قمة الأطلسي اليوم: "داعش" والأزمة الأوكرانية أولاً

لندن

شذى الجبوري

avata
شذى الجبوري
04 سبتمبر 2014
BB1DF806-7CC2-4DB9-9EBF-53D46F258A90
+ الخط -

تتصاعد التحديات التي تواجهها الدول الـ28 لحلف شمال الأطلسي، مع اقتراب موعد القمة المقرر عقدها في جنوب مقاطعة ويلز، في المملكة المتحدة، اليوم الخميس وغداً الجمعة.

وعلى الرغم من وضوح أهدافها، تصطدم الدول الأعضاء في الحلف بحقيقة أنها باتت منقسمة إزاء تحقيق هذه الأهداف، وفي ظل تعقيد المشهد الدولي وتنوع مهام الحلف، بالتزامن مع ازدياد عدد الدول الأعضاء وتقاطع مصالحها. فبعد انهيار جدار برلين في 1989، وانضمام دول أخرى للحلف، اتسعت مهامه لتشمل إرسال مساعدات إنسانية وتأسيس بنى تحتية في البلدان التي دمرتها الحروب والصراعات، بالإضافة إلى مكافحة "الإرهاب" والقضاء على جرائم الفضاء الإلكتروني. ومنذ حلول القرن الواحد والعشرين، لم تتمكن الدول الأعضاء من رسم رؤية مشتركة حول السياسات العامة للحلف، وتحديد مدى خطورة التهديدات والتحديات التي تواجهها، ولاسيما في ما يتعلق بالدخول في صراعات عسكرية لحماية حلفائها من خارج الحلف.

ومن أهم القضايا الشائكة التي يحاول الحلف مناقشتها، صعوبة توحيد الاستراتيجيات والأهداف للدول الأعضاء، وذلك لأنها محكومة بأوضاعها الجيوسياسية المختلفة. ويتوقع أن تصطدم المناقشات، اليوم خلال القمة، بهذه التحديات، وهذا ينطبق، بطبيعة الحال، على رؤية كل دولة عضو في الحلف، للتدخل الروسي في أوكرانيا. فبعض هذه الدول لا ترى أن الأزمة الأوكرانية، هي من القضايا الملحة وعلى رأس أولوياتها. فقد أظهرت الأزمة الأوكرانية عمق الخلاف الداخلي، وكشفت أن لدى الحلف نقاط ضعف كثيرة، ما دفع بروسيا إلى التمادي في تدخلها في أوكرانيا، مستغلة نقاط الضعف هذه.

وفي هذا السياق، ترى الباحثة في المعهد الملكي للعلاقات الدولية "جتهام هاوس" في لندن، كاثلين ماكلنيز، أن "اولويات هذه الدول تتقاطع، فعلى سبيل المثال، روما تهتم بالأزمة الليبية، وبدول شمال أفريقيا بصورة عامة، أكثر من اكتراثها بالأزمة الروسية ــ الأوكرانية". وتقول ماكلنيز إن "على الحلف السعي إلى توحيد اولويات أعضائه".

ومع أن حقيقة اتخاذ الحلف قرارته بالإجماع تعكس الجو الديمقراطي الذي يتمتع به، إلا أنه في الوقت ذاته، يفضي ذلك الى التأخر في التوصل لاتفاق، ولاسيما في ظل الزيادة التي حصلت في عدد أعضائه واختلاف أولوياتهم. وهذه المعضلة أصبحت تؤرق مضجع الدول الأعضاء، لاسيما في ظل تصاعد التهديد الروسي. وأصبحت هذه الدول تبحث عن امكانية تحقيق رد سريع على أي عدوان محتمل عليها، بشرط عدم المساس بمبدأ التوافق الشامل داخل الحلف.

ويبدو أن هذه الدول قد حسمت أمرها بنشر قوة للرد السريع تتمركز في الدول الأعضاء الواقعة في أوروبا الشرقية، لمجابهة أي عدوان محتمل من قبل روسيا، ولوضع حد لقضمها التدريجي للأراضي الأوكرانية. وهذا ما كشفه الأمين العام للحلف، أندرس فوغ راسموسن، في تصريحه من بروكسل، الاثنين الماضي، وكذلك في تصريحات مسؤولين آخرين في الحلف الأطلسي، إذ أعلن هؤلاء أن قوة يراوح عددها بين 3 الآف  و5 آلاف عسكري، سترسل الى تلك الدول، وفي غضون فترة قصيرة جداً، قد لا تتعدى اليومين. ويتوقع من الدول الأعضاء في الحلف أن تضع اللمسات الأخيرة على قرارها هذا، خلال القمة في ويلز، لأنها باتت تدرك أن روسيا يمكن ان تجتاح مناطق اخرى وبسرعة فائقة، على غرار تحركها العسكري الأخير في شرق أوكرانيا.

وتطالب الدول الأعضاء في شرقي أوروبا، الحلف بنشر قوات كبيرة، تتمركز بشكل دائم في أراضيها، وذلك تحسباً لأي هجوم محتمل قد تشنه روسيا ضدها. لكن هذه الدول تصطدم برفض الأعضاء الآخرين لمطالبها، وذلك بسبب الكلفة الباهظة التي سيتحملها الحلف لتحقيق ذلك، بالإضافة إلى أن ذلك يعني خرق بنود الاتفاق بين الحلف وروسيا الموقع في 1997، والذي ينص على عدم نشر قوات بشكل دائم في دول شرق أوروبا. ولتجاوز هاتين العقبتين، يتوقع عدد من قادة الدول الأعضاء، مناقشة إرسال أسلحة ومستلزمات عسكرية والمزيد من الطائرات المقاتلة، بالإضافة إلى زيادة التدريبات والمناورات العسكرية في تلك الدول، لضمان سرعة الرد على أي اعتداء روسي عليها. وفي السياق، يقول راسموسن، حول جدوى هذه القوة: "بهذه الطريقة، سنضمن وصول قوة الرد السريع، وفي وقت قياسي، لمواجهة أي عدوان محتمل". 

يبدو أن الهدف الرئيس وراء تشكيل قوة الرد السريع، هو استعراض قوة الحلف، أكثر من كونه لأسباب دفاعية، إذ يريد إيصال رسالة إلى روسيا، مفادها أنه مستعد للرد عليها، في حال قررت الاعتداء على إحدى الدول الأعضاء. ويرى مراقبون أن تشكيل هذه القوة، لن يكون كافياً للرد على التدخل الروسي في أوكرانيا، وأن حرص الدول الأعضاء على تقليص ميزانية الصرف على الأمور الدفاعية، يعكس أنها باتت لا تؤمن كثيراً بمدى فاعلية الحلف وأهميته. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، خصصت الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف الأطلسي، في تسعينيات القرن الماضي، نحو 2.3 في المئة من دخلها القومي الإجمالي للأمور الدفاعية للحلف، ولكن هذه النسبة هبطت إلى نحو 1.9 في المئة حالياً.

أما دول البلقان في الحلف، باستثناء الدول المجاورة لروسيا، فهي غير مستعدة لتخصيص أكثر من 2 في المئة من دخلها القومي الإجمالي لأغراض دفاعية للحلف الأطلسي، وهذا ما يبرر الانتقادات التي توجهها الولايات المتحدة إلى هذه الدول، وتهديداتها المستمرة بعدم الدفاع عن أي دولة عضو لا تدفع أكثر من 2 في المئة من دخلها القومي الإجمالي للأغراض الدفاعية للحلف. 

وترى روسيا أن قوة الرد السريع التي أعلن عنها الحلف الأطلسي، الاثنين الماضي، تهديد خطير لأمنها القومي، ما دفعها الى السعي لدراسة "طرق مواجهتها"، بحسب نائب رئيس المجلس العسكري الروسي، ميخائيل بوبوف، الذي قال، يوم الثلاثاء، إن "توسيع الدفاع العسكري للحلف الأطلسي، ليصل إلى حدودنا، أمر غير مقبول".

وتزامنت تصريحات المسؤول العسكري الروسي، مع تهديدات وجهها وزير الخارجية، سيرغي لافروف، إلى أوكرانيا، ومفادها أن الأخيرة ستضيع كل الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق مع الانفصاليين المؤيدين لروسيا في شرق أوكرانيا، في حال قررت الانضمام إلى الحلف.

وتأتي هذه التهديدات الروسية العلنية، بالتزامن مع تسريبات تناقلتها الصحف، توضح أن فلاديمير بوتين أخبر رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، أنه "باستطاعتي اجتياح كييف في غضون أسبوعين، لو شئت"، رغم عودة بوتين للاشارة إلى أن تصريحاته "أُسيء فهمها".

ويعزو بعض المراقبين التدخل الروسي في أوكرانيا إلى توسع الحلف في عدد أعضائه ونشاطاته منذ الحرب الباردة، لأن روسيا شعرت بالانعزال. ويرفض اعضاء الحلف هذا الطرح، مؤكدين أن توسيع عضويته أفاد أوروبا بشكل عام، والدول الأعضاء بشكل خاص، بينما يؤكد راسموسن أن "الحلف سيبقى يستقبل المزيد من الأعضاء، طالما هناك رغبة من دول أخرى بالانضمام". ويرى مراقبون أن لا دول الاتحاد الأوروبي، ولا الولايات المتحدة، ستدخل في حرب ضد روسيا، وأن هؤلاء يفضلون الرد على التدخل العسكري لروسيا من خلال فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها.

أما موقف الحلف إزاء تصاعد خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" وتهديده للغرب، فلا يتوقع من زعماء الدول الأعضاء أن يخرجوا من القمة بإعلان موحد عن تحرك عسكري للحلف ضد التنظيم. وبما أن الرئيس باراك أوباما قرر تأجيل اتخاذ خطوات تتعدى الضربات الجوية في شمال العراق، "إلى ما بعد تشكيل حلف اقليمي ضد التنظيم المتطرف"، الذي من المتوقع أن ترسمه نتائج جولة وزير خارجيته، جون كيري، لدول المنطقة، فهذا يعني أن القمة لن تخرج بموقف موحد ضد "داعش".

وفي هذا الصدد، نقلت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، في 28 أغسطس/آب الماضي، عن نائب الأمين العام للحلف الأطلسي، ألكسندر فيرشبو، قوله إنه "من المستبعد أن يتخذ الحلف موقفاً موحداً ضد تنظيم الدولة الإسلامية"، متوقعاً أن "يساعد الحلف الحكومة العراقية من خلال تدريب قواتها أو دعمها بالاسلحة"، مشترطاً أن "يتعاون السياسيون العراقيون في ما بينهم". أخيراً، يتوقع خلال القمة مناقشة إمكانية تحسين القدرات الاستخباراتية للدول الأعضاء والدول الحليفة، وخصوصاً في ظل تعقد المشهد في أوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط.

ذات صلة

الصورة
تواصل الاحتجاجات ضد "هيئة تحرير الشام"، 31/5/2024 (العربي الجديد)

سياسة

شهدت مدن وبلدات في أرياف محافظتي إدلب وحلب الواقعة ضمن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام احتجاجات ضد زعيمها أبو محمد الجولاني وجهازها الأمني
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
الصورة

سياسة

قُتل 40 شخصاً على الأقل، وجُرح العشرات، في إطلاق نار أعقبه اندلاع حريق، مساء اليوم الجمعة، في صالة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو.
الصورة

سياسة

قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، اليوم الأحد، إن إرهابيين نفذا هجوما بقنبلة أمام مباني الوزارة في أنقرة، مضيفا أن أحدهما قتل في الانفجار بينما قامت السلطات هناك "بتحييد" الآخر.
المساهمون