22 نوفمبر 2024
قواعد عسكرية جديدة في سورية!
تستأجر روسيا مطار القامشلي في سورية 49 عاماً. الولايات المتحدة الفاقدة سياسة محدّدة في سورية، تُنشئ قاعدتين عسكريتين مجدّداً في الحسكة. تركيا تعزّز نفوذها، وتنشئ قواعد وتتمركز في مناطق جديدة. وفد النظام السوري إلى اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف لا يمثل هذا النظام، كما يقول قادته! وفي هذه الأوقات، تستمر روسيا والنظام بقصف بلدات إدلب وقراها. تتحرك كل هذه الأطراف خارج سياق التفكير بحلٍّ نهائي للوضع السوري. وتشير تحرّكاتها الميدانية إلى تعزيز نفوذ كلٍّ منها حيال الأخرى. المعارضة خارج الفعل وكذلك النظام، ولا تثير تصريحات الأخير عن سياسات الدول المتدخلة في سورية أهمية فعلية لأيٍّ منها.
وحدهم الروس يسيطرون على مناطق جديدة، ويتمركزون فيها عبر معاهدات واتفاقيات، ودلالة لـ "49 سنة" زمنا لعقود الاتفاقيات احتلالية بامتياز. كل ما فعلته الولايات المتحدة أخيرا أنها مكّنت تركيا وروسيا من مناطق جديدة! فما حصل لم يكن حربا بين هذه الدول، وجاء في إطار الانسحاب الأميركي، وإن تصريحات واشنطن أخيرا إنها ستُبقي 600 جندي، أو أنها لن تسمح للنظام أو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالاستفادة من النفط لا تعني سياسة جديدة. تمدُّ روسيا عبر مطار القامشلي سيطرتها على جزء كبير من النفط، عدا أنها مسيطرة على الساحل، حيث مراكز تكريره وتصديره، وهناك تسيطر أيضا على المكتشفات الجديدة من الغاز والنفط في الساحل. روسيا بذلك، وإضافة إلى كل الاتفاقيات السابقة مع النظام السوري، والشاملة مختلف مؤسسات الدولة السورية، تعلن احتلالاً مستمراً، وعبر الاتفاق مع النظام الذي استدعاها بنفسه، ولحمايته الأكيدة من السقوط في 2015.
هناك مشكلات عديدة تواجه روسيا؛ فسيطرتها على سورية لا تسمح لها بفرض سياساتها على كل من إيران وتركيا وأميركا في البلد، وهذا يوضح محدودية القوة الروسية، وقدرة تلك الأطراف
على تخريب أية محاولة روسية بفرض سيطرة كاملة على هذا البلد. لن نكرّر ذكر الأحداث التي أصبحت معروفة، والتي تؤكد أن التنسيق الروسي التركي والروسي الأميركي هو ما سمح لروسيا بالسيطرة على كل المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام، وهناك بالتأكيد التنسيق مع إسرائيل وإيران، والذي ساعدها على التمدّد إلى مختلف المدن السورية.
التحليل أعلاه، وغياب أي دور للنظام وللمعارضة باستثناء حكاية اللجنة الدستورية السمجة، وتبعية قواته وقوات المعارضة لكل من روسيا وتركيا، والحروب المستمرة في إدلب والجزيرة السورية، يسمح لنا بتهميش أيِّ دورٍ حاليٍّ للأطراف السورية، والتأكيد، مجدّداً، أن سورية مُحتلة من خمس دول (روسيا، وتركيا، وإيران، وأميركا وإسرائيل). والجدير ذكره هنا: إن كل هذه الدول تعطي روسيا دوراً أكبر في تقرير مصير سورية، ولكنها لا تعطيها الحق المطلق في سورية، ولتتصرّف فيها بمفردها.
لا يتبدّى الضعف الروسي في القوة العسكرية فقط، بل أيضا في القدرة على إعادة إعمار سورية، وهذا يتبدى في المواقف الروسية ذاتها، والتي تحاول استمالة أوروبا لسياستها في سورية، عبر إيقاف الهجرة إليها. عدا ذلك، هناك الأزمة الاقتصادية في روسيا، وهناك العقوبات المفروضة عليها، والتي تتعرض لها باستمرار. ولا يكفي القول إن روسيا بتدخلها في سورية تفرض نفسها لاعباً أساسياً في المنطقة؛ فهي تريد كذلك استثمارات وعائدات وتعويض احتلالها! والمشكلة أن ذلك يتناقض مع القدرات الضعيفة للدولة الروسية، وهذا ما يدفعها إلى عقد اتفاقيات متعدّدة مع كل الدول المتدخلة في سورية، وذلك لتسهيل احتلالها.
لا تعني القواعد الأميركية أبداً، سياسة جديدة، والولايات المتحدة تدخلت في سورية من أجل قضايا محدّدة، وستغادرها حالما تتحقق، وهذا مرتبط بصراعات داخلية في الإدارة الأميركية، فهناك انتقادات كبيرة طاولت مواقف الرئيس ترامب وفريقه بخصوص الانسحاب، وصُوِّرَ الأمر كأنه هدية لروسيا وإيران. ويبقى التمركز الجديد لأميركا سياستها ذاتها، أي إعطاء سورية لروسيا، والسماح لتركيا بالسيطرة على كامل الحدود السورية المحاذية لها. وقبالة ذلك، تهميش الدور الإيراني في سورية، وحرمان النظام من أغلبية حقول النفط، والضغط على الروس للبحث عن صيغة عادلة لصالح الأكراد، ودمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في قواتٍ تابعة لروسيا وضمن جيش النظام. ويوضح ذلك كله أنه ليس للولايات المتحدة مصالح كبرى في سورية، ومصالحها الأقوى في العراق والخليج بصورة أساسية، وأن سياستها العالمية حالياً في مواجهة الصين، وكذلك إعطاء أدوار لدول المنطقة ولروسيا في إدارة شؤون المنطقة.
هنا تساؤل: هل أميركا مع دورٍ إقليمي لإيران؟ طبعاً، وهي من "أهدت" العراق لإيران.
والإشكالية تكمن في السياسة الإيرانية الطامحة إلى لعب دور مركزي لا يتناسب مع قوتها الحقيقية؛ فكل الدول العربية التي تدخلت فيها تعاني حالياً إمّا حروباً أهلية أو ثورات ضد الأنظمة التابعة لها، عدا عن تفاقم الأزمة الاقتصادية داخل إيران وبين قومياتها، وهي تعادي أميركا، على الرغم من أن الأخيرة تكرّر أنها ليست ضد النظام الإيراني، وتستهدف فقط تغيير سياساته.
القواعد التركية الجديدة لا تعطي أنقرة وزناً نوعياً، بل تظلُّ سياستها في سورية رهينة الاتفاقات مع كل من موسكو وواشنطن، وتستفيد من الخلافات بينهما لتعزيز سياساتها في المنطقة، وليس سورية فقط. لا تسمح قواعدها تلك، كما قيل، بتشكيل منطقة آمنة فعلية، ولا بإعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها. وبالتالي، تريد تركيا، وعبر تدخلاتها في كل المناطق في سورية، حفظ حدودها، والتخلص من أية أشكال للحكم الذاتي أو قوات كردية. وضمن ذلك، تستفيد من ثروات المناطق التي تسيطر عليها، ومن تصدير بضائعها إليها. المعارضة التابعة لتركيا هي إحدى أحصنتها في التنسيق مع الروس وأميركا، وفائدتها تكمن فقط من أجل ضمان مصالح تركيا في الحل النهائي للوضع السوري؛ حالياً ومن قبل، يتم توظيفها في خدمة أفضل العلاقات مع روسيا ولإدارة الخلافات معها كذلك، وريثما تتحقّق التوافقات مجدّداً، كما يتم الأمر في إدلب أو مناطق أخرى، وفي اللجنة الدستورية غير الموقرة!
توضح القواعد العسكرية الجديدة، والقديمة، والدول المتدخلة والمحتلة لسورية، أنّه ليس هناك نهاية قريبة للوضع السوري. وفي حال وُجدت، لن تكون لصالح الشعب. وستكون فقط من أجل ضمان مصالح الدول التي تدخلت، وتبني قواعدها ولصالح روسيا بشكل رئيسي.
هناك مشكلات عديدة تواجه روسيا؛ فسيطرتها على سورية لا تسمح لها بفرض سياساتها على كل من إيران وتركيا وأميركا في البلد، وهذا يوضح محدودية القوة الروسية، وقدرة تلك الأطراف
التحليل أعلاه، وغياب أي دور للنظام وللمعارضة باستثناء حكاية اللجنة الدستورية السمجة، وتبعية قواته وقوات المعارضة لكل من روسيا وتركيا، والحروب المستمرة في إدلب والجزيرة السورية، يسمح لنا بتهميش أيِّ دورٍ حاليٍّ للأطراف السورية، والتأكيد، مجدّداً، أن سورية مُحتلة من خمس دول (روسيا، وتركيا، وإيران، وأميركا وإسرائيل). والجدير ذكره هنا: إن كل هذه الدول تعطي روسيا دوراً أكبر في تقرير مصير سورية، ولكنها لا تعطيها الحق المطلق في سورية، ولتتصرّف فيها بمفردها.
لا يتبدّى الضعف الروسي في القوة العسكرية فقط، بل أيضا في القدرة على إعادة إعمار سورية، وهذا يتبدى في المواقف الروسية ذاتها، والتي تحاول استمالة أوروبا لسياستها في سورية، عبر إيقاف الهجرة إليها. عدا ذلك، هناك الأزمة الاقتصادية في روسيا، وهناك العقوبات المفروضة عليها، والتي تتعرض لها باستمرار. ولا يكفي القول إن روسيا بتدخلها في سورية تفرض نفسها لاعباً أساسياً في المنطقة؛ فهي تريد كذلك استثمارات وعائدات وتعويض احتلالها! والمشكلة أن ذلك يتناقض مع القدرات الضعيفة للدولة الروسية، وهذا ما يدفعها إلى عقد اتفاقيات متعدّدة مع كل الدول المتدخلة في سورية، وذلك لتسهيل احتلالها.
لا تعني القواعد الأميركية أبداً، سياسة جديدة، والولايات المتحدة تدخلت في سورية من أجل قضايا محدّدة، وستغادرها حالما تتحقق، وهذا مرتبط بصراعات داخلية في الإدارة الأميركية، فهناك انتقادات كبيرة طاولت مواقف الرئيس ترامب وفريقه بخصوص الانسحاب، وصُوِّرَ الأمر كأنه هدية لروسيا وإيران. ويبقى التمركز الجديد لأميركا سياستها ذاتها، أي إعطاء سورية لروسيا، والسماح لتركيا بالسيطرة على كامل الحدود السورية المحاذية لها. وقبالة ذلك، تهميش الدور الإيراني في سورية، وحرمان النظام من أغلبية حقول النفط، والضغط على الروس للبحث عن صيغة عادلة لصالح الأكراد، ودمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في قواتٍ تابعة لروسيا وضمن جيش النظام. ويوضح ذلك كله أنه ليس للولايات المتحدة مصالح كبرى في سورية، ومصالحها الأقوى في العراق والخليج بصورة أساسية، وأن سياستها العالمية حالياً في مواجهة الصين، وكذلك إعطاء أدوار لدول المنطقة ولروسيا في إدارة شؤون المنطقة.
هنا تساؤل: هل أميركا مع دورٍ إقليمي لإيران؟ طبعاً، وهي من "أهدت" العراق لإيران.
القواعد التركية الجديدة لا تعطي أنقرة وزناً نوعياً، بل تظلُّ سياستها في سورية رهينة الاتفاقات مع كل من موسكو وواشنطن، وتستفيد من الخلافات بينهما لتعزيز سياساتها في المنطقة، وليس سورية فقط. لا تسمح قواعدها تلك، كما قيل، بتشكيل منطقة آمنة فعلية، ولا بإعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها. وبالتالي، تريد تركيا، وعبر تدخلاتها في كل المناطق في سورية، حفظ حدودها، والتخلص من أية أشكال للحكم الذاتي أو قوات كردية. وضمن ذلك، تستفيد من ثروات المناطق التي تسيطر عليها، ومن تصدير بضائعها إليها. المعارضة التابعة لتركيا هي إحدى أحصنتها في التنسيق مع الروس وأميركا، وفائدتها تكمن فقط من أجل ضمان مصالح تركيا في الحل النهائي للوضع السوري؛ حالياً ومن قبل، يتم توظيفها في خدمة أفضل العلاقات مع روسيا ولإدارة الخلافات معها كذلك، وريثما تتحقّق التوافقات مجدّداً، كما يتم الأمر في إدلب أو مناطق أخرى، وفي اللجنة الدستورية غير الموقرة!
توضح القواعد العسكرية الجديدة، والقديمة، والدول المتدخلة والمحتلة لسورية، أنّه ليس هناك نهاية قريبة للوضع السوري. وفي حال وُجدت، لن تكون لصالح الشعب. وستكون فقط من أجل ضمان مصالح الدول التي تدخلت، وتبني قواعدها ولصالح روسيا بشكل رئيسي.