كشف مسؤول كبير في وزارة المالية المصرية، عن أن مشتريات الأجانب في أدوات الدين الحكومية سجلت قفزات كبيرة خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على هذه الديون.
وانتقد خبراء اقتصاد "هرولة الحكومة" نحو الاقتراض غير المسبوق، مؤكدين أن استثمار الأجانب في أدوات الدين لا يخدم اقتصاد البلاد وإنما يزيد أعباء خدمة "الأموال الساخنة" للأجانب.
وقال المسؤول في قطاع الدين العام فى وزارة المالية في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن حجم مشتريات الأجانب في أذون وسندات الخزانة (أدوات دين قصيرة وطويلة الأجل) سجل ارتفاعا كبيراً بلغ 14 مليار دولار منذ نوفمبر/ الثاني الماضي وحتى مطلع أغسطس/ آب الجاري، مقارنة بنحو 9 مليارات دولار في الفترة المناظرة.
وتشهد أسعار الفائدة على أدوات الدين ارتفاعا غير مسبوق، على خلفية رفع البنك المركزي المصري أسعار العائد بنسبة 2% مطلع يوليو/ تموز الماضي، لتصل إلى 18.75% للإيداع و19.97% للإقراض.
وأشار المسؤول إلى أن هناك إقبالا كبيرا من الأجانب على تغطية أدوات الدين التي تطرحها وزارة المالية والبنوك المحلية المتعاملة فى الديون الحكومية، معتبرا أن هذه الاستثمارات عملت على توفير سيولة جيدة لتمويل عجز الموازنة.
وتقدر الحكومة العجز في موازنة العام المالي الحالي 2017/3018 (بدأ مطلع يوليو/تموز الماضي) بنحو 384 مليار جنيه (21.7 مليار دولار).
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية، تعتزم الوزارة إصدار أدوات دين بقيمة 151.5 مليار جنيه (8.5 مليارات دولار) خلال أغسطس/ آب الجاري.
وكان مسؤول حكومي قال في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن الشهر الجاري يشهد التزامات مالية كبيرة على الخزانة العامة لسداد ديون مستحقة إلى جانب تمويل عجز الموازنة، بالإضافة إلى صرف مرتبات موظفي الدولة، لافتاً إلى أن صافي الاقتراض الذي تحتاج له الموازنة خلال العام المالي الحالي يقارب 600 مليار جنيه (34 مليار دولار).
وبحسب المسؤول في إدارة الدين العام بوزارة المالية فإن الحكومة ستعتمد بشكل أكبر على إصدار أذون الخزانه قصيرة الأجل للسيطرة على ارتفاع أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل، معتبرا أن "ارتفاع استثمارات الأجانب في أدوات الدين علامة ثقة في الاقتصاد".
لكن وائل النحاس، الخبير الاقتصادي المصري، قال إن ارتفاع استثمارات الأجانب في الديون الحكومية مؤشر على ضعف الاقتصاد، حيث تعد أموالاً ساخنة يحصد الأجانب منها الأرباح وحدهم دون استفادة الاقتصاد المحلي من ذلك.
وأشار النحاس في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى ضرورة تعديل قانون البنك المركزي، بحيث يُسدد الأجنبى عمولة على تحويل أمواله للخارج في حالة الأموال الساخنة التي تدخل وتخرج خلال أجل زمني قصير.
وأضاف أن تلك الخطوة ستضمن جذب استثمارات أجنبية جادة طويلة الأجل، وفى حالة دخول أموال للمضاربات سواء في أدوات الدين أو البورصة يستفيد الاقتصاد المصري منها مرتين الأولى فى تمويل الاحتياجات والثانية في مشاركة الدولة المستثمر في جزء من الأرباح المتحققة.
وأضحت الحكومة تعتمد بشكل كبير في سداد ديون مستحقة بديون جديدة باتت تطرحها بشكل دوري خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وكشف مسؤول حكومي بارز عن اعتزام وزارة المالية طرح مناقصة دولية في الصحف الاقتصادية العالمية لتلقي عروض البنوك والمؤسسات المالية الراغبة في إدارة الطرح المصري المرتقب لإصدار سندات دولارية جديدة في السوق العالمية.
واقترضت مصر من السوق الدولية 7 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي لسد الفجوة التمويلية. وأشار المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه في اتصال هاتفي، إلى أن قيمة الطرح قد تصل إلى 4 مليارات دولار. ووافق مجلس الوزراء المصري في وقت سابق من العام الحالي على رفع الحد الأقصى للسندات الدولية المطروحة إلى 7 مليارات دولار.
وتوقع المسؤول طرح المناقصة العالمية ما بين شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول المقبلين، على أن تتم عملية الطرح في ديسمبر/ كانون الأول أو يناير/كانون الثاني.
وعن ارتفاع الدين الخارجي لمصر بسبب السندات الدولية التي يجري طرحها، اعتبر المسؤول أن "مصر لا تزال في الحدود الآمنة للدين الخارجي، فالمؤشرات العالمية تحدد نسبة الأمان بـ 30% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ما زال الدين الخارجي دون 20%".
وكان البنك المركزي، أعلن أخيراً أن الدين الخارجي ارتفع إلى 73.9 مليار دولار، في نهاية مارس/آذار الماضي، بزيادة 18 مليار دولار عن نهاية يونيو/حزيران 2017.