تفيد جميع المعطيات بأن القمة العربية التي ستُعقد السبت والأحد في مدينة شرم الشيخ، ستسير بالعناوين واللقطات نفسها التي ظهرت عليها قمة دعم الاقتصاد المصري في المدينة ذاتها، ولن تعدو كونها تكملة للقمم العربية السابقة التي لم تتجاوز الشجب والإدانة في ظل بروباغندا إعلامية موجّهة من الإعلام المصري يُراد من خلالها إعطاء القمة مكانة من شأنها تعزيز النظام المصري.
ثمة تساؤلات عدة تتعلق بالموقف العربي وما هو مطروح على أجندة القمة التي تولي اهتماماً غير مسبوق بقضية الأمن العربي ومواجهة الإرهاب ودعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب، وهل ستكون هذه القوة في إطار اتفاقية الدفاع العربي المشترك المعطلة منذ أربعينيات القرن الماضي، أم ستكون بعثاً جديداً يحمل الدلالات الجديدة لواقع العالم العربي بعد 30 يونيو/حزيران.
ثم ما هو الموقف العربي من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن صراحة مراراً وتكراراً أنه لن يقبل بإقامة دولة فلسطينية ولن يسمح بها في عهده؟
ثالث القضايا كيف يتعامل القادة العرب مع التطورات الأخيرة في عدد من الدول العربية تحت عنوان جامع واحد: النفوذ الإيراني أكان في اليمن أو في لبنان والعراق وسورية؟
حول هذه المواضيع، علمت "العربي الجديد" أن قرارات القمة العربية السادسة والعشرين في شرم الشيخ لن تخرج بالشكل الذي يعكس حجم التحديات التي تواجهها المنطقة العربية، وأن قرارات القمة التي تناولت كل القضايا المثارة على الساحة لن تكون سوى قرارات شجب وإدانة باستثناء دعوة مصر لإقامة قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب؛ إذ لن يتضمن البيان الختامي المقرر أن يناقشه وزراء الخارجية العرب اليوم الخميس ما يتحدث عن إمكانية تحقيق ذلك وإرجاء هذا القرار ليبتّ فيه القادة العرب.
قرارات واعتراضات
وكان مشروع قرارات القمة العربية الذي ناقشه المندوبون الدائمون لعرضه على الاجتماع الوزاري اليوم قد تم تسريبه أمس، وكان من أبرز ما تضمنته القرارات التحفظ القطري على قرار يدعو لدعم الحكومة الشرعية وتسليح الجيش الليبي.
وينص مشروع القرار حول التطورات في اليمن على أن "المجلس يؤكد أهمية وضرورة الالتزام الكامل بالحفاظ على وحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، والوقوف إلى جانب الشعب اليمني فيما يتطلع إليه من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية، وتمكينه من تحقيق التنمية الشاملة التي يسعى إليها". كما يؤكد "أهمية الاستمرار في دعم ومساندة الشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، وما يبذله من جهود وطنية للمحافظة على كيان الدولة اليمنية ومؤسساتها، واستئناف العملية السياسية والدفع بعملية الحوار الجارية بين مختلف المكونات السياسية، استناداً إلى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة". ويعتبر "ما أقدمت عليه جماعة الحوثي من خطوات تصعيدية أحادية الجانب بمثابة خروج على الشرعية الدستورية والإرادة الوطنية المتمثلة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتعطيل للعملية السياسية الانتقالية". ويرحب بإعلان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز باستضافة مؤتمر تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية تشارك فيه كافة الأطراف السياسية اليمنية الحريصة على أمن اليمن واستقراره.
اقرأ أيضاً: أحاديث "اتفاقية الدفاع العربي"... حاوِل مرّة أخرى
وتتضمن مشروعات القرارات مشروع قرار حول التطورات الخطيرة في ليبيا، ويؤكد مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة مجدداً ضرورة الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والحفاظ على استقلالها السياسي، والالتزام بالحوار الشامل بين القوى السياسية النابذة للعنف والتطرف ودعم العملية السياسية تحت رعاية مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون. ويطالب مشروع القرار بتقديم الدعم الكامل بما فيه الدعم السياسي والمادي للحكومة الشرعية وتوفير المساعدات اللازمة لها لصون وحماية سيادة ليبيا، بما في ذلك دعم الجيش الوطني حتى يستطيع مواصلة مهمته الرامية للقضاء على الإرهاب وبسط الأمن في ليبيا.
كما يطالب مشروع القرار مجلس الأمن بسرعة رفع الحظر عن واردات السلاح إلى الحكومة الليبية باعتبارها الجهة الشرعية ليتسنى لها فرض الأمن ومواجهة الإرهاب، ودعوة المجتمع الدولي لمنع تدفق السلاح إلى التنظيمات والجماعات الإرهابية في ليبيا.
وحول مشروع القرار تجاه ليبيا، علمت "العربي الجديد" أن مندوب الجزائر نذير العرباوي قال في تصريح: "من وجهة نظر بلادي فإن الجزء المتعلق برفع الحظر وتسليح الجيش الليبي يندرج ضمن السياق السياسي، وهو جزء من الحل التوافقي المنشود من قبل المجتمع الدولي باعتباره السبيل الوحيد لحل الأزمة الليبية، وذلك من خلال الحوار الشامل التوافقي بين الأشقاء الليبيين وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مواجهة التحديات والمخاطر في ليبيا باعتبارها المؤهلة للقيام بالمهام السيادية لكل جيش وطني والمساهمة الفعالة في محاربة الإرهاب وبالتالي الحصول على الدعم والمساعدات الأمنية والعسكرية".
كما علمت "العربي الجديد" أن قطر تحفّظت على القرار حول ليبيا بالكامل بموجب مذكرة قدمتها إلى المجلس.
ودعا المجلس، الحكومة الإيرانية مجدداً إلى إنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، والكف عن فرض الأمر الواقع بالقوة والتوقف عن إقامة أي منشآت فيها بهدف تغيير تركيبتها السكانية والديمغرافية. كما دعاها مجدداً إلى الدخول في مفاوضات جادة ومباشرة مع الإمارات أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لإيجاد حل سلمي، وفقًا لقواعد ومبادئ القانون الدولي.
قلق من الأزمة السورية
وفي مشروع القرار حول التطورات الخطيرة في سورية، يعرب مجلس الجامعة العربية عن بالغ القلق إزاء تفاقم الأزمة السورية، وما تحمله من تداعيات خطيرة على مستقبل سورية وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية، ويؤكد مجدداً ضرورة تحمّل مجلس الأمن مسؤولياته الكاملة إزاء التعامل مع مختلف مجريات الأزمة السورية. ويطالب الأمين العام للجامعة العربية بمواصلة مشاوراته واتصالاته مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا ومختلف الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى إقرار خطة تحرك مشتركة تضمن إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية، وفقاً لما جاء في بيان مؤتمر جنيف 1، وبما يلبي تطلعات الشعب السوري بكافة مكوناته وأطيافه. ويرحب مشروع القرار بنتائج اجتماعات القاهرة وموسكو ومساعيهما لإحياء مسار الحل السياسي التفاوضي للأزمة السورية على أساس بيان جنيف 1.
ويؤكد مشروع قرار حول تطورات القضية الفلسطينية مجدداً على أن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي، وأن عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها، وأن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يتحقق إلا من خلال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بما في ذلك الجولان العربي السوري المحتل وحتى الخط الرابع من يونيو 1967.
ويجدد مشروع القرار دعوته لمجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في صون السلم والأمن الدوليين، والتحرك لاتخاذ الخطوات والآليات اللازمة لحل الصراع العربي الإسرائيلي بكافة جوانبه، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة على أساس حل الدولتين.
ويشيد مشروع القرار بقرار السويد الاعتراف بدولة فلسطين، وتثمين المواقف والتوصيات الصادرة عن برلمانات المملكة المتحدة، وايرلندا، وإسبانيا، وفرنسا، وبلجيكا، والبرتغال، وإيطاليا، بالإضافة إلى برلمان الاتحاد الأوروبي في هذا الخصوص، ويدعم مشروع القرار قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الداعية لإعادة النظر في كل العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع دولة الاحتلال، بما يضمن إجبار إسرائيل على احترام الاتفاقيات الموقعة، واحترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
وفيما يتعلق بالقدس والاستيطان، يؤكد مشروع القرار، التمسّك بإقامة دولة فلسطين المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتُلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، ورفض الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية. كما يؤكد عروبة القدس ويدين الانتهاكات الخطيرة غير الشرعية وغير القانونية التي تمارسها إسرائيل في مدينة القدس تجاه المسجد الأقصى.
ويدعو العواصم العربية للتوأمة مع مدنية القدس عاصمة دولة فلسطين، ودعوة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التعليمية والثقافية والاقتصادية والصحية للتوأمة مع المؤسسات المقدسية المماثلة دعماً لمدينة القدس.
ويطالب مشروع القرار، المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، خصوصاً مجلس الأمن، باتخاذ الإجراءات اللازمة لإرغام إسرائيل على وقف بناء جدار الفصل العنصري. ويشدد على الاستمرار في التأكيد عدم شرعية وعدم قانونية المستوطنات وإدانة النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية بأشكالها كافة، وخصوصاً في القدس.