قطارات تونس تترقّب الإصلاحات

14 سبتمبر 2016
في آخر حادثة لاقى 86 حتفهم (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تتكرر حوادث القطارات في تونس والتي يذهب ضحيتها عشرات الأشخاص. ويطرح السؤال عن سبب تلك الحوادث في السنوات الأخيرة، فيما طالب موظفون عاملون في الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية أكثر من مرّة بفتح تحقيق جدّي حول الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الظاهرة التي تثير فزع المواطن. ويعيد بعض المختصين كثرة الحوادث إلى قدم أسطول القطارات من جهة، وإلى رداءة القطارات المستوردة من جهة أخرى.

ولعلّ آخر فاجعة سجّلت كانت حادثة 16 يونيو/ حزيران الماضي في منطقة العمايم في جهة زغوان، التي لاقى فيها 18 شخصاً حتفهم فيما جُرح 86 آخرين. أحمد من ضحايا الحادثة، ما زال يعاني من جرّاء إصابته على مستوى ظهره. هو بات عاجزاً عن العمل، بعدما قضى أشهراً طويلة من دون أيّ حركة. من جهته، أصيب صالح في الحادثة نفسها بجروح خلّفت ضرراً في يده اليمنى. وقد أثّر ذلك على عمله، إذ لم يعد قادراً على حمل أشياء ثقيلة بها. يُذكر أنّ صالح هو عامل مياوم في البناء والفلاحة.

في عام 2014، سجّلت الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية 108 حوادث قطارات، منها 56 حادثاً سببها التقاطعات المجهزة بحواجز آلية. ويقول عصام الدين الفتاتي وهو تقنيّ في الآلية الصناعية ومساعد سائق قطار، إنّ "نتيجة عدم قدرتهم على استخدام أجهزة اللاسلكي، يضطرّ سائقو القطارات إلى استعمال هواتفهم الخلويّة للتواصل مع مركز التحكم وفي ما بينهم". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "ضعف المشرفين على صيانة السكك يعدّ أحد أبرز أسباب ارتفاع حوادث الطرقات، خصوصاً أنّ معظمهم ليسوا خريجي جامعات الهندسة. ومن الأسباب أيضاً بناء المحطات العشوائي وتجاوز السرعة المسموح بها للوصول في الوقت المحدد". ويتابع الفتاتي أنّ "ما يزيد حوادث القطار الكهربائي في الآونة الأخيرة، هو عدم إيجاد حلول حقيقية لإصلاح هذه المنظومة".

من جهته، يوضح عماد محجوب وهو ممثل عمّال الدرجة الأولى في الشركة الوطنية، أنّ "أوضاع العمّال وسائقي القطارات صعبة للغاية. يعمل بعض السائقين أكثر من عشر ساعات يومياً، وهو أمر يرهقهم ويفقدهم القدرة على التركيز ويتسبّب في أخطاء مهنية". ويتحدّث لـ "العربي الجديد" عن "عدم العدل في توزيع العطل وتقسيم ساعات العمل، التي قد تصل إلى 12 ساعة مع احتساب الساعات الإضافية".

تجدر الإشارة إلى أنّ الفصل 17 من مجلة الطرقات يلزم السائق عند الاقتراب من تقاطع طريق مع سكك حديدية أن يخفّض سرعته وأن يمتثل لإشارات الوقوف، وألا يجتاز ذلك التقاطع إذا كانت حواجزه أو نصف حواجزه ممدودة على عرض الطريق أو في حركة. كذلك، عليه ألا يجتاز تقاطع طريق مع سكة حديدية غير محروسة، إلا بعد التأكد من عدم وجود أيّ خطر والتيقّن من عدم اقتراب أيّ عربات على السكة الحديدية. من جهة أخرى، يحظر القانون التجوّل فوق السكك الحديدية.

ويشير محجوب إلى أنّ "حوادث تصادم القطارات بمعظمها، تقع عند التقاطعات. والتقاطعات المجهزة بحواجز أوتوماتيكية تمثل عشرين في المائة تقريباً من مجموع التقاطعات، معظمها في مناطق حضرية. لكنّ نسبة الحوادث المسجلة عندها، تعدّ مرتفعة نسبياً وتتراوح ما بين 45 و55 في المائة من مجموع الحوادث المسجلة خلال السنوات العشر الأخيرة. وقد يفسر ذلك بتعمّد بعض سائقي العربات خرق الحواجز الآلية حين الإعلان عن اقتراب قطار".

في سياق متّصل، نفّذ عمّال وسائقو القطارات وقفات احتجاجية في أكثر من مرة، للمطالبة بالتخفيف في ساعات العمل وإيجاد مساعدين للسائقين بهدف التخفيف من طول ساعات العمل عليهم وتفادي إرهاق السائق. ويقول الكاتب العام للنقابة العامة للسكك الحديدة محمد السعيدي إنّ "الإدارة رفضت الاستجابة لمطالب السلك المرتبطة باعتماد مساعدين لسائقي القطارات، من أجل تأمين سلامة المسافرين والمعدّات، وفق ما ينصّ القانون الداخلي للشركة". ويوضح أنّ "القطارات بمعظمها تعمل بسائق واحد، وهو ما يزيد فرضية ارتفاع عدد الحوادث في حال توعّك صحة السائق الذي يعمل لساعات عدّة ولمسافات طويلة". يضيف السعيدي أنّ "ذلك إلى جانب المطالبة بضمان سلامة الأعوان، إذ إنّ إشارات ضوئية عدّة معطلة، الأمر الذي يتسبب في ارتطام القطارات ببعضها بعضاً ووقوع حوادث خطيرة".

من جهة أخرى، يلفت السعيدي إلى أنّ "جملة المطالب المهنية لسائقي القطارات مثلت محور محاضر جلسات متكررة، لم تفعّل على أرض الواقع. وهو الأمر الذي اضطرّ القطاع إلى تنفيذ إضرابات عدّة".

دلالات