سلّطت صحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر صباح اليوم الخميس، الضوء على قلق القيادة الإسرائيلية من تقديم الولايات المتحدة تنازلات جديدة لإيران في ما يتعلق بمشروعها الذري، خصوصاً على ضوء بوادر تعاون أميركي إيراني في العراق. وبناءً على هذا القلق، قررت الأجهزة الإسرائيلية التحرك باتجاه الدول الغربية، واشنطن ولندن وباريس، حيث يتوقع أن يجري وفد إسرائيلي رفيع جولة على تلك العواصم الأسبوع المقبل.
وقال موقع "هآرتس"، إن إسرائيل تعتزم إجراء اتصالات مكثفة وحثيثة مع الدول الكبرى قبل بدء الجولة الأخيرة من المفاوضات مع إيران، إذ تخشى إسرائيل من قيام الولايات المتحدة والدول الكبرى بتليين مواقفها بشأن حجم ونطاق اليورانيوم المخصب الذي يسمح لإيران بالاحتفاظ به في إطار الاتفاق النهائي.
وبحسب مسؤولين إسرائيليين كبار، فإنه على الرغم من التوتر في المواقف الذي ميز الجولة الخامسة من المفاوضات في فيينا، وخلافاً للتصريحات الإيرانية بأن الولايات المتحدة عرضت مواقف حادة ومتطرفة، غير أن إسرائيل رصدت تراجعاً في موقف الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى في جولة المفاوضات الأخيرة. مع العلم، بأن إسرائيل راضية عن المواقف الغربية في مسألة المياه الثقيلة في مفاعل "أراك"، أو حجم اليورانيوم المخصب، أو ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية الموجّهة، غير أن القلق يكمن في "تآكل"، وفق التعبير الإسرائيلي، الموقف الأميركي وباقي الدول الكبرى في مسألة منظومة تخصيب اليورانيوم لدى إيران، وهو ما تعتبره إسرائيل المركب الأخطر في مشروع الذرة الإيراني.
ونقلت الصحيفة عن جهات سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها، إن إسرائيل رصدت مؤشرات تفيد بأن الدول الكبرى لمّحت إلى إيران بأنه سيكون بمقدورها الاحتفاظ ببضعة آلاف من أجهزة الطرد المركزية، بعدما كان نص الاتفاق على الإبقاء على بضع مئات فقط من هذه الأجهزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدول الكبرى تحدثت بداية عن إبقاء ما بين 300 و500 جهاز من أجهزة الطرد المركزية لمنح إيران مخرجاً مشرِّفاً في المفاوضات، لكن وبعد الجولة الأخيرة من المفاوضات، تبلور لدى إسرائيل تخوف من أن تكون هذه الدول قد لمّحت إلى إيران بأنها ستكون مستعدة للإبقاء على عدد أكبر من ذلك بكثير من أجهزة الطرد المركزي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات بين الغرب وإيران أن الحديث يدور حول رقم يراوح ما بين 2000 و4000 جهاز، مما يعني أن إيران ستبقى دولة حافة نووية، قادرة على تطوير قدرات ذرية خلال فترة قصيرة من الوقت.
ويأتي هذا الموقف الإسرائيلي مع اقتراب موعد الجولة الأخيرة من المفاوضات بين إيران والدول الكبرى "5+1" (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا)، التي من المقرر إطلاقها في الثاني من يوليو/تموز المقبل في فيينا، وينتظر أن تستمر الجولة حتى 20 من الشهر نفسه، وهو الموعد الذي حدد للتوقيع على الاتفاق النهائي مع إيران وإنهاء المفاوضات.
وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد أكد خلال لقائه أمس بالرئيس الأميركي براك أوباما، في واشنطن، أن "عدم الاتفاق مع إيران أفضل مع اتفاق سيئ"، داعياً إلى وجوب نزع كل اليورانيوم المخصب وإخراجه من إيران، على غرار إخراج الأسلحة الكيماوية من سورية.
من جهة ثانية، كشف موقع "هآرتس" أن إسرائيل تعتزم إطلاق اتصالات ومحادثات مكثفة مع الدول الغربية. وفي هذا السياق، يرتقب أن يتوجه وفد إسرائيلي رفيع المستوى يتقدّمه وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شطاينتس، ومستشار الأمن القومي يوسي كوهن ورئيس القسم الاستراتيجي في وزارة الخارجية جيرمي شيسخاروف، إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، لإجراء مشاورات استراتيجية مع طاقم المفاوضات الأميركي.
ومن المقرر أن يلتقي الوفد الإسرائيلي الذي يضم أيضاً عناصر من الاستخبارات العسكرية و"الموساد" وأعضاء من اللجنة لإسرائيلية للطاقة الذرية، مع نائب وزير الخارجية الأميركي، بيل برانس، ورئيسة الطاقم الأميركي للمفاوضات مع إيران ويندي شيرمان، ومسؤولين من البيت الأبيض، قبل أن يتوجه إلى كل من لندن وباريس لإجراء لقاءات مع وزيري الخارجية البريطاني والفرنسي.
وكان نتنياهو قد أجرى أمس اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مطالباً باتخاذ موقف إزاء إيران وعدم الاكتفاء بمراقبة منشآتها الذرية لأن ذلك لن يكون كافياً لمنع تقدمها نحو امتلاك قدرات نووية. ويعتزم نتنياهو إجراء سلسلة اتصالات مشابهة مع زعماء الدول الكبرى المشاركة في المفاوضات مع إيران.