريق روما في بدايات العام، ومعاودته للظهور رفقة ليفربول، لكن يبقى النجاح الحقيقي مع منتخب مصر، بعد الصعود إلى كأس العالم في روسيا.

من الصعب وضع محرز في قائمة هذا العام، كذلك لم يصنع أوباميانغ شيئاً كبيراً مع منتخب الغابون، ليبقى ثنائي ليفربول ساديو ماني ومحمد صلاح في الواجهة. ومع تقارب الكفة محلياً مع ليفربول، يصعد صلاح خطوات للأمام، بفضل تفوقه على الصعيد الدولي، بتسجيله 5 أهداف مقابل هدفين فقط للنجم السنغالي، وتألقه مع مصر في بطولة أفريقيا الأخيرة، عكس ماني الذي خرج مبكراً أمام الكاميرون، بفضل ركلات الجزاء الترجيحية.

يستحق العرب فرحة جديدة على الصعيد الكروي، ويمكن لمحمد صلاح السير على خطى رياض محرز، عن طريق الفوز بلقب أفضل لاعب في القارة السمراء خلال العام الحالي، نتيجة الإنجاز الدولي مع منتخب بلاده، واستمرار تألقه في المحافل الأوروبية رفقة فريقه، في انتظار الإعلان الرسمي بعد أشهر من الآن.

المساهمون