قهر المرأة.. الشخصية النسوية في السينما التجارية

12 نوفمبر 2015
الفنانة عبلة كامل (مواقع التواصل)
+ الخط -
- يا أمين.. عايزة أعمل محضر تعدّي على أنثى في الطريق العام!
- ينظر الأمين حوله بتعجب قائلا: هي فين الأنثى ديه؟!

عزيزي القارئ، من منا لا يعرف هذا المقطع الشهير من فيلم "كلم ماما"؟! هل ضحكت على العبارة واستخدمتها في حياتك العادية؟ كم من المرات أخبرت المحيطين بك من الناس أنهن لا يشبهن الإناث في شيء "حتى اسألوا عبلة كامل؟!".


هل تساءلت في داخلك عن عدد النساء اللواتي تعرضن للتحرش بتلك العبارات؟! أو فكرت في الصورة التي تكونها هذه الأفلام عن المرأة المصرية في المجتمعات العربية؟! ربما كان الضحك سلاحا سريا لمحاربة الاكتئاب والأحزان ولكنه على الصعيد الآخر سلاح قاتل.

تقسم الدراسات النسوية شخصية المرأة داخل المجتمع إلى مستويين:
المستوى الأول: هو الأنثى النمطية التي تكاد أن تكون خاضعة خضوعا مطلقا لأنساق المجتمع وتقاليده وأعرافه، ومن ثم تحولت إلى قناة لتبرير قوانين العرف الاجتماعي إلى غيرها من الإناث، لا سيما الاستسلام المطلق لسلطة الذكورية وعدم الاصطدام معها، إذ رضيت بالهامش مكانا لها ولغيرها من الإناث. لذلك كانت مهمتها الأساسية أن تقلهن إلى دائرة السلب والنهب، وبخاصة في علاقتهن مع أزواجهن؛ حيث يتلقين الأوامر ولا يقتربن من المعارضة والنقاش.

وهذه الأنثى النمطية لها مواصفات خاصة، فهي - في غالب النصوص- محرومة من حق التعليم والعمل وإبداء الرأي، ومن أمثالهن الجدات والأمهات، فقد تم تعطيل إرادتها وتفريغ وعيها، لتصبح أنثى ضعيفة تبحث عن حماية الذكر، الذي تترك له حرية تشكيل وعيها بالطريقة التي يريد، فهي مؤمنة تماما بأحقيته السلطوية.

أما المستوى الثاني: فهو الأنثى المتمردة، ونعني بها تلك الأنثى التي فقدت الثقة والإيمان بالأُطر الثقافية القديمة، التي حصرتها بالهامش، وضيقت الخناق عليها فعاشت الظلم والمعاناة في جميع مراحل تطورها العمري، ومن ثم جاء تمردها للتخلص من هذه التقاليد والأعراف، كي تختار التقاليد التي تتوافق مع طبيعتها. غير أن تمردها قد تحكمه ردة الفعل على القهر المستمر، وربما يحكمه وعي الأنثى بكينونتها، ويتنامى هذا الوعي مع ازدياد ثقافتها واحتكاكها بتجارب الحياة العملية والدراسية والزوجية.

ومن الملاحظ أن الأنثى المتمردة التي ينضج وعيها بالثقافة والعمل، لا يتقدم الرجل إلى المرتبة الأولى في حياتها، فإن العمل دائمًا أولا، ثم الرجل الذي يدعم حرية المرأة ويحترم إرادتها وعقلها.

إذا تتبعنا الأدوار التي لَعِبتها الفنانة، عبلة كامل، في الأفلام والمسلسلات نجدها تجسد شخصية المرأة الثائرة المتمردة في أغلب أدوارها، إلا في سينما السبكي نجدها تمثل دور المرأة التقليدية.

في فيلم "كلم ماما" لا تقبل بزواج ابنتها ممن تحب، بل تمارس سلطة القهر، التي أعطاها لها المجتمع على ابنتها وأصدقاء الابنة، ترفض الأم زواج ابنتها من حبيبها ابن الجيران، الذي تربى على يديها، وأمام ناظرها، عقابا لوالده الذي تأخر في طلب يد الأم للزواج. وفي نهاية المطاف تخضع لقرار الابنة في الزواج والدخول في منظومة المجتمع، كي تمارس هي الأخرى سلطتها المحددة.

جاءت شخصية عبلة كامل في فيلم "اللمبي" شخصية تقليدية لأم مصرية وأرملة، عاشت حياتها كي تربي ابنها، وتسهل السبل جميعها من أجل سعادته. ولا تترك أحدا تعرض له بسوء وتخبره بكيفية التعامل مع الأشخاص قائلة جملتها الشهيرة "اللي يقرب منك قطعه".

على النقيض جاءت أدوارها في فيلم "عودة الندلة"، و"بلطية العايمة"، حيث قدمت في "عودة الندلة" شخصية المرأة المتمردة الثائرة على القيود، التي وضعت لها، تبحث عن ابنها، ولا تتوقف عند البحث، ضاربة بكافة الأعراف والتقاليد عرض الحائط.

وفي فيلم "بلطية العايمة" شخصية المرأة المكافحة ضد الرأسمالية التي تهددها وتهدد حياة أبنائها، فهي تقف في وجه الظلم ولا تتوقف عن الكفاح والمثابرة، حتى وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، فهي تجسيد حي لشخصية واقعية من أبناء المجتمعات الشعبية التي وقفت في وجه الظلم وفازت.

(مصر)
المساهمون