قوانين ألمانية جديدة لدمج اللاجئين و"ضبطهم"

05 أكتوبر 2015
ألمانيا تتجه للحد من عمليات تفق اللاجئين (Getty)
+ الخط -

بعد أقل من أسبوع على اجتماع القمة بين حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورؤساء حكومات الولايات الألمانية، وافقت الحكومة الاتحادية على إجراء تعديلات خاصة بقانون اللجوء والهجرة للحدّ من موجة تدفق اللاجئين الى أراضيها، والتي من المفترض أن يبدأ العمل بها اعتباراً من بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بعد عرضها على البرلمان الألماني ومصادقة مجلس الولايات (البوندسرات) عليها. 

اقرأ أيضاً: الهجرة وتحولات السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي

ويأتي في مقدّمة هذه الاجراءات، التشدّد في تطبيق قوانين اللجوء وشروطها وتسريع العمل بالطلبات والترحيل الفوري لمن رفضت طلباتهم، إضافة الى اعتماد تصنيف جديد للدول الآمنة، إضافة إلى بناء وتجهيز مساكن جديدة للوافدين الجدد، والعمل على الحد من العقبات البيروقراطية المعتمدة في دراسة الملفات، وتعهد الحكومة بالمساهمة بتأمين التكاليف الإضافية للإقامة والرعاية. وشملت التعديلات زيادة التقديمات العينية على المادية  في مراكز الاستقبال، على أن يحتفظ اللاجىء بمعونة مالية مسبقة ولشهر واحد فقط. 

وبعدما اعتُبرت ألمانيا الملجأ الآمن للاجئين من الدول التي تشهد فقراً وحروباً أهلية واضطهاداً دينياً، وسماحها بوصول أعداد كبيرة من اللاجئين الى أراضيها، إثر تعطيلها اتفاقية دبلن، وما رافق هذا الأمر من جدل في الأوساط السياسية والاجتماعية الأوروبية، اتخذت الحكومة الألمانية خطوات عملية من شأنها أن تخفف من حجم الضغط الذي تعاني منه البلاد مع التزايد المستمر للاجئين، والذي وصل عددهم خلال 3 أسابيع من شهر سبتمبر/أيلول الماضي الى 230 ألف لاجئ، بحسب ما أوردت صحيفة "بيلد" الألمانية، وذلك رغم تشدّد السلطات  في المراقبة وقيامها بعمليات التدقيق على الحدود.

وكانت التقارير قد بينت أن ما نسبته 40 في المائة من طالبي اللجوء من مواطني دول البلقان، والتي صنفتها ألمانيا من ضمن الدول الآمنة، ومنها ألبانيا وكوسوفو ومونتنيغرو، وبالتالي أصبح ترحيلهم شبه حتمي، و 45 في المائة من السوريين و11 في المائة من الأفغان، و 9 في المائة من العراقيين يليهم الألبان والباكستانيون والأريتريون. 

ويشير عدد من المتابعين الى أن ما يشجع على الدفع بالآلية الجديدة، سرعة العمل والتكيف مع المنهجية المنوي اتباعها، والتي ستوفر لطالبي اللجوء الذين لديهم فرصة البقاء في ألمانيا دورات تعليمية، خصوصاً وأن الإحصاءات أكدت أن أكثر اللاجئين في سن الشباب، وبالتالي فإن تأهيلهم من أجل كسب عيشهم في وقت قصير ممكن، وهذا ما تطرقت إليه المستشارة ميركل في كلمتها أمام البرلمان الألماني من خلال حثّها اللاجئين على قبول التحدي، آملة احترامهم القواعد التي ينصّ عليها الدستور الألماني، إضافة الى سرعة اندماجهم في المجتمع واستعدادهم لتعلّم اللغة الألمانية. 

ويرى ناشطون في العمل الاجتماعي أن السوريين، والذين يشكلون النسبة الكبرى من اللاجئين، يعتبرون من الفئة القادرة على الانفتاح والاندماج مع المجتمع، على عكس اللاجئين الآخرين القادمين من دول أخرى. 

وتظهر الإحصاءات أن 13 في المائة من اللاجئين من حملة الإجازات الجامعية، مقابل 18 في المائة منهم من أصحاب الشهادة الثانوية. ولذا شدد باحثون على ضرورة ايلاء العناية اللازمة لهذه الفئات خشية من الانحراف، اذا ما تم تهميشها، ودفعها للالتحاق بالجماعات السلفية. وهذا ما حذر منه مدير الاستخبارات الداخلية الألمانية هانز جورج ماسن، بقوله إن "هناك خوفاً من أن يتغلغل المتشددون في صفوف اللاجئين الشباب تحت مبرر تقديم المساعدات ويعملون على تجنيدهم للقيام بأعمال تخريبية". وفي هذا الإطار تحديداً،  تُبذل جهود حثيثة من قبل مكتب الهجرة واللاجئين وبالتعاون مع مكتب العمل الاتحادي والجهات المعنية في الولايات، من أجل قطع الطريق على المتطرفين وسرعة إدماج أصحاب الكفاءات من اللاجئين، حتى إن نائب رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي جوليا كونكنر طالبت بأن يوقع اللاجئون على اتفاق يلزمهم بالاندماج في المجتمع عند التقدم بطلب اللجوء، في إشارة الى إمكانية تعرضهم لعقوبات في حال عدم الالتزام.

ولا ينفي المتابعون صعوبة الأمر الذي يتطلب جهداً مضاعفاً من أجل القيام بعملية التصنيف المطلوبة والتوجه الى الشباب وتأهيلهم للالتحاق بسوق العمل، وهو ما سبق أنّ أشار إليه معهد إيفو الاقتصادي الألماني، في بيان، مؤكداً على أهمية قبول اللاجئين بأسرع ما يمكن بوظائف حتى لا يُثقل كاهل دافعي الضرائب.

وكان معهد بحوث سوق العمل قد اقترح اتخاذ عدد من التدابير، مثل تعليم اللغة الألمانية، والتسريع بإجراءات الاعتراف بالشهادات العلمية، وفتح دورات تأهيل وتدريب داخل المدارس والمعاهد. 

وبات الشيء الوحيد والمؤكد أن أعداد اللاجئين في تزايد مستمر على الرغم من ارتفاع الأسلاك الشائكة حول أوروبا، في وقت تكافح السلطات من أجل تسجيل موحد للاجئين في ظل اعتمادهم على طرق مختلفة للعبور إلى القارة العجوز، بدءاً من جزيرة ليسبوس اليونانية وصولاً الى كرواتيا وسلوفينيا بعد إغلاق المجر لحدودها مع صربيا، وسط تقديرات للمفوضية الأوروبية تشير الى إمكانية وصول أكثر من خمسة ملايين لاجىء خلال السنوات الثلاث المقبلة.

اقرأ أيضاً: مليشيات عراقية وأفغانية تهاجر إلى أوروبا بصفة لاجئ سوري 

المساهمون