قَشة الانقلاب

19 نوفمبر 2014
أي مصرياً لا يمكنه أن يتجاهل كوارث اقتصادية متفاقمة(أرشيف/Getty)
+ الخط -
تظل الكلفة الاقتصادية للانقلاب العسكري في مصر أكبر من كل ما خسرته البلاد في فترة حكم المجلس العسكري وفترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي مجتمعتين.
ما خسرته مصر خلال الشهور الـ16 الماضية لم تخسره في فترة مماثلة خلال الأعوام الثلاثين الماضية، رغم تعرض البلاد للكثير من الأزمات، بلغت ذروتها قبيل حرب الخليج، التي كانت مصدر رواج لحكومات مبارك التي استغلتها لضمان استقرار حكمها للبلاد التي كانت ترزح في أزمات فقر وتضخم وديون متفاقمة.
وبينما تضررت السياحة والاستثمار وحركة التجارة والصناعة في أعقاب ثورة يناير التي أطاحت مبارك، وتسببت في أزمات كبيرة تأثر بها ملايين المواطنين، إلا أن ما جرى منذ الثالث من يوليو/ تموز 2013 يظل غير مسبوق في ما يخص تأزم الأوضاع، وتوقف حركة التجارة، وتراجع السياحة، وتوقف كثير من المصانع، واللجوء للخارج والاعتماد على المعونات الخارجية والمنح الخليجية.
وبينما يدّعي الإعلام الموالي لنظام الانقلاب أن البلاد في أحسن حال، إلا أن أي مصرياً لا يمكنه أن يتجاهل كوارث اقتصادية متفاقمة، مصدرها الأول ممارسات أمنية وسياسية واجتماعية غير سوية، ربما يجوز وصفها
بالمجنونة.
وفي حين تدفقت الأموال من دول خارجية لضمان بقاء الانقلاب، ضماناً لعدم تمدد الثورة إلى مزيد من البلدان، إلا أن دولا مثل مصر لا يمكنها أن تعيش على المنح والقروض، كما أن الدول المانحة لن تتمكن من مواصلة ضخ الأموال في شرايين الانقلاب، الذي يخسر مؤيديه والمتعاطفين معه يومياً، حتى بات عبئاً على من قاموا به، وبات كثيرون يبحثون عن مخرج من ورطة، ارتكابهم يومياً مزيداً من الحماقات والجرائم.
رغم المنح والمعونات والقروض، فإن حجم الإنفاق لازال عصياً على التغطية، في ظل سياسات مرتبكة، وقيادات لا تفهم من الإدارة إلا الأوامر والسمع والطاعة، وتعامل المواطنين باعتبارهم جنوداً في معسكر، ليس لهم حقوق أو مطالب.
وكلما تحدث نظام السيسي عن مشروع تنموي، يرى فيه قشة تنقذ ظهره الذي بات بلا غطاء، يلجأ إلى المواطنين الفقراء، تارة يجبرهم على دفع المال بأسلوب أشبه بالإتاوة، وتارة يغريهم ويستفز طمعهم للدفع، مع وعود واهية بالأرباح.
كان البعض يستجيب، ظناً أن الأمور إلى تحسن، لكن بمرور الوقت تسلل اليأس إلى النفوس، وبات الهرب من بلد يحكمه السيسي هدفاً لملايين المصريين، وبات الاستثمار فيها كارثة يتجنبها غير المصريين، وبات المواطن العادي يلعنه كما لعن سابقيه.
المساهمون